لاما عزت 18 مايو 2018
إعادة ضبط الإعدادات جملة تعطي شعوراً بالراحة عندما تواجهنا مشكلة تقنية مع جهاز ما، فهي عودة الأمور لما كانت عليه بلمسة واحدة! ولكن كيف إن احتجنا لإعادة ضبط إعدادات عقلنا أو روحنا فهل هذا متاح؟ في الواقع للإنسان فرص عديدة لاستعادة التوازن في الحياة ولكل منا طريقته مع فروقات فردية في تعريف ذلك، ولكن ما جعل هذه الفكرة تحضرني هو أننا هذه الأيام على موعد مع فرصة سنوية لإعادة التوازن لحياتنا، فهل عرفتموها؟
أتحدث عن شهر رمضان المبارك، فبالإضافة إلى روحانية وبركات الشهر الفضيل التي تسبق أي أمر آخر، أريد تناوله اجتماعياً كمساحة لوقفة مع النفس والنزول من (هايبرلووب) الحياة العصرية التي جعلت الغالبية بسباق مع الزمن، فهو موعد مع الأمور الأهم في حياتنا التي نفتقدها كثيراً وسط انشغالاتنا، وعلى الرغم من أن ساعات العمل الرسمي تقل عدداً في رمضان إلا أن فعالية الأيام في رأيي تزداد، لأن رمضان تنقية لجداولنا المزدحمة أو ما يمكنني تسميته (ديتوكس) من الأمور الأقل أهمية.
وعلى الرغم من أن عادات شهر رمضان في المجتمع العربي والخليجي بشكل خاص متقاربة، إلا أنني أردت مشاركتكم جانباً من يومٍ رمضاني لي أريد أن أستذكره وأتمنى أن يكون مساحة أفكار وحوار يمتد عندكم ما بعد سطوري، ليجدد كل واحد منا وصفته لاستعادة التوازن.
المشهد في منزل والدي بطي بن بشر، رحمه الله، الذي لا يزال بعد مرور السنين يحتضن أجواءً رمضانية بفضل لمسة والدتي بارك الله في عمرها، أجواء اجتماعية هي لي كبلسم الروح ومكونات هذا البلسم هي تجمّع الأهل على مائدتي السحور والفطور، والأحاديث الشيقة في مجلسنا ومجالس من نزور من الأهل بعد صلاة التراويح، ووقت طويل تُمضيه والدتي في الإشراف على طهو الهريس لتوزيعه على الصائمين يمتد من وقت الضحى وحتى الـ 5 عصراً أحياناً، ولهذا البلسم عطر برائحة العود والقهوة بعد الإفطار، وله مذاق حلو مثل صحن (الفرني) وهي إحدى الحلويات الإماراتية وغيرها الكثير.
رمضان فرصة للسعادة ولكن لمن يجيد إعادة ضبط إعدادات يومه. هنا لا أتحدث عن يوم مليء بساعات أكثر من متابعة المسلسلات، ولكن عن يوم نُعطي فيه كل شيء حقه، ونقترب فيه ممن نُحب ويعنون لنا الكثير بتخصيص الفترة المسائية للأهل، يوم نحرص أن نلمس فيه حياة من حولنا ببادرة مهما كانت بسيطة، ومنها العمل التطوعي مهما كان بسيطاً في المبادرات الكثيرة التي يتميز بها الشهر الفضيل.
أحياناً كل ما نحتاجه هو أن نعود بالذاكرة ليوم في شهر رمضان ماضٍ والحالة الشعورية التي جعلتنا نبتسم آنذاك، ونعيد صناعة اللحظة لنسعَد ونُسعد من حولنا، لنجد أننا أعدنا ضبط إعدادات حياتنا. تلك اللحظة هي إعادة ضبط إعدادات وصفتي للتوازن.. فما هي وصفتكم؟