#مجوهرات وساعات
سارة سمير 6 يناير 2025
مر خاتم الخطوبة بمراحل مختلفة منذ سنوات طويلة، ليصبح رمز الحب والالتزام والشراكة، ليذهب إلى ما هو أبعد من أصوله القديمة. فمن الأشرطة المعدنية البسيطة، إلى الألماس المبهر المرصّع بتصميمات معقدة، يعد تطور خاتم الخطوبة رحلة رائعة، تعكس تغيرات الفن والثقافة والمجتمع.
ولقد تحول - ما بدأ ذات يوم كإشارة متواضعة للخطوبة - إلى قطعة مجوهرات شخصية معبرة، وتحمل معنى عميقاً للأزواج في جميع أنحاء العالم. ومع تغير الأنماط مع مد وجزر التاريخ، تغيرت، أيضاً، الأهمية المرتبطة بهذه الخواتم، فمن الإعدادات الفيكتورية المعقدة، إلى الأناقة النظيفة للخاتم الانفرادي في القرن الحادي والعشرين، تعكس خواتم الخطوبة رغبات وأحلام وقيم كل عصر.
وتكشف هذه الرحلة، عبر الزمن، عن أكثر من مجرد اتجاهات متغيرة؛ وتسلط الضوء على كيفية تأثر تصوراتنا للحب والمكانة والتقاليد، وتشكلها من خلال الأحجار المتلألئة، التي ترمز إلى أحد أهم التزامات الحياة.
السنوات الأولى لخواتم الخطوبة.. العصران الفيكتوري والإدواردي:
يعود تاريخ خواتم الخطوبة إلى العصور القديمة، لكن تقليد تقديم الخاتم كرمز للخطوبة ترسخ خلال القرن التاسع عشر، خاصة في العصر الفيكتوري، حيث شكل هذا العصر أنماط خواتم الخطوبة المُصممة مع وضع القيمة العاطفية والرومانسية في الاعتبار. وكانت تتميز بتصميمات معقدة، بما في ذلك: الزخارف الزهرية، والقلوب، والكروم المتشابكة، التي ترمز إلى الرابطة بين الزوجين.
وحينها كانت المواد المستخدمة في أكثر الخواتم؛ تشمل: الذهب والفضة، وأحياناً البلاتين الذي أصبح متاحاً على نطاق واسع في ما بَعْدُ. وكانت القطعة الأساسية لخواتم الخطوبة، في هذه الفترة، من الألماس أو الأحجار الكريمة الملونة، لكن بأسلوب أكثر زخرفة من التصاميم المعاصرة.
وشهد العصر الإدواردي (1901-1910) ظهور خواتم أكثر دقة مع أعمال دقيقة، تتميز بإطارات البلاتين والألماس. وكانت هذه الخواتم أكثر تعقيداً وتفصيلاً، ما يعكس أناقة ورقي ذلك الوقت. وخلال هذه الفترة، بدأ الألماس يكتسب شهرة كحجر كريم مفضل لخواتم الخطوبة، بفضل التقدير المتزايد لندرته وبريقه.
عصر الآرت ديكو.. السحر والدقة الهندسية:
جلبت فترة 1920، و1930 من القرن العشرين حركة الآرت ديكو؛ الفترة التي تميزت بالأشكال الهندسية الجريئة والخطوط النظيفة والتركيز على التناظر، وكانت خواتم الخطوبة من هذا العصر مختلفة بشكل لافت عن خواتم العصرين الفيكتوري والإدواردي. وتميزت هذه الخواتم بالألماس المقطوع بشكل مربع أو زمرد، مع إعدادات مُتقنة تؤكد الخطوط النظيفة والتناظر، بدلاً من التصاميم العضوية المعقدة، وأصبح الذهب الأبيض والبلاتين أكثر شعبية خلال هذه الفترة، بسبب قدرتهما على استكمال بريق الألماس.
وكانت خواتم الخطوبة على طراز الآرت ديكو تتضمن مواد أخرى، مثل: الأحجار الكريمة الملونة، والمينا، وحتى الزجاج، بالإضافة إلى الألماس، وكانت هذه الخواتم تعكس التفاؤل والحداثة في عشرينيات القرن العشرين، الفترة التي كان العالم يحتضن فيها أشكالاً جديدة من الفن والتصميم والأزياء.
وظلت الأنماط الهندسية والتصميمات الجريئة والحيوية، لهذه الفترة، مؤثرة في خواتم الخطوبة، حيث ألهمت التصميمات الحديثة التي تعطي الأولوية للخطوط النظيفة، والمجموعات الفريدة.
الحرب العالمية الثانية.. وصعود الألماس:
بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت خواتم الخطوبة تخضع لتحول كبير آخر، حيث شهدت الخمسينيات والستينيات ظهور خاتم الألماس المنفرد، وهو أسلوب كلاسيكي أصبح يعرف بخواتم الخطوبة لعقود من الزمان، وعُرف باسم عصر «Retro Era».
وتشكلت هذه الحقبة نتيجة الرخاء، الذي شهدته فترة ما بعد الحرب، حيث سعى العديدون من الأزواج إلى العودة إلى البساطة والأناقة، وكان خاتم الألماس المنفرد يتميز بألماسة واحدة، تكون مثبتة في شريط بسيط وأنيق من الذهب أو البلاتين، ما يسمح لجمال الألماسة بأن تكون في مركز الاهتمام.
وخلال هذه الفترة، لعبت حملة «الألماس للأبد» (A Diamond is Forever) الشهيرة لشركة «دي بيرز»، التي أطلقتها عام 1947، دوراً في ترسيخ الألماس؛ باعتباره الرمز النهائي للحب والالتزام. وساعدت الحملة في ترسيخ فكرة أن الألماس خيار مثالي لخواتم الخطوبة، ما أدى إلى زيادة الطلب عليه. وشهدت هذه الفترة، أيضاً، ظهور «معيار الألماس»، وتعني أن خاتم الخطوبة يجب أن يتميز بألماسة ذات حجم ونوعية معينين، ما أثر على سوق المجوهرات، وتوقعات المجتمع.
من 1970 إلى 1990.. أنماط متنوعة وطابع شخصي:
بحلول سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، أصبحت خواتم الخطوبة متنوعة بشكل متزايد، ما يعكس التحولات الثقافية الأوسع نطاقاً في ذلك الوقت. ومع اكتساب الحركة النسوية زخماً، بدأت العديدات من النساء تأكيد المزيد من السيطرة على خطوبتهن، واختيار الخواتم التي تعكس أذواقهن الشخصية، بدلاً من التوقعات التقليدية.
وشهدت السبعينيات، أيضاً، تصميمات غير تقليدية أكثر، بما في ذلك استخدام الأحجار الكريمة الملونة، كالياقوت والزمرد والياقوت الأحمر، وأصبح خاتم خطوبة الأميرة ديانا، الذي تميز بياقوتة كبيرة محاطة بألماس، رمزاً أيقونياً لهذا العصر، وظل أسلوباً شائعاً حتى يومنا هذا.
وفي تسعينيات القرن العشرين، برز المزيد من التجارب على الأحجار الكريمة والمواد البديلة، فضلاً عن الاتجاه المتزايد نحو خواتم الخطوبة المصنوعة حسب الطلب. وبدأ الأزواج يعطون الأولوية للتخصيص، والبحث عن تصاميم فريدة، وذات مغزى بالنسبة لهم. كما سمح ظهور الإنترنت، وتجار المجوهرات عبر الإنترنت، للناس باستكشاف مجموعة أوسع من الأنماط والخيارات، ما ساهم في تنويع تصاميم خواتم الخطوبة.
القرن الـ21.. الاتجاهات الحديثة والاعتبارات الأخلاقية:
في القرن الحادي والعشرين، أصبحت أنماط خواتم الخطوبة أكثر تنوعاً وإبداعاً، وكان أحد أهم الاتجاهات في العقد الأول من القرن الـ12، والعشرينيات، هو ظهور التصاميم المستوحاة من الطراز القديم، حيث سعى العديد من الأزواج إلى الحصول على خواتم تعود إلى فترات سابقة، خاصة «الآرت ديكو»، و«الإدواردي».
وفي الوقت نفسه، اكتسبت الأنماط الحديثة، مثل: الخواتم المشدودة، وتصميمات الهالة، شعبية، وكذلك الأحجار الكريمة البديلة، ومنها: المورجانيت، والأكوامارين، والألماس الأسود.
ومن بين التحولات الملحوظة الأخرى في اتجاهات خواتم الخطوبة، جاء التركيز المتزايد على المصادر الأخلاقية، ومع تزايد المخاوف بشأن الألماس المستخرج من مناطق الصراع، والاستدامة البيئية، اختار العديدون الألماس المزروع في المختبرات، أو الأحجار الكريمة الأخلاقية.
وعلاوة على ذلك، أصبح التخصيص أكثر سهولة من أي وقت مضى. ومع ظهور متاجر المجوهرات عبر الإنترنت، ومصممي المجوهرات المخصصين، أصبح لدى الأزواج الآن خيار صنع خواتم خطوبة مخصصة تماماً، تعكس قصصهم، وتفضيلاتهم الفريدة.