بشاير المطيري 1 أغسطس 2018
مبادرة إماراتية لتنمية الريف الأفغاني وتحسين نوعية الحياة في هذا البلد الذي نكبته الصراعات والحروب، فتضررت فيه الخدمات الصحية والتعليمية، وكالعادة فإنّ النساء والأطفال هم الأكثر تضرراً من الاضطرابات السياسية والأمنية.
هي مبادرة توجّهت في أفغانستان نحو النساء في بيوتهنّ، دون ضجيج إعلامي، شأن الأعمال الخيرية الكبرى التي يحركها الضمير الإنساني، والإيمان بمساعدة البشر ومدّ يد العون لهم، دون انتظار إشادة وثناء.
هذا نهج وضع أسسه الأب المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، مؤسس مدرسة الخير الإماراتية، وسار على رؤيته قادة الدولة وشعبها، ومن بين المبادرات المهمة في أفغانستان، مبادرة الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد، التي انعكست رخاءً معيشياً على عشرات آلاف الأفغانيين، ممن باتت لهم دخول شهرية من إنتاج السجاد وتصديره وتسويقه، في إطار مشروع تنموي يرفع من قيمة العمل، ويكافح البطالة المنتشرة في أوساط الريفيات.
استقطبت المبادرة التي انطلقت في عام 2010 ثلاثة آلاف أفغاني، غالبيتهم العظمى من النساء، وتعاونت مع مصممين بارزين وجهات تسويقية داعمة، مستفيدة من المعرفة الحرفية التقليدية الشائعة عند النساء في الريف الأفغاني، ليُصبحن منتجات للسجاد المنسوج يدويّاً، ومن ثم إيجاد منافذ لبيعه في الأسواق المحلية والخارجية.
المشروع لم ينتظر وقتاً طويلاً ليدر أرباحاً على العاملات فيه، فمع تزايد الإنتاج والإقبال على صناعة السجاد اليدوية، ارتفع دخول العائلات المشاركة في أفغانستان، التي تعاني بطالة تصل إلى 65% من القوى العاملة في السوق المحلية، فيما ترتفع أكثر في صفوف النساء، وخصوصاً الريفيات، بسبب تدني المستويات التعليمية.
بذلك، تقدم مبادرة الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد نموذجاً على نجاح الأفكار الإيجابية الملهمة في عمل الخير، فالمساعدات العينية المباشرة التي يتلقاها المتضررون في بؤر الصراع ضرورية لإنقاذهم من الجوع والتشرد والمرض، لكن استدامة الحياة بنوعية تراعي الشروط الإنسانية الطبيعية، تحتاج إلى الاستثمار في القدرات الذاتية للمجتمعات، وتشجيع الدوافع المؤثرة فيها.
أجمل التحايا للمبادرة شكلاً ومضموناً، رؤية وهدفاً، توجهاً وإنجازاً. فالعالم، كل العالم، يحتاج إلى الأفكار الذكية، خاصة في العمل الخيري. وفِي العمل الخيري نحتاج إلى الضوء، ضوء القلب وضوء العقل، حتى تتحقق الغايات الإنسانية.