#تحقيقات وحوارات
كارمن العسيلي 30 ديسمبر 2024
تكريماً لمسيرته الطويلة والمتميزة في قطاع صناعة الساعات؛ اختير جورج كيرن، الرئيس التنفيذي لشركة «بريتلينغ»، مؤخراً، شخصية العام في فرنسا بهذا القطاع. عمل كيرن مع علامات شهيرة عدة، مثل: «تاغ هوير»، و«آي دبليو سي»، قبل أن ينضم إلى «بريتلينغ» عام 2017، ويقودها خلال مرحلة تحول كبيرة، تزامنت مع استحواذ شركة (CVC) على حصة الأغلبية في الشركة، مركزاً على الاستفادة من التراث الغني لـ«بريتلينغ»، ومضيفاً لمسة عصرية إلى مجموعاتها، ومحسناً استراتيجيتها في التوزيع، ما ساهم في إعادة تعريف العلامة التجارية، وزيادة قوتها في السوق، ودفعها إلى أعلى مراتب العلامات التجارية للساعات السويسرية. وفي عهده، استحوذت «بريتلينغ» على شركة «يونيفرسال جنيف»، العلامة التاريخية في صناعة الساعات الفاخرة، التي تعتزم «بريتلينغ» إحياءها عام 2026، ما يعزز مكانتها في هذا القطاع.. ومع احتفال «بريتلينغ» بمرور 140 عامًا على تأسيسها هذا العام، التقينا جورج كيرن، بالبوتيك الجديد لها في «المارينا مول» أبوظبي؛ فتحدث عن أهمية العلامة التجارية المتجددة، وكيف تميز «بريتلينغ الجديدة» نفسها في سوق الساعات الفاخرة التنافسي، والجديد الذي تقدمه، إليكم أبرز ما ورد في المقابلة:
* صِفْ تجربتك القيادية في «بريتلينغ» حتى الآن، وما يميزها عن تجاربك السابقة!
- خلال مسيرتي المهنية، توليت قيادة العديد من العلامات التجارية الكبرى، لكن تجربتي مع «بريتلينغ» تتميز بخصوصية فريدة. مؤخرًا، أطلقنا مشروعًا مثيرًا مع علامة «يونيفرسال جنيف»، التي استحوذنا عليها، ونخطط لإعادة إطلاقها في عام 2026. وقد بدأنا، بالفعل، رحلتها الرقمية، بإطلاق صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو مشروع يثير حماسي بشكل كبير، ويمثل مرحلة جديدة من الابتكار.
* ما الدافع وراء الاستحواذ على علامة «يونيفرسال جنيف»، وكيف تخططون لإعادة إحيائها؟
- استحوذنا على «يونيفرسال جنيف» أولاً، لأنه - بكل بساطة - كان باستطاعتنا فعل ذلك، وثانياً لأنها تحمل إرثًا تاريخيًا لا مثيل له في عالم الساعات. إنها واحدة من العلامات «النائمة» الأكثر شهرة، وقيمتها الحقيقية تكمن في تاريخها الغني، وتصاميمها الكلاسيكية، التي أَثْرَت صناعة الساعات لعقود. يمكن تشبيه هذه الخطوة بأننا دخلنا عالمًا يماثل شراء «بوغاتي» في صناعة السيارات. وجامعو ساعات «يونيفرسال» هم من نفس شريحة مقتني ساعات «باتيك فيليب»، و«رولكس»، ما يثبت مكانتها في تقديم قطع نادرة، ومرغوبة، في عالم المقتنيات. ونحن لا نرغب في الحفاظ على إرث العلامة فحسب، بل نتطلع إلى إعادة إطلاقها بتصور جديد، يدمج أصالتها مع ابتكارات المستقبل. كما تمثل «يونيفرسال جنيف» خطوة مهمة في استراتيجيتنا لتوسيع نطاق «بريتلينغ»، حيث إنها تغطي شريحة سعرية أعلى، تبدأ من 15 إلى 16 ألف دولار، وهي مختلفة عن ساعات «بريتلينغ»، التي يبلغ متوسط سعرها حوالي 8200 دولار. إن إعادة إحياء هذه العلامة هو الحدث الأكثر ترقبًا في صناعة الساعات خلال العقود الأخيرة، ونتطلع - بفخر - للمساهمة في كتابة فصل جديد من تاريخها.
* 140 عامًا من الإبداع.. ماذا يعني ذلك بالنسبة لـ«بريتلينغ»؟
- إن الاحتفال بالذكرى الـ140 تأكيد على قوة العلامة، وجذورها العميقة في عالم الساعات. فـ«بريتلينغ» واحدة من العلامات القليلة، التي تمتلك تاريخًا غنيًا، ينعكس في كل قطعة تقدمها. فعلى مدى السنوات السبع الماضية، كنا نعيد بناء هوية العلامة. واليوم، أصبح لدينا مزيج مثالي من التصاميم العصرية والابتكار التقني، مع الحفاظ على القيم والجذور التاريخية. هذه المناسبة تمثل فرصة لتعريف العالم بما يميز «بريتلينغ» عن غيرها، من خلال إبراز تاريخها الغني، والقصص التي تحملها كل ساعة.
* كيف عكست احتفالات الذكرى الـ140 إرث «بريتلينغ»، وأبرزت هويتها الفريدة؟
- على مدار عام 2024، أقمنا فعاليات احتفالية مميزة، وتوجنا هذه الاحتفالات بإطلاق ثلاث مجموعات محدودة، كلّ منها تضم 140 قطعة فقط. أبرز هذه الإصدارات كانت «الكرونوغراف» بسعر 55 ألف دولار، إلى جانب نسخ مميزة من ساعات: «نافيتايمر»، و«كرونومات»، التي عكست براعة تصميمنا، واحتفت بتاريخنا الطويل. كما أنشأنا متحفاً مؤقتاً في زيوريخ، وهو متحف تفاعلي رائع، يضم مقهى ومطعمًا، ومحاكاة للطيران. كما نشرنا كتابًا يحتوي على 140 قصة قصيرة، مليئة بالطرائف، والحكايات الشيقة. والكتاب ليس مكتوبًا بطريقة تقليدية، وتستغرق قراءته دقائق معدودة، كونه يحكي روايات قصيرة وممتعة، وتَقَصَّدنا تقديمه بهذا الشكل؛ تماشياً مع عصر «السوشيال ميديا» السريع، الذي نعيش فيه. وبما أننا لا نستطيع نقل المتحف حول العالم، أطلقنا معارض متنقلة، تضم قطعًا كلاسيكية، وأفلامًا تعرض تاريخ «العلامة».
* مع التقدم التكنولوجي الذي نشهده اليوم، لماذا تستمر ساعات اليد في جذب اهتمام الناس؟
- ساعات اليد رموز شخصية، تعكس ذوق الفرد وهويته. إذ إنها قطع مميزة تجمع بين الوظيفة والجمال، وتحمل معنى خاصًا لكل من يرتديها. وبخلاف الهواتف الذكية، أو الأجهزة التقنية الأخرى، التي تؤدي نفس الغرض بزخم رقمي، فإن ساعة اليد تمنح تجربة حسية فريدة. بالنسبة للرجال، تُعد الساعة العنصر الوحيد الذي يعبر عن شخصيتهم، ما يضفي عليها قيمة عاطفية وفنية. وعندما نتحدث عن تصميماتنا في «بريتلينغ»، مثل ساعة «كرونومات»، نجد أن التفاصيل الحرفية والتقنيات المتقدمة تضفي شعورًا لا مثيل له، كما أن سوارها الأيقوني، على سبيل المثال، مصمم بطريقة فريدة، تمنح إحساسًا رائعًا عند اللمس، ما يجعلها قطعة فنية تلامس الحواس. وعلاوة على ذلك، هناك عنصر الحنين والقيم المتوارثة؛ فساعة اليد، غالبًا، تكون إرثًا عائليًا، ما يضيف طبقة أخرى من الجاذبية. وفي النهاية، ورغم كل التطورات التكنولوجية، تظل ساعة اليد وسيلة للتعبير عن الفخامة والرقي بطريقة كلاسيكية وأنيقة، لا يمكن للتكنولوجيا أن تضاهيها.
* ما سر ارتباط «بريتلينغ» باللون الأصفر؟
- مثلما تُعرف «هيرميس» بلونها البرتقالي الأنيق، و«تيفاني» بأزرقها الأيقوني، فإن اللون الأصفر أصبح رمزًا لا يُخطئ لهوية «بريتلينغ». فالأصفر، بالنسبة لنا، لغة تعبير نابضة بالحياة، تحمل - في طياتها - إشارات إلى السعادة، والطاقة الإيجابية، ودفء الشمس الذي يرمز إلى الأمل والتفاؤل. إن اختيارنا لهذا اللون ينبع من رؤية واضحة؛ لإحياء الطابع الحيوي لعصر السبعينيات، حينما كانت الألوان الجريئة علامة على الجرأة والابتكار. ونسعى إلى تقديم تجربة بصرية وشعورية، تنبض بالحياة، وتتميز عن المنافسين في عالم الساعات الفاخرة، الذين - غالبًا - يتبنون أنماطًا كلاسيكية تقليدية. كذلك، يمثل الأصفر لون الفرح والابتكار، ويعبر عن موقف «بريتلينغ» تجاه المستقبل، حيث نحتضن الإبداع، ونسعى إلى التميز. وفي عالم سريع الإيقاع، يمثل اللون الأصفر دعوة للخروج عن المألوف، واستكشاف آفاق جديدة، تمامًا كما تفعل ساعاتنا. وهذا الخيار يعكس شغف «العلامة» بإلهام عملائها، وتقديم تجربة تتجاوز حدود الزمان والمكان.
* يتميز ديكور بوتيك «بريتلينغ» في «المارينا مول» أبوظبي بأسلوب عصري فريد.. ما الرسالة التي ترغبون في إيصالها بتلك التفاصيل الهندسية؟
- يعكس ديكور «البوتيك» جوهر أسلوبنا التصميمي، الذي يمزج الأصالة بالحداثة، تحت مفهوم «الريترو العصري». فنحن نستمد الإلهام من إرث الماضي العريق لساعاتنا، لكننا نصوغ هذا التراث في إطار معاصر، ينبض بروح الابتكار. وقد وجدت في أسلوب «اللوفت الصناعي» جاذبية خاصة، فهو يتميز بجرأته، وبصمته الفريدة التي لا تُنسى. إنه تعبير عن الأناقة المتمردة، والخروج عن المألوف، بعيدًا عن التصاميم التقليدية، التي تعتمدها علامات عدة. وهذا الدمج، بين العراقة والحداثة، يعبر عن هوية «بريتلينغ»، ويمثل رؤيتنا التي تسعى، دائمًا، لتقديم تجربة استثنائية ومتفردة إلى عشاق الساعات الفاخرة.
* ما موقف «بريتلينغ» من استخدام الذكاء الاصطناعي، وكيف توظفونه لدعم الابتكار؟
- نرى الذكاء الاصطناعي أداةً، وليس بديلاً للإبداع البشري. شاهدت تصميمات تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في منتديات مختلفة، وكانت النتيجة بعيدة عن الإبداع، بل كانت تفتقر إلى الروح، والسبب بسيط هو أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على البيانات التاريخية، ويعيد ترتيبها، لكنه لا يملك القدرة على ابتكار شيء جديد، أو إبداع أفكار ملهمة. في «بريتلينغ»، نستخدمه كأداة؛ لتسهيل العمل في مجالات، مثل: معالجة الوثائق القانونية، وإعداد نصوص العلاقات العامة، لكنه لا يتدخل في التصميم.
* كيف تتبنى «بريتلينغ» مبدأ الاستدامة في أعمالها، وما أثر ذلك على قيمتها في السوق؟
- الاستدامة شرط أساسي في عصرنا، لكنها ليست السبب الوحيد لاختيار التعامل مع العلامة التجارية. فالعملاء يشترون، مثلاً، الساعات من أي علامة، لأسباب منها: تصميمها المتقن، وجودة حركتها، وخدماتها الممتازة. والاستدامة تضيف قيمة أخرى، لكنها ليست المحفز الأساسي. في «بريتلينغ»، نستخدم تقنيات، مثل «البلوك تشين»؛ لضمان الشفافية في سلسلة التوريد، وضمان أن الذهب والألماس المستخدمين في ساعاتنا يأتيان من مصادر أخلاقية ومستدامة. بالإضافة إلى ذلك، نتشارك مكافحة التلوث البلاستيكي في المحيطات مع مؤسسة يديرها راكبو الأمواج، الذين هم على احتكاك يومي ومباشر بتأثير هذا التلوث. كذلك، أطلقنا مشروعًا خيريًا في جنوب أفريقيا؛ لتوفير الدراجات للأطفال في المناطق النائية، ما يقلل وقت الذهاب إلى المدرسة، ويعزز فرص التعليم. هذه المبادرة حققت نتائج مذهلة في خفض نسب التسرب المدرسي، ونحن فخورون بدعم هذه القضايا، بالتعاون مع سفرائنا.
* شهدت مجموعاتكم النسائية تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية.. كيف انعكست هذه النقلة على مكانة «بريتلينغ» بين النساء؟
- قبل سبع سنوات فقط، لم تكن لدينا مجموعة مخصصة للنساء. كان هذا تحديًا كبيرًا، لكنه أيضًا كان فرصة لصنع شيء جديد ومختلف. اليوم، نفخر بامتلاك تشكيلة قوية من الساعات النسائية الفاخرة، التي تلبي تطلعات المرأة العصرية، وعلى رأسها ساعة «نافيتايمر» النسائية، التي تمثلها سفيرتنا الممثلة شارليز ثيرون. كما أطلقنا، سابقاً، مجموعة كبسولة، بالتعاون مع فيكتوريا بيكهام، حققت نجاحًا هائلًا، وساهمت في تعزيز مكانتنا بين النساء. وما يميزنا أننا نقدم بديلاً أنيقاً ومريحاً، يجمع بين الفخامة والطابع الرياضي والعصري. وفي الأسواق العالمية، حققت مجموعاتنا النسائية نجاحات تفوقت على علامات تقليدية كبرى في هذا المجال. فنحن نمنح المرأة خيارات جديدة، تتيح لها التميز بأسلوب عصري وجذاب، بعيدًا عن الأنماط المعتادة، ما يجعلنا وجهة مثالية لمن تبحث عن الاختلاف.
* ما الخطوة القادمة التي تطمحون إلى تحقيقها مع «بريتلينغ»؛ لضمان استمرار نجاح «العلامة»؟
- الاستمرارية في التطوير والتجديد أساس نجاح أي علامة. ونعمل، دائمًا، على إعادة إطلاق تصاميمنا، وتحديثها؛ لتواكب تطلعات العملاء. وسيشهد العام المقبل إطلاق مجموعة جديدة مخصصة للنساء، ستكون فريدة ومميزة للغاية.