د.فاطمة حمد المزروعي 29 ديسمبر 2019
من يمكنه أن يتخيل أن العنف الأسري عند بعض الآباء يصل إلى درجة قاسية، تهان فيها كرامة الطفل! إلى أي مدى يمكن أن يؤدي الغضب بالوالدين؟ إنه الابن أو الابنة نور العين، وماء القلب، لماذا يحجب النور؟ كيف للماء أن يراق؟ لا يوجد أي مسوغ للعنف، لا يرضى أي عاقل بأي مبررات. يتحججون دوماً بأنه الغضب الذي أعمى عيونهم، طمس على قلوبهم، يا لها من حجة! لماذا يستقوون على الأطفال؟
يصدمنا في أحايين شتى ما نسمعه عن قسوة بعض الوالدين، عن أب أمسك بشعر ابنته جرها أرضاً، فداس بقدمه على رأسها. ما أحمق رد الفعل! وما أبشعه! لكن ماذا يدوس حين يدوس بقدمه رأسها؟ هل يدوس أفكارها، عنادها، قوة شخصيتها، صعوبة تفاهمها مع المعلمين، مشاكلها في المدرسة؟ إنه قبل ذلك كلّه يدوس كرامتها. لقد نهى المصطفى عليه الصلاة والسلام عن صفع الوجه، لأنه أكرم موضع في الجسم، فكيف بمن يدوس رأس ابنته؟ حين سمعت بهذه الحادثة، حاولت نسيانها أو تناسيها، لكن الأمر مروع جداً؛ لأنه يمس المشاعر ويدميها حزناً وكمداً. مهما فعل الأبناء من أخطاء يبقى باب الحوار والتفاهم مفتوحاً؛ لأن العنف ممنوع قانوناً، إضافة إلى أنه لا يولد إلا العناد والاستمرار في الخطأ مع إظهار الموافقة ظاهرياً لنصائح الآباء.
هنا أتذكر ما شاهدته عن أم أميركية تخصصت في موضوعات التربية، بعد أن علمت بحملها، كي تتعلم ما يعينها على تربية ابنتها! لا أحد يتوقع من معظم الناس أن يفعلوا مثل هذه الأم، مع إقرار الجميع أن تجربة التربية جديدة عليهم، فأولى لهم أن يتثقفوا فيها، غير أنهم يسيرون - على البركة - في مجال تهذيب الأبناء وتقويم سلوكهم! ليس المطلوب كثيراً منهم سوى تثقيف أنفسهم بالقراءة، أو حضور حلقات نقاشية، أو دورات متخصصة، أو مشاهدة مواد مرئية من فيديوهات، أو اللجوء إلى استشاريين عند وقوع مشكلة كل امرئ يختار ما يناسبه، كيلا تسير الأمور على البركة.