#تغذية وريجيم
د.أيمن بدر كريم 3 يوليو 2011
يتمتع الناس هذه الأيام بالإجازة الصيفية التي تحل عليهم بعد طول انتظار، مما يحفز كثيرا منهم على السهر ويحد كثيرا من أوقات نومهم. والمعروف بداهة أن الله سبحانه وتعالى فطر الناس على النوم بالليل وكسب الرزق بالنهار، تناغما مع دورة الشمس والقمر التي جعلهما الله منظما كونيا للساعة الحيوية الداخلية للإنسان. لذلك من المتوقع أن يعاني الإنسان من عدد من الاضطرابات المرتبطة بالنوم والاستيقاظ عند خروج نسق نومه عن دورة الليل والنهار.
ومما يميز الإجازة الصيفية تحرر كثير من الناس - وخاصة الطلبة - من الارتباط بمواعيد نوم واستيقاظ محددة، مما يشجعهم على الإفراط في السهر وبالتالي استيقاظهم في وقت متأخر من النهار وتغيير إيقاع نومهم ودخولهم في دورة معاكسة للساعة الحيوية للجسم. ولايتنهي الأمر عند هذا الحد في معظم الأحيان، بل يتعداه إلى اضطرار الإنسان أن يحرم نفسه من النوم لعدة أيام حتى أثناء النهار في محاولة لتجنب تفويت متعة التسلية والارتباطات الاجتماعية المختلفة خلال الإجازة. ومن أجل التعويض عن النقص في عدد ساعات النوم الطبيعية، يضطر بعضهم إلى أخذ غفوات قصيرة في أوقات مختلفة مما يزيد من حدة اختلال الساعة الحيوية. وينتج عن هذه السلوكيات المختلفة أثناء فترة الإجازة الصيفية عدد من اضطرابات النوم والاستيقاظ، تعرف طبيا بالحرمان الحاد والمزمن من النوم، واضطرابات الساعة الحيوية كمتلازمة تأخر مرحلة النوم، واختلال أوقات النوم والاستيقاظ بشكل معاكس. وقد تحد هذه الاضطرابات من التمتع الكامل بنشاطات الإجازة الصيفية نظرا لأعراض زيادة النعاس والخمول والصداع أثناء النهار، وتعكر المزاج، والتململ المستمر أثناء النوم في ساعات النهار، وزيادة حموضة المعدة واضطرابات القولون نتيجة الأكل والشرب بشكل غير صحي وفي أوقات غير منتظمة.
وتختلف القدرة على تحمل التغيير في نظام النوم والاستيقاظ أثناء فترة الإجازة من شخص لآخر ومن فئة عمرية لأخرى، فالمراهقون يمكن لهم أن يغيروا نمط نومهم والتأقلم عليه بصورة أسرع عن طريق تأخير أوقات النوم بخلاف كثير من البالغين ومن هم في عمر متقدم. ويجب التنبيه على أن مجتمعنا المدني الحديث يشجع بصورة كبيرة على اختلال مواعيد النوم والاستيقاظ نظرا للارتباطات الاجتماعية الكثيرة والتي عادة تبدأ عادة في وقت متأخر من الليل، والانشغال بالإنترنت ومتابعة القنوات الفضائية وانتشار أسواق التبضع العاملة على مدار الأربع والعشرين ساعة.
ومن أجل الوقاية من اضطرابات النوم المتعلقة بالساعة الحيوية أثناء فترة الإجازة، من الضروري نشر الوعي بالاهتمام بتجنب أسباب السهر المفرط والتقليل من تناول المنبهات وتجنب التدخين أثناء الأنشطة الاجتماعية، والحرص على انتظام ساعات النوم والاستيقاظ، وضرورة أخذ القسط الكافي من عدد ساعات النوم. أما من أصيب باختلال مواعيد النوم والاستيقاظ أثناء أو بعد انقضاء فترة الإجازة فيجب ألا يترك العنان لهذه المشكلة حتى لايصعب حلها، بل من الضروري محاولة ضبط مواعيد نومه بالتدريج على مدى عدة أيام، كتقديم موعد نومه بمقدار نصف ساعة يوميا، والتعرض لضوء الشمس أثناء ساعات الصباح الأولى لحث الجسم على الشعور بالنشاط والاستيقاظ ومحاولة تجنب القيلولة، كما يمكنه كذلك زيارة طبيب اضطرابات النوم لعرض المشكلة وعلاجها عند معاناته من عدم القدرة على العودة إلى النسق السليم للنوم الصحي.