#ثقافة وفنون
تيسير قوايد 2 نوفمبر 2019
منذ أيام أصدرت د.سهير المصادفة، رئيس الإدارة المركزية للنشر بالهيئة المصرية العامة للكتاب، روايتها الجديدة «يوم الثبات الانفعالي» عن منشورات إيبيدي للنشر والترجمة، التي ستتم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية في لندن، وسهير المصادفة بصمة واضحة في كافة المشاريع الثقافية، لها دور بارز في تطوير عدد من قطاعات وزارة الثقافة المصرية، خلال حوارها مع «زهرة الخليج» تضع يدها على أهم المشكلات التي تواجه الكتاب العرب وتقدم روشتة علاجية لعودة الثقافة للصدارة مرة أخرى.
• بدأتِ رحلتك الأدبية بالكتابة الشعرية، ولكنك اتجهت بعد ذلك للرواية، هل ترين أن الرواية أكثر تعبيراً عنك؟
ما زلت أكتب الشعر، ولكن لا أريد أن أنشره الآن، ولكن الرواية أكثر استيعاباً من الشعر، واكتشفت أن الرواية هي الأقرب إليّ وتستوعب كل طموحاتي الكتابية بما فيها الشعر.
معرفة الآخر
• هل أثرت دراستك للفلسفة في كتاباتك ورؤيتك الأدبية؟ وكذلك سفرك إلى موسكو؟
بالتأكيد، من لم يقرأ الفلسفة وعلم النفس لن يستطيع كتابة الأدب، ومن لا يفهم علاقات الأشياء بالكون وبعضها البعض على الصعيدين الفلسفي والوجودي لا يستطيع كتابة الأدب، ولنا أسوة في ذلك أستاذنا نجيب محفوظ. ورحلتي في موسكو جعلتني دائماً أقول إنني درست الفلسفة وخرجت للعالم وتعلمت حتى أتمكن من الكتابة، فلا بد أن أمتلك حصيلة خبرات نفسية وجغرافية وتاريخية عظمى حتى أمسك بالقلم.
إبداع الكاتب
• كيف نوفر بيئة للأقلام المبدعة لتكتب بحرية وتعبر عما بداخلها من أحلام وآمال وتنتقد ما حولها من سلبيات؟
لا يمكن توفير ذلك، هل ستقولين له اذهب أنت حر، يجب على الكاتب أن يشعر بأنه حر ويدفع ثمن حريته، كل كُتاب العالم هكذا، أنا لا أحد يحجر عليّ، ولكن نتيجة كتاباتي لا بد أن أدفع ثمنها، لا أحد يقول للمرأة ماذا تكتبين وماذا لا تكتبين، ولكن عندما تكتب فهي تقابَل إما بالاستهجان أو بالاستحسان.
• ما أبرز التحديات التي تواجهها الأقلام النسوية في العالم العربي؟
التربص وعدم كفاية المهارة الكتابية، نظراً لضعف خبرة المرأة، فهي تظن أن عليها أن تكتب وهذا غير صحيح، فعلى المرأة أن تتعلم وتخرج وتكتسب خبرات لتكتب وتبدع، وإلا ماذا ستكتب؟!
• كيف تنهض الرواية العربية مرة أخرى لنواكب العالم الغربي؟
بالاهتمام بالكُتاب الحقيقيين وتصديرهم بدلاً من تصدير كُتاب ليسوا حقيقيين وهم يعيدون تصدير البضاعة التي أتلفها الهوى واستوردناها من الغرب، بالإضافة إلى مواكبة الحركة النقدية للأدب الجيد مع الأخذ في الاعتبار أن الأدب الجيد سوف يُصدر إلى الخارج على أنه أدبك، ومع الاهتمام في البداية بهذا الأدب وتصديره والأخذ بيده وجعل صاحبه متفرغاً تماماً للأدب، فنحن ليس لدينا كاتب متفرغ للأدب، أنا روائية وأعمل كل يوم وأنا غير متفرغة لكتابة الرواية، وأظن أن كثيرين مثلي يعانون هذه المعاناة.
النهضة الثقافية
• أسستِ العديد من المشروعات الثقافية. من واقع اطلاعك وخبرتك الطويلة، كيف نحقق النهضة الثقافية العربية؟
تحتاج هذه النهضة إلى «روشتة طويلة جداً» وأهم ما فيها أن تتبنى الدولة الثقافة والتنوير كمشروع قومي، وتعمل كافة مؤسساتها على خدمة هذا المشروع، وأن تدرس المدارس والجامعات للطلبة الكتب الثقافية التي تصدر، وأيضاً لا بد أن يتبنى الإعلام الثقافة ويعود لدوره التنويري، فنحن نرى مقدمي البرامج يحاورون الفنانين لما يزيد على ساعة من دون الإعلان عن كتاب أو ذكر الثقافة العامة ضمن الحوار كما كان يحدث قديماً، وأظن أن الإعلام ضد الثقافة.
الرواية العامية
• انتشرت مؤخراً الروايات المكتوبة بالعامية والتي لاقت رواجاً وإقبالاً كبيرين، فهل يؤثر ذلك سلباً في تذوق الأدب؟
هذه مشكلة فعلاً، وأنا ضدها، لا بد أن تكون استخدامات اللغة العامية محدودة، وهناك كُتاب كبار استعانوا بها ولكن في حدود مثل نجيب محفوظ وطه حسين والعقاد ويحيى حقي، أو ما يسمونه اللغة الثالثة وهي خليط بين اللغة العامية واللغة العربية الفصحي، ويمكن استخدامها في الحوارات، فيما عدا ذلك لا يمكن استخدامها.
• ولكنّ هناك كُتاباً حققوا مبيعات كبيرة بسبب الكتابة العامية، ألا تعد هذه المبيعات والإقبال على الكتب وسيلة للتشجيع على القراءة والعودة للكتاب؟
للأسف تحقيق المبيعات دائماً للأسوأ، وعزوف الناس عن القراءة جاء نتيجة تخلي مؤسسات الدولة المصرية في الأنظمة الماضية عن الكتاب، فالمكتبات المدرسية لم تعد بها كتب، أنا وجيلي قرأنا في المكتبة المدرسية كل أعمال عباس العقاد وطه حسين ويحيى حقي، وكل الأعمال الأجنبية، قرأت أرسين لوبين في المدرسة وآجاسا كريستي، ووجدت في المكتبة المدرسية راسين وبلزاك، وقرأت كل أساطين الغرب مترجمة في المكتبة المدرسية، فمجرد النظر إلى الماضي ومقارنته بواقعنا نجد الأسباب الحقيقية وراء العزوف عن الكتب.
• مع انتشار الكتب الإلكترونية خلال السنوات الماضية والإقبال عليها من القراء، هل سيختفي الكتاب المطبوع قريباً؟
ما زالت أوروبا تقرأ الكتاب في المترو والحافلات ومحافل الانتظار، أوروبا وأميركا الذين اختاروا وسائل الميديا الحديثة والإلكترونية ما زالوا يقرؤون الكتاب الورقي، وأظن أن القارئ العربي لن يستطيع الاستغناء عن الكتب الورقية، فالكتاب الورقي باقٍ وهو الأكثر صموداً أمام وسائل المعرفة الجديدة والأكثر وثوقاً في القراءة من الكتب الإلكترونية.
بطاقة
حصلت على الدكتوراه في الفلسفة عام 1994 من موسكو. تشغل منصب رئيس الإدارة المركزية للنشر بالهيئة المصرية العامة للكتاب. عضو في اتحاد كتاب مصر، وعملت رئيساً لتحرير سلسلة كتابات جديدة بالهيئة المصرية العامة للكتاب، ومشرفاً عاماً على سلسلة الجوائز بالهيئة. أسست في المركز القومي للترجمة سلسلة الأطفال «أدب الطفل حول العالم» وأصدرت منها عدداً من الحكايات الشعبية ترجمتها «نت الروسية»، كما شاركت في هيئة تحرير وترجمة بعض القواميس والموسوعات في مصر مثل: «قاموس المسرح»، و«موسوعة المرأة عبر العصور»، و«دائرة المعارف الإسلامية».