لاما عزت 11 فبراير 2018
عجز مؤرّخو الفن عن تفسير سـرّ السحر الأخّاذ المنبعث من الموناليزا منذ 5 قرون. هذا لا يمنع الفنانين ومصممي الإعلانات والملصقات، ليومنا هذا، من تقليد رائعة تحف اللوفر، وإقامة المعارض لأعمال تُحاكيها. يكاد لا يوجد بيت غربي لم تدخله «لا جوكوندا»، مطبوعة على تقويم سنوي أو بطاقة بريدية، أو عبر حملات الترويج الكثيرة التي يقحمونها فيها. فإذ يُضاهي غموض البسمة المرسومة على وجه الموناليزا غموض شخصية رسامها نفسه، ليوناردو دافنشي (1452 - 1519)، ما فتئت هذه تثير تساؤلات لا تجد جواباً شافياً. هل كان «الأب البيولوجي» أو «الأب الروحي» للوحة؟ هل يجوز الظن أن أحد طلابه بدأها، ثم أنهاها الأستاذ فوضع شيئاً من عبقريته فيها؟ في أي ظروف وصل الرسم إلى قصر ملك فرنسا؟ كيف سُرق من متحف اللوفر في عام 1911؟ من عساها تكون تلك السيدة الباسمة؟ حيّر السؤال الأخير مؤرّخي الفن وعشّاقه في أوروبا قروناً: من كانت مونا ليزا؟ توصل الخبراء، على مضض، إلى شبه إجماع على أن صاحبة البسمة المبهمة كانت ربما المدعوة ليزا غيرارديني. ففي عام 1495، زُوّجت ليزا إلى تاجر قماش ثري من مدينة فلورنسا، يدعى فرانشيسكو دَل جوكوندو. وذلك ما يفسر اسم اللوحة في لغة بلادها: «لا جوكوندا» أي «امرأة جوكوندو». اعتمدوا ذلك الاستنتاج، وهو غير نهائي، بدراسة شهادات ومصادر متعددة، ثم المقارنة فيما بينها والسعي إلى استخلاص أكثرها تطابقاً وأقربها إلى المنطق. من أهمها، إفادة المؤرخ والرسام الإيطالي جيورجيو ?ازاري (1511 - 1574)، الذي لم يرَ اللوحة في حياته، لكنه درسها وكتب عنها بإسهاب بعد سنوات. بيد أن استنتاجاته تبدو لاغية عند قراءة تقرير مؤرخ آخر، أنطونيو دي بياتيس، الذي فنّد «نظرية» مواطنه بشأن هوية الموديل. أما تحديد تاريخ الرسم، فقد كان بدوره موضع جدل. في هذا الباب أيضاً، فحص الخبراء مخطوطات وأرشيفات عدة، فخلصوا إلى القول إن اللوحة رسمت بين عامي 1503 و1506. لكن يروي البعض أن الفنان كان بدأها قبل ذلك، وتعمّد إخفاءها طوال سنوات. فلماذا أخفاها، في حين كان يعي تماماً أن ملك فرنسا كان سيجزيه بسخاء عنها؟ ثمة «اجتهادان» في هذا الباب. إذ أكد بعض مؤرخي الفن أن دافنشي وقع في غرام الموديل، وأنه لم «ينشر» الرسم سوى بعد وفاة السيدة المرسومة. في المقابل، أصرّ آخرون على أنه عشق اللوحة نفسها، لا الموديل، مما يفسر مماطلته أعواماً في كشف النقاب عنها، بحجة عدم اكتمالها وضرورة وضع لمسات أخيرة عليها.
ساعة رولكس

أدخل بياناتك
شكراً
ننتظرك غداً مع سؤال جديد
التالي
اغلق

