#تنمية ذاتية
كارمن العسيلي اليوم
لطالما انتظرت عائلتا «غالية»، و«حمدان» زواجهما بفارغ الصبر، باعتباره تقليدًا عائليًا، يعزز الروابط الأسرية، ويقويها. لكن «غالية»، التي تدرك أهمية اتخاذ قرارات واعية ومدروسة، أصرت على إجراء الفحص الجيني قبل المضي قُدمًا في الزواج. كانت «غالية» تسعى إلى التأكد من التوافق الجيني؛ لتجنب أي مخاطر صحية، قد تؤثر في حياتها، وحياة أطفالها في المستقبل.. لكن ما الفحص الجيني، ولماذا يعتبر خطوة حاسمة؛ لضمان سلامة الأجيال القادمة؟.. للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، التقينا الدكتورة أسماء ديب، استشارية ورئيسة قسم طب الغدد الصماء لدى الأطفال بمدينة الشيخ شخبوط الطبية، فأوضحت أهمية هذا الفحص، وردت على جميع التساؤلات المتعلقة به.. في هذا الحوار:
-
«الفحص الجيني» قبل الزواج.. حماية من المخاطر المحتملة
عن طبيعة الفحص الجيني، وأنواعه.. تجيب الدكتورة أسماء ديب: «إن الفحص الجيني نوع من الاختبارات الطبية، التي تحدد تغيرات الجينات، أو الكروموسومات، أو البروتينات. ويمكن أن يؤكد الفحص الجيني، أو يستبعد، وجود حالة وراثية مشتبه فيها، أو يساعد في تحديد فرصة إصابة الشخص باضطراب وراثي، أو نقله».
اختبارات عدة
ولكن، كيف يتم إجراء الفحص الجيني؟.. تحدثنا عن ذلك الاستشارية ورئيسة قسم طب الغدد الصماء لدى الأطفال بمدينة الشيخ شخبوط الطبية، قائلة:«يتم إجراء الفحص الجيني عن طريق أخذ عينة من دم الشخص، وفحصها في مختبر متخصص».
يتساءل البعض عن الهدف من الفحص الجيني؛ فأخبرتنا الدكتورة أسماء: «يمكن إجراء الفحص الجيني لأهداف عدة، مثل: الكشف عن احتمال أن يكون الشخص حاملاً لطفرة جينية، قد تسبب حالة وراثية، أو تشخيص حالة تظهر فيها أعراض سريرية، تشير إلى وجود طفرة جينية أساسية».
فما ضرورة إجراء الفحص الجيني، للمقبلين على الزواج؟.. عن هذا الأمر أوضحت الاستشارية ورئيسة قسم طب الغدد الصماء لدى الأطفال: «يهدف الفحص الجيني، قبل الزواج، إلى تحديد احتمال حمل الأزواج لبعض الأمراض الوراثية. ويتيح هذا الفحص للزوجين فهم مخاطر إنجاب أطفال يعانون أمراضاً وراثية، فيساعدهما في اتخاذ قرارات صحية مدروسة، بشأن مستقبل أسرتهما».
قبل الزواج.. ما الأمراض الوراثية، التي يمكن أن يكشفها الفحص الجيني؟ تقول الدكتورة أسماء: «يتيح الفحص الجيني الكشف عن مجموعة واسعة من الأمراض الوراثية، حيث يحمل الأشخاص العديد من الأمراض الوراثية المتنحية. ويُعدُّ الفحص الجيني أداة فعّالة؛ لتحديد حاملي الجينات المسببة للأمراض، ومن بين الأمراض الشائعة، التي يتم الكشف عنها أمراض الدم المختلفة، مثل: فقر الدم المنجلي، والثلاسيميا».
-
«الفحص الجيني» قبل الزواج.. حماية من المخاطر المحتملة
قرارات مدروسة
كيف يساعد الفحص الجيني الأزواج في اتخاذ قرارات مدروسة بشأن التخطيط الأسري؟.. الدكتورة أسماء ديب تجيب: «إذا خضع الزوجان المحتملان للفحص الجيني، وتبين أنهما حاملان لطفرة جينية، يمكن أن تتسبب في إصابة أبنائهما، فسيتلقيان استشارة جينية شاملة، ويمكنهما الاطلاع على تفاصيل الأمراض الوراثية، وإمكانية إنجاب طفل مصاب. ويساهم هذا الإجراء في تمكين الزوجين من اتخاذ قرارات مدروسة بشأن أسرتهما المستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، يساعد توفر معلومات، حول احتمالية الإصابة بالمرض، في الحد من انتقال الأمراض الوراثية إلى الأجيال القادمة، وتعزيز فرص التدخل المبكر للعلاج عند الحاجة».
وعن القيود، أو الاستثناءات، التي تتم عند إجراء الفحص الجيني.. تبين الاستشارية ورئيسة قسم طب الغدد الصماء لدى الأطفال: «يجب إجراء الفحص الجيني في مراكز متخصصة، تضم أحدث الأجهزة التقنية، والخبرة المهنية. ومن الضروري الحصول على موافقة مسبقة قبل إجراء هذا الفحص، ووضع توقعات صحيحة للشخص الذي يتم فحصه. كما يجب أن يكون المركز مؤهلاً لإحالة الأفراد إلى استشاريين جينيين عند الحاجة؛ لضمان توفير الدعم، والإرشاد، المناسبين».
وفي ما يتعلق بدور التكنولوجيا في تحسين دقة ونطاق الفحص الجيني.. أكدت الاستشارية ورئيسة قسم طب الغدد الصماء لدى الأطفال: «بشكل كبير، ساهمت التكنولوجيا، كالذكاء الاصطناعي، في تطور علم الوراثة، وفهم الأمراض الجينية فالتطبيقات التكنولوجية تساعد في تحسين معالجة العينات، واستخدام التقنيات المعلوماتية الحيوية، وإنشاء مؤشرات تنبؤية، وخوارزميات دقيقة؛ لتشخيص الأمراض، والتنبؤ بنتائجها».
لكن، ماذا عن مستقبل الفحص الجيني من حيث إمكانية الوصول، والدقة، والاستخدامات.. الاستشارية ورئيسة قسم طب الغدد الصماء لدى الأطفال: «أرى أن الفحص الجيني سيستمر في التوسع والتحسن، بشكل ملحوظ، مستقبلاً؛ فقد شهدنا، بالفعل، تطوراً كبيراً في دقة الفحوص، وانخفاض تكلفتها، مقارنة بالفترات السابقة. ويتوقع أن يتسارع هذا التقدم مع انتشار استخدام التكنولوجيا المتقدمة في مجال الرعاية الصحية عالمياً؛ فالانتقال من إجراء الفحص الجيني كرد فعل إلى نهج الفحص الجيني الاستباقي الشامل والوقائي، يعكس أعلى المعايير العالمية للرعاية الصحية الاستباقية».
-
«الفحص الجيني» قبل الزواج.. حماية من المخاطر المحتملة
5 أسئلة.. وأجوبة
1 . ما العوامل، التي تؤثر في دقة نتائج الفحص الجيني؟
تتأثر دقة نتائج الفحص الجيني بعوامل عدة، منها: جودة العينة؛ إذ يجب جمع العينة بشكل صحيح وآمن؛ حتى لا تتعرض للتلوث. وتقنيات التحليل المستخدمة؛ إذ تعتمد دقة النتائج على التكنولوجيا المستخدمة في تحليل الحمض النووي، مثل تقنيات التسلسل الجيني الحديثة، التي توفر دقة أعلى، مقارنة بالتقنيات التقليدية. وخبرة فريق المختبر ومهاراته. والتغيرات الجينية النادرة، التي تكون غير مفهومة بشكل كامل؛ ما قد يؤدي إلى تفسير غير دقيق، أو غير مكتمل. بالإضافة إلى نوع الفحص الجيني؛ فالفحوص التي تركز على جينات معينة؛ تكون أكثر دقة من الفحوص الشاملة، التي قد تكتشف طفرات غير متوقعة.
2 . ما دور الاستشارة الجينية.. بعد الحصول على نتائج الفحص الجيني؟
الاستشارة الجينية تساعد في تفسير نتائج الفحص الجيني، وفهم تأثيراتها، وتقييم مخاطر الأمراض الوراثية، وتقديم خيارات للتخطيط الأسري. كما توفر دعمًا نفسيًا، وتوجيهًا للفحوص المستقبلية، وتثقيف الأسرة؛ لاتخاذ قرارات مدروسة.
3 . هل يمكن أن تتغير نتائج الفحص بمرور الوقت، أو بتقدم التكنولوجيا؟
يمكن أن تتغير نتائج الفحص الجيني مع تقدم التكنولوجيا، وتحديث قواعد البيانات؛ فتقنيات التحليل تتطور باستمرار، ما يسمح باكتشاف طفرات جديدة، أو إعادة تفسير النتائج؛ بناءً على المعرفة العلمية المتجددة.
4 . ما المخاطر، أو التحديات، المحتملة المرتبطة بالفحص الجيني؟
يسبب الفحص الجيني شعورًا بالقلق أو التوتر؛ بسبب النتائج المحتملة، خاصة إذا كانت تحمل مخاطر صحية مستقبلية؛ فهناك قلق من تسرب المعلومات الجينية الحساسة، أو استخدامها بطريقة غير قانونية، أو دون إذن. كذلك، يوجد قلق من أن تؤدي نتائج الفحص إلى تمييز، أو تأثيرات سلبية في الحياة الشخصية والمهنية، خاصة في حالة اكتشاف أمراض وراثية. وقد يعتقد البعض أن الفحص الجيني يغني عن التقييم الطبي الكامل، ما يؤدي إلى إغفال عوامل صحية أخرى مهمة.
5 . مجتمعياً.. كيف يساهم هذا الفحص في تعزيز الصحة العامة؟
يساهم الفحص الجيني في تعزيز الصحة العامة على نطاق مجتمعي، بطرق عدة، منها: الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية، والحد من انتقال هذه الأمراض، فضلاً عن تعزيز الوقاية باتخاذ تدابير وقائية، وتثقيف المجتمع ورفع الوعي بالأمراض الوراثية وأسبابها، ما يعزز القدرة على اتخاذ قرارات صحية مدروسة، ويحسن نوعية الحياة العامة.