د.فاطمة حمد المزروعي 10 أغسطس 2019
من أكثر الأمور التي تثير الضحك النكت، أساسها ما يروى من طرائف ونوادر، تقترن أحياناً بحركات اليدين عندما تروى. عند روايتها يختلف الناس في مدى قدرتهم على إضحاك الآخرين، فهي مهارة وفن مكتسب، لا يتقنه الجميع. رغم قصر النكات إلا أنها تختزل في داخلها عادات الشعوب وثقافاتها، رموزها وبلاغتها؛ لذلك ليست كل النكت تفهم دائماً، بعضها له عدة مستويات للفهم، ما تفهمه العامة قد يختلف عما يفهمه الخاصة، لما احتوته من أمور دقيقة لطيفة خفية، وهو معنى النكتة لغة.
تحمل النكت رسائل خفية من تنبيهات لا تجرح مثل النصائح المباشرة للناس وللشباب خاصة، تصل في أجواء الضحك والهزل، من خلال الحكايات والنكت والنوادر، ويقال في الأمثال الإماراتية: مزاح ودز رماح، لتنبيه السامع بأن يأخذ الأمر جدياً. وأما الأدباء فاستعانوا بالنكت والنوادر في معظم الآداب، منها الأدب العربي القديم، حيث زاوج بعض الكتاب بين الجد والمزاح بغية التخفيف على القارئ، منهم الجاحظ وابن قتيبة على سبيل المثال.
ويرى فرويد أن النكت تشبه الأحلام، بارتباطها بالعقل اللا واعي، وبما تعكسه عن مكبوتات النفس ودواخلها، كما تستخدم النكتة بكثرة في فترات التغيير الاجتماعي والاقتصادي، ويستخدمها بعض المشاهير طريقة للتخلص من المواقف المحرجة، ومن أسئلة الصحافيين.
يحب معظم الناس سماع النكت، فهي زينة المجالس وفاكهتها إن لم يكن فيها إسفاف أو سخرية من الآخرين، حيث ينجذب السامعون كالمغناطيس لمن يروي النوادر؛ لأنه يستطيع أن يصحبهم في نزهة روحية، يشرح صدورهم بما يروي؛ يضحكهم ملء أشداقهم. من هذا عُدّ من يروي الأخبار والنكت إنساناً ذكياً اجتماعياً، ظريفاً لطيفاً يتقبله الناس بشرط ألا يجرحهم بشكل مباشر. تساعد رواية الطرائف على مدّ جسور الصداقة بين الناس، فهم يأنسون بالشخص الظريف، معه يمكن أن يقضوا أوقاتاً مرحة، متخففين فيها من هموم أعمالهم ومشاغلهم.