مليكة أحمد 22 يناير 2019
حينما يُذكر اسم النمسا، أول ما يتراقص إلى مخيلتك مدينة فيينا عاصمة الموسيقى الكلاسيكية الساحرة في أوروبا، بلياليها الرومانسية، وشوارعها الدافئة، ولكن ماذا عن ثاني أجمل مدينة بعد فيينّا، وأكثرها استقطاباً للسياح؟ ماذا عن مدينة تنفرد بطابع سياحي يكاد يكون الأفضل ليس في النمسا فحسب، بل في أوروبا بأسرها. هناك وتحديداً بعد جنوب غرب مدينة فيينا مباشرة، تستقبلك بوابات ثلاث هي كل من «جروبيجلوكنر»، «كابرون»، و«جليم»، مناطق تُشرّع أيديها لتستقبل البلدة النمساوية الصغيرة، التابعة لمنطقة سالزبورغ التاريخية القريبة الحدود من مدينة ميونيخ الألمانية، إنها بلدة «زيلامسي»، معقل السياحة وأعجوبة الطبيعة ورمز الجمال النمساوي الجذاب.
شهر عسل لا ينسى
مليئة مدينة «زيلامسي» بالفنادق السياحية، لكن يبقى فندق «سينسز فيلوليت سويت» الأشهر، كونه يُعد المكان المثالي لأي عروسين لتمضية أجمل أيامهما على الإطلاق، في شهر عسل لا يُنسى، هذا الفندق الرومانسي الهادئ، معروف بأجنحته الملكية، ذات الطراز الهندسي الفخم، وشُرفه التي تكشف عن مناظر طبيعية تأسر القلوب حول بحيرة «زيل»، حيث يتربع على تلة عالية وهادئة بعيدة عن صخب المدينة، تمنح نزلاءه راحة نفسية منقطعة النظير، كما يقدم وجبات إفطار فيه لذيذة جداً، كوجبات البيض باللحم المقدد، منذ الصباح الباكر في جو رومانسي تتخلله معزوفات موسيقية ساحرة.
ثلوج، جبال، وبحيرات
تحتل «زيلامسي» موقعاً جغرافياً استراتيجياً في النمسا، فلديها تنوع وتناغم طبيعي لا حدود له، فجنوباً تحدها قمم جبل «هوهي هورين» و«كيتزستينهورن» الجليدية الشاهقة، وشمالاً تلال «ستينيرين مير»، وسهول «جراسبيرج» الخصبة. كما أنها المركز الإداري لمنطقة كابرون سالزبورغ، مما يجعلها القلب النابض للسياحة الموسمية في النمسا، على مدار السنة، حيث تجدها شتاءً مجهزة بمحطة كبيرة لممارسة الرياضات الشتوية، إضافة إلى اعتبارها من أكثر المدن الأوروبية جاهزية لاستضافة مسابقات ومنافسات التزلج العالمية، وإلى ضمّها ملعبين ذوي مساحة هائلة وشاسعة لرياضة الأغنياء كما تسمّى، رياضة الجولف، وهما ملعب «شميتينخوه» وملعب «كيتزستينهورن، الذين يستقطبان مجموعة معتبرة من عشاق هذه الرياضة، كما تنظم المدينة بطولات إقليمية تقام في فصل الربيع من كل سنة. هذا ويتم تحويل الملعبين في موسم الشتاء إلى حلبات للتزحلق والتزلج على الجليد، وممارسة العديد من أنواع الرياضات الشتوية، كالرقص على الجليد، حيث إن مساحة ملاعب الجولف التي تمتد إلى 130 كيلومتراً، وتحوي بين 760 و2000 متر ارتفاعاً من الثلوج المتساقطة فيهما، كفيلة ومناسبة جداً لتجهيز أجمل وسائل المتعة لعشاق التزلج. كما أن موقع المدينة اللافت تحت سفح جبل «شميتينخوه» المعروف بكتله الثلجية الضخمة، وإطلالاتها الممتدة على بحيرة «زيل سي» الجميلة، جعلها تخطف القلوب قبل الأنظار، حيث ستلاحظ عند أول زيارة لوحة فنية مرسومة بإبداع الخالق، كيف تعانق السماء ذلك الكم من الجبال الشاهقة المطلة على بحيرة يُقال عنها إنها سر الجمال الحقيقي للطبيعة في النمسا.
في قائمة «اليونسكو»
تمّ تصنيف مدينة «زيلامسي» من أجمل المدن التاريخية الصغيرة في أوروبا، من قبل مؤسسة «كلين هيستوريش ستيد» السياحية، كما تم إدراجها ضمن قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي كأجمل بلدة قديمة تابعة لمدينة سالزبورغ الغنية بالمعالم التاريخية الباهرة، من كنائس وقصور مبنية على الطراز الباروكي القديم.
ووفقاً للإحصاءات التي قامت بها الشركات السياحية في النمسا، فإن أكثر نسبة من السياح الذين يتداولون على زيارة «زيلامسي» أغلبهم من ألمانيا، حيث يمثلون نسبة 46% من السياح، وذلك ربما يعود لقرب المسافة بين البلدين، أو ربما وبالتأكيد لاعتبارها من أكثر الوجهات السياحية والرومانسية بعد العاصمة النمساوية فيينا، يتبعهم البلجيكيون والأيرلنديون الذين يفضلون زيارتها صيفاً للاستمتاع بشلالاتها خاصة شلالات «كريمل»، أحد أبرز المعالم الطبيعية في «زيلامسي»، والنمسا قاطبة، إذ تبلغ نسبة ارتفاعها حوالي 400 متر عن سطح الأرض، والاستجمام بمياهها المعدنية، والأهم من كل هذا لممارسة رياضة تسلق الجبال، وركوب الدراجات، حيث يفضلون الحضور في ذلك الوقت بالذات بقصد قضاء أجمل الأوقات في الإجازات التي تبقى محفورة بالذاكرة. أما مجموع عدد السياح الذين يفدون إليها، فيبلغ نحو 400 ألف سنوياً، مما يُعد دخلاً سياحياً معتبراً للبلد.
سياحة علاجية
باعتبارها منتجعاً صحياً طبيعياً، لما تختزنه من كمية كبيرة من المياه الطبيعية والمعدنية على حد سواء، فالمدينة تزخر بوجود عامل صحي مهم فيما يتعلق بالسياحة العلاجية، حيث يمكن للزائر أن يحصل على وافر من الاستجمام والراحة النفسية، خلال زيارته مراكز «زيلامسي» المنتشرة في المنطقة، والحصول على كم كبير من الطاقة الإيجابية هناك.
ولا تنسَ أن تزور منتزه «إليزابيث» الذي يمتدّ حول ضفاف بحيرة زيل في مساحة تقدّر بـ15 كيلومتراً، تتخلله مناظر بانورامية خلابة
تجعلك تهوى رياضة المشي بلا هوادة، وخاصة في فصلي الربيع والصيف، كما ستجعلك تكاد تجزم بأنك في محميّة طبيعية، وليس في منتزه أو حديقة، وذلك بفضل الكم الهائل للبط والبجع وبعض الطيور النادرة التي ستجدها منتشرة بين ممراتها.