#مشاهير العالم
زهرة الخليج - الأردن 20 فبراير 2024
رغم مرور نحو ست سنواتٍ على وفاته، فإن العالم لا يزال يتذكر إبداعاته التي أطلقها في مجال الموضة، وأثرى بها عالم الأزياء وصناعة الملابس. ففي 20 فبراير 1927، شهدت مدينة بوفيه الفرنسية الصرخة الأولى للمصمم الشهير هوبير دي جيفنشي.
وربما ليس هناك أكثر شهرةً من المشهد السينمائي، الذي تظهر فيه النجمة الراحلة أودري هيبورن، وهي تجسد شخصية «هولي» في فيلم «الإفطار في تيفاني»، وتتناول العشاء مع الكرواسون والقهوة الجاهزة، بينما تحدق بحزن في نافذة متجر المجوهرات في الجادة الخامسة.
وفي حين أن هيبورن تتمتع بجاذبية كبيرة في هذا الدور، إلا أن أكثر ما يتذكره العالم هو الزي الذي كانت ترتديه، وتحديداً الفستان الأسود المكشوف الكتفين، الذي صممه صديق حياتها هوبير دي جيفنشي.
لذا، يمكن القول بأن مصمم الأزياء الفرنسي، الذي أسس دار «جيفنشي» للأزياء الفاخرة وهو بعمر الـ24 فقط، أثر بشكل مباشر في الطريقة التي ننظر بها إلى أسلوب أزياء الخمسينيات والستينيات، وجعله يظل طوال كل هذه الأعوام على رادار عالم الموضة.
كما أنه كان رمزاً لجيل من المصممين النبلاء، الذين أسسوا بيوت الأزياء الراقية الخاصة بهم في باريس ما بعد الحرب، وأنشؤوا مجموعات كاملة تختص بالنساء.
وفي حين أن إرث أزيائه وتصميماته المذهلة تتحدث عنه، إلا أن هناك بعض الحقائق التي لا نعرفها عن السيد دي جيفنشي نفسه.
نشأته:
ولد هوبير دي جيفنشي لوالدين فرنسيين، هما: لوسيان وبياتريس تافين دي جيفنشي، أعطياه وشقيقه، جان كلود، تراثاً أرستقراطياً، وبعد وفاة والده لوسيان عام 1930، اتخذت والدته وجدته لأمه على عاتقهما تربيته إلى جانب شقيقه جان.
وفي عام 1944، انتقل جيفنشي إلى باريس، حيث درس الفن في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، ورغم أنه كان يفكر في دراسة المحاماة وامتهانها، فإنه قرر دخول عالم الموضة.
وفي سن السابعة عشرة، بدأ جيفنشي التدرب المهني مع المصمم جاك فاث، ما أعطاه الشهرة المطلوبة للعمل لدى بيوت الأزياء الفرنسية الشهيرة، مثل: «لوسيان ليلونج، وروبرت بيجيه، وإلسا شياباريللي»، التي ساعدته في النهاية على تأسيس دار الأزياء الراقية الخاصة به، التي تحمل اسمه.
بدايات شهرة جيفنشي في التصميم:
قدم المصمم الفرنسي الراحل عرضه الأول، الذي حقق نجاحاً ساحقاً في فبراير 1952، وكان عمره 24 عاماً فقط، وتضمن «بلوزة بيتينا»، تكريمًا لمصدر إلهامه الأصلي، بيتينا غراتسياني، عارضة الأزياء الرائدة في باريس خلال ذلك الوقت، التي انضمت إلى شركته الناشئة كمديرة للعلاقات العامة، وبائعة، وعارضة أزياء.
بعد ذلك بوقت قصير، لفت السيد جيفنشي انتباه أودري هيبورن، حيث كانت حينها نجمة صاعدة مفتونة جداً بتصميماته الشبابية، لدرجة أنها أصرت على أن يصنع لها ملابس جميع أفلامها تقريباً، ويساعدها على تشكيل صورتها.
وفي عام 1961، ابتكرت هيبورن بمساعدة جيفنشي واحدة من أكثر لحظات الموضة السينمائية، التي لا تمحى بالقرن العشرين في فيلم، عندما ارتدت ذلك الفستان الأسود الذي تحدثنا عنه سابقاً.
وبالنسبة لأجيال الشابات اللاتي يحلمن بحياة ساحرة في المدينة الكبيرة، أصبحت صورة السيدة هيبورن في دور «هولي» تمثل نموذجاً مثالياً، لا سيما صورة الثريات اللاتي يقمن الحفلات الصاخبة بينما يرتدين فساتين رائعة الجمال. وفي عام 2006، تم بيع الفستان في مزاد خيري لدار كريستيز في لندن مقابل 923 ألف دولار.
ومنذ ذلك الحين، ارتبط الفستان الأسود بالمصمم الفرنسي، رغم أنه في كثيرٍ من الأحيان كان يُنسب نشر هذا المظهر إلى المصممة كوكو شانيل.
وحول هذا الفستان، قال جيفنشي: «إن الفستان الأسود القصير هو أصعب شيء يمكن تحقيقه، لأنه يجب أن تبقيه بسيطاً».
جيفنشي رائد التصميم الأنيق:
رغم أن هوبير دي جيفنشي ينحدر من عائلة أرستقراطية، فإن بدايته في عالم الموضة لم تكن ثرية، حيث كان يعاني عدم توفر المال، لذا في ظل الميزانية القليلة لإنتاج ملابسه، قام بتصنيع أزيائه باستخدام أقمشة عادية وقطنية، تستخدم عادةً لإنشاء تصميمات أولية قبل الانتهاء منها بأقمشة أكثر فخامة مثل الحرير، لذا فقد منحه هذا الاختلاف في القماش ميزة.
وقد أحب المشترون قمصانه القطنية، وسرعان ما تمكن من سداد أموال المستثمرين في شركته الناشئة، والحصول على الملكية الكاملة لدار الأزياء الراقية التي تحمل اسمه.
صديق النساء الأكثر شهرة في عصره:
كانت جاكلين كينيدي، وغريس كيلي، وبيتينا غراتسياني، وأودري هيبورن من الشخصيات المؤثرة في الستينيات، وقد رأى هوبير أن ملابسه ستصبح أكثر شهرةً معهن، وسرعان ما أصبح مشهوراً بارتداء المشاهير ملابسه الباريسية الأنيقة.
وكانت علاقته الأكثر شهرة مع أودري هيبورن، التي التقى معها عام 1953، وارتدت العديد من ملابسه في العديد من الأفلام، استمرت حتى وفاتها في سن الـ63.
علاقة ودية مع منافسه كريستوبال بالنسياغا:
عمل جيفنشي مع العديد من المصممين، لكنه وجد مصدر الإلهام والمعلم والصديق في المصمم الإسباني كريستوبال بالنسياغا، إذ شكّل الثنائي ما يمكن وصفه بـ«الرومانسية» القوية في عالم الموضة طوال فترة الستينيات.
ولطالما أشاد جيفنشي بصديقه بالنسياغا، حيث قال ذات مرة: «لقد علمني بالنسياغا كل ما أعرفه، لقد علمني أن أهتم بالتفاصيل، فلا داعي لخياطة زر لا فائدة منه، أو إضافة زهرة لجعل الفستان جميلاً.. لا تفاصيل غير ضرورية».
مهذبٌ وراقٍ:
وصف النقاد جيفنشي بأنه مصمم يمكن الاعتماد عليه في تصميم ملابس أنيقة تبدو خالدة، من العبايات والشالات إلى فساتين السهرة من قطعتين، والصدريات الجيرسيه البسيطة والسترات وغيرها، في مجموعة رائعة من الألوان، حيث كانت التصاميم الأنيقة والمهذبة هي السمات المميزة لدار جيفنشي.
وقد ركز جيفنشي على الملابس التي تبرز جمال المرأة، مفضلاً الأناقة والرقي على أسلوب المطابقة الذي حكم الخمسينيات بعد الحرب العالمية الثانية، كما كانت ثيابه تتحرك مع جسد المرأة، ولا تقيده.
أملاك جيفنشي والجوائز التي حصل عليها:
حافظ جيفنشي على الاستقلال المالي خلال معظم حياته المهنية، وكان يمتلك أيضًا شركة العطور الخاصة به، التي كان يديرها شقيقه، الذي توفي عام 2009.
ومن بين العديد من الجوائز، حصل جيفنشي على وسام جوقة الشرف عام 1983، وجائزة الإنجاز مدى الحياة من مجلس مصممي الأزياء بأميركا عام 1995، كما تم اختياره لقائمة المشاهير العالمية لأفضل الأزياء عام 1970.
وفي عام 1988، باع جيفنشي الدار الفاخرة لمجموعة (LVMH)، واستمر في التصميم هناك حتى تقاعده، وبعد ساعات فقط من تقديم مجموعته النهائية من الأزياء الراقية عام 1995، أعلنت الشركة أن خليفته سيكون البريطاني جون غاليانو، الذي انتقل إلى «ديور»، بعد عام، وحلَّ محله شخص آخر، هو ألكسندر ماكوين.