#منوعات
كارمن العسيلي السبت 9 نوفمبر 10:00
كلثم المرزوقي، مصممة غرافيك إماراتية، توظف شغفها بالتصميم في إحياء المنتجات التراثية بأسلوب عصري أنيق، من خلال مشروعها الرائد «كهرمان»، فأصبحت تقدم التراث الإماراتي بشكل متجدد وعصري. وتجسد منتجات كلثم المرزوقي، ومنها: صندوق «المندوس»، وحقيبة الصقارة «المخلاة»، رؤيتها العميقة للتراث، التي تجمع بين الحِرَف التقليدية وروح التصميم الحديث، فتقدم منتجات يومية تلبي احتياجات العصر، وتحمل عبق الأصالة، وإبداع الحداثة.. في لقائنا مع مصممة الغرافيك الإماراتية، نطلع على قصتها، وإلهامها، وأفكارها التي تحولت إلى مشروع تجاري ناجح، يعكس هويتها الإماراتية، وحبها للفنون والتصميم:
كيف ولدت فكرة مشروع «كهرمان»؟
بدأت مشواري المهني منذ 18 عامًا، بمجال التصميم الغرافيكي، وكنت - طوال هذه السنوات - أعمل بشغف كبير، لكن كانت تتملكني رغبة عارمة في ترك بصمة أكبر؛ فولدت فكرة مشروع «كهرمان»، التي جاءت نتاجاً لشغفي العميق بتراثنا الإماراتي، ورغبتي في مشاركة الآخرين هذا الشغف. اليوم، أعتبر «كهرمان» مشروعاً يعكس هويتنا، وتراثنا الغني، لأنني - من خلاله - أقدم منتجات تراثية بتصاميم عصرية تلبي احتياجاتنا الحديثة.
حقيبة الصقارة
ما الذي ألهمك حقيبة الصقارة (المخلاة)، التي صممتها، ولاقت نجاحاً لافتاً؟
كفنانة، أشارك في المعارض، والمهرجانات. وقد شاركت، العام الماضي، في معرض الصيد والفروسية بلوحتين فنيتين بأسلوب «الكولاج الرقمي». وشعرت بأنني أريد تقديم شيء مختلف، فاستشرت أحد الصقّارين، وسألته عن الأدوات التي يستخدمها، ومن بين الأشياء التي ذكرها «المخلاة»، وهي حقيبة يستخدمها الصقّارون في رحلات الصيد. أعجبت بفكرتها، فكانت بمثابة تحدٍّ جديد، فصممتها بأسلوب عصري. في البداية، صنعت منها قطعتين فقط؛ بهدف العرض وليس البيع، وقد حظيت «الحقيبة» برواج كبير في المعرض، وبدأت الطلبات تنهال عليَّ؛ فقررت المضي قُدماً في إنتاجها.
ما الذي يميز «مخلاة كهرمان» عن بقية الحقائب، التي تباع في الأسواق؟
حقائب الصقارة الموجودة في الأسواق، حالياً، لا تحمل بصمة فنية، كما في «مخلاة كهرمان»؛ فقد حرصت - في تصميم «المخلاة» - على دمج الوظائف العملية باللمسات العصرية؛ فمنحها ذلك الدمج جاذبية وأناقة، سواء كانت للرجل أو للمرأة، فضلاً عن استخدام خامات ذات جودة عالية. ولأن «المخلاة»، عادة، تكون بلون حيادي، كالبني أو البيج؛ فقد قررت صنع «مخلاة» بألوان مختلفة، وقد استلهمت هذا من إحدى الصقّارات الإماراتيات، حينما رأيتها تحمل أغراضها بشكل غير عملي في أحد المهرجانات؛ فخطرت لي فكرة تصميم «مخلاة» خاصة بالنساء، تكون أنيقة وسهلة الحمل، وتناسب احتياجات المرأة في هذه الرياضة التراثية، وبألوان قريبة من ذوق النساء، كالبنفسجي والوردي الفاتح والغامق. وبالفعل، لاقت «المخلاة» الملونة نجاحاً حتى بين الفتيات الصغيرات، فصممت منها «حقيبة ظهر»؛ لتناسبهن بشكل أفضل؛ لأن الحقيبة التقليدية كانت كبيرة، وغير مريحة لهن.
كيف تختارين المنتجات التراثية، التي ترغبين في تطويرها؟
أبحث عن القطع التراثية الموجودة في محيطي، وتكون هناك حاجة فعلية إليها؛ فأنا أحب الحفاظ على جوهر المنتجات التراثية، وفي الوقت نفسه أقوم بتطويرها لتناسب احتياجاتنا الحالية. على سبيل المثال، صندوق «المندوس» قطعة تراثية عزيزة عليّ، وقد صممته حينما شعرت بحاجتي إلى «مندوس» عصري، أضع أدواتي بداخله عند المشاركة في المعارض، وأجلس عليه عند الشعور بالتعب، ويعكس، أيضاً، جمال تراثنا، وعمق ثقافتنا؛ لذلك أول صندوق «مندوس» صممته كان لي، وعندما بدأ الناس يسألونني عنه، أدركت أنه يمكن أن يكون منتجاً جميلاً ونافعاً للآخرين. اليوم، طوّرت «المندوس»، وقدمته بألوان وتصاميم مختلفة، وبخامات جلدية، وأصبح من أكثر منتجاتنا التي تلقى إعجابًا وإقبالاً، لأنه يجمع بين جمالية التراث، والاستخدام العصري.
ما الخصائص، التي تعكس جوهر منتجاتك التراثية، وتميزها عما في الأسواق؟
تتميز منتجاتي بأنها نابعة من بحث ودراسة عميقين، فهي ليست مجرد تصاميم للزينة، فأنا أدرس كل منتج تراثي بعناية؛ لأرى ما ينقصه، وما يمكن إضافته إليه، مع الحفاظ على جوهر التراث. كما أعمل على تطوير منتجات، تلبي احتياجاتنا الحالية، دون التخلي عن أصالة الماضي. قمت بتصميم صندوق صغير؛ لحفظ العود يشبه «المندوس»، وقد استخدمت فيه مواد من النخيل، أعيد تدويرها. وبدأت، أيضًا، في خط جديد للقرطاسية الفاخرة؛ بناءً على طلبات العملاء. في أوروبا، لاحظت أن هناك تذكارات تباع في المطارات بأسماء شوارع المدن الأوروبية، فجاءتني فكرة أحد أبرز مشاريعي، وهو تصميم مغناطيس ولواصق تذكارية، تكون أسماؤها مستوحاة من الشوارع التي سميت بأسماء أشخاص؛ تكريماً لهم في أبوظبي، وقد لاقت إقبالًا كبيرًا عند تقديمها في أحد معارض الكتب، خاصة من قبل عائلات الشخصيات المُكرَّمة. بعدها، قررت إنشاء خط مستقل للقرطاسية، والهدايا التذكارية، التي تعكس روح إمارة أبوظبي، بشكل راقٍ وفريد، أطلقت عليه اسم «KMD».
بِمَ تصفين تصاميمك؟
تصاميمي تحافظ على التراث الإماراتي، وتقدمه بطريقة عصرية، تناسب حياتنا اليومية. أدرك أن التراث يجب ألا يبقى جامدًا كما في الماضي، بل يمكننا تجديده، وتطويره؛ ليصبح جزءًا من أسلوب حياتنا الحديث. في «كهرمان»، أحرص على أن تحمل كل قطعة قصة، ترتبط بجذورنا وثقافتنا، مع إضافة لمسات إبداعية تعكس شخصيتي، وتلبي احتياجات الناس في الوقت الحاضر.
دعم أسري
ما التحديات التي واجهتكِ، خلال مسيرتك هذه؟
أكبر تحدٍّ أواجهه هو رأس المال، فأنا أعتمد - بشكل كبير - على التمويل الشخصي. لكنني متفائلة بأنني سأتمكن، يوماً، من تخطي هذه العقبة. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك تحديات في الحصول على الخامات بجودة عالية، خاصةً أنني أسعى، دائمًا، إلى تقديم منتجات مميزة، بجودة لا تُضاهى، وهو أمر تمكنت من تخطيه، بعد العثور على المصادر المناسبة.
هل يمكن للدعم الأسري أن يشكل نقطة تحول في حياة أي شخص يريد تحقيق حلمه، أو بدء مشروعه؟
الدعم العائلي كان أساسيًا في رحلتي، خاصة دعم والدتي؛ فهي مصدر قوتي وإلهامي؛ وكانت، دائمًا، تشجعني، وتمنحني الثقة التي أحتاج إليها؛ لأنها كانت تدرك قدراتي، وتحفزني على السفر، والمشاركة في المعارض دون قيود. وكانت تقول لي دائمًا: «خلي السماء حدودك». هذا النوع من الدعم أعطاني الحرية؛ لأجرب وأخطط، وأنفذ أفكاري؛ لذلك أعتقد أن وجود عائلة تدرك أهمية دورك يجعلك قادرة على تخطي العقبات، ومواجهة التحديات بكل ثقة، ما شجعني على اقتحام عالم التجارة، بعد سنوات من التردد.
ما حلمك، الذي تسعين إلى تحقيقه، من خلال مشروعك؟
أن تصل منتجات «كهرمان» إلى العالمية، وأن تحمل كل قطعة من منتجاتي روح الإمارات وتاريخها، وبطريقة تلهم الناس حول العالم. كما أريد أن تكون تصاميمي سفيرة لتراثنا الإماراتي، وتجدد فخرنا بما ورثناه من أجدادنا.
ما نصيحتك لمن يريد بدء مشروع خاص؟
أقول لكل من يريد بدء مشروع خاص: لا تنتظر، وابدأ فورًا؛ فكم تمنيت لو بدأت مشروعي منذ سنوات، لكن الخوف من الفشل كان عائقاً في طريقي. عندما قمت بالخطوة الأولى؛ اكتشفت أن الأمور أسهل مما توقعت؛ فالدولة تقدم دعمًا كبيرًا إلى الشباب ورواد الأعمال، والأهم هو أن يكون لديك شغف حقيقي بما تفعله؛ فالأفكار لا تنتهي، لكن عليك التحلي بالجرأة لتنفيذها. ودائمًا ابحث واقرأ، وستتوالى الأفكار واحدة تلو أخرى. ولا تحاول تقليد الآخرين، فقط افعل ما تحبه ويلبي حاجات الناس، وعندما تجد الفكرة المناسبة، فلا تتردد في تنفيذها.
View this post on Instagram