#صحة
ياسمين العطار السبت 25 يناير 10:00
تُكرس الدكتورة الإماراتية، شريفة يتيم، أخصائية علم تحليل السلوك التطبيقي، وقتها وجهدها لرعاية الأطفال ذوي التوحد، واضطرابات النمو، والإعاقات الذهنية الأخرى، عبر العلاج السلوكي، الذي يتركز هدفه على تحقيق زيادة في السلوكيات الإيجابية، وانخفاض في السلبية، وفق أفضل الممارسات العالمية؛ لإطلاق العنان لإمكاناتهم، وإسهاماتهم المجتمعية. وحازت الدكتورة شريفة شهادة علم تحليل السلوك التطبيقي من «البورد الأميركي» لمحلل السلوك، وأسست مركز «شريفة يتيم للتأهيل» في أبوظبي، الذي حقق إنجازاً مميزاً بحصوله على اعتماد مركز التميز في الصحة السلوكية من «جايد هيلث كاليفورنيا»، بعد خبرة بمجالها امتدت إلى أكثر من 13 عاماً، جابت خلالها دول العالم؛ لتقديم المحاضرات العلمية والتوعوية.. التقتها مجلة «زهرة الخليج»؛ لنعرف أكثر عن مسيرتها، وتخصصها المتميز، وطموحاتها.. في هذا الحوار:
اخترت تخصصاً مميزاً وفريداً في دولة الإمارات؛ ما الذي جذبكِ إليه؟
اختياري هذا التخصص جاء بمحض الصدفة؛ عندما منحتني دولة الإمارات فرصة السفر إلى الخارج؛ لاستكمال دراستي. كنت أنوي دراسة الطب، وبعدها اختلفت وجهتي؛ فقررت دراسة علم تحليل السلوك التطبيقي، الذي لم يكن متوفراً حينها في الدولة، ما دفعني إلى اكتشاف هذا العلم، ودراسته، والعودة به إلى الإمارات؛ لأضيف شيئاً جديداً إلى بلادي، حيث تساهم دراسة علم النفس والسلوك في تغيير سلوك الإنسان، وتحديداً الأطفال، خاصةً الذين لديهم سلوك عدواني، ويعانون اضطرابات بسبب مرض التوحد. وقد حصلت على الماجستير في علم النفس، والدكتوراه في التربية، وعملت لسنوات طويلة بأحد مراكز إمارة أبوظبي، إلى أن جاءت جائحة «كوفيد - 19»، فغيرت مساري العملي.
جودة عالمية
كيف حدث ذلك؟
خلال «الجائحة»، ركزت جهدي على تقديم استشارات تطوعية (أونلاين)؛ لمتابعة حالات الأطفال من ذوي التوحد، بهدف توظيف العلم لخدمة المجتمع في تلك الفترة الحرجة. وقد اعتاد أولياء الأمور متابعة أبنائهم معي، وكثيرون منهم أرادوا الاستمرار في علاج أبنائهم بعد انتهاء «الجائحة». ولأنني لم أكن أمتلك مكاناً لاستقبالهم، عملت بجد لافتتاح مركزي الخاص؛ لاستكمال متابعتهم. ورغم مواجهتي كثيراً من التحديات، خلال تلك الفترة، إلا أنني نجحت، أخيراً، في افتتاح «المركز»، وتقديم خدمات العلاج والتأهيل بجودة عالمية.
كيف يمكننا مساعدة الأطفال من ذوي التوحد، وتأخر النمو؟
يمكننا مساعدتهم بالتدخل المبكر والمكثف (EIBI)، الذي يعد سبيلاً مثلى لتأهيل أطفال ذوي التوحد وتأخر النمو. وهو نوع من العلاج يستند إلى مبادئ تحليل السلوك التطبيقي، ويُستخدم، عادةً، مع الأطفال الصغار، أقل من 5 سنوات، الذين تم تشخيصهم باضطرابات النمو، خاصة اضطراب طيف التوحد؛ لأن الطفل في هذه الفترة العمرية يكون في طور اكتساب المهارات والتطور. ويهدف التدخل المبكر إلى تحقيق تحسينات كبيرة في مجالات عدة، مثل: «التواصل، والمهارات الاجتماعية، والسلوك»، عبر برنامج مكثف يتطلب غالباً من 20 إلى 40 ساعة في الأسبوع، حسب احتياجات الطفل الفردية، ويسعى البرنامج إلى توفير نهج شامل ومنظم، عبر بيئات متعددة: (المنزل، والمدرسة، والمجتمع)، ويتكون من تخصصات طبية عدة، مثل: «طب الأطفال، والعلاج الوظيفي، والعلاج الطبيعي، وعلاج النطق واللغة، وعلم النفس، والتربية الخاصة».
ما المهارات، التي يعمل برنامج التدخل المبكر على تنميتها؟
يركز (EIBI) على بناء المهارات في مجموعة متنوعة من المجالات التنموية، ومنها: التواصل واللغة، إذ يتم تعليم التواصل اللفظي، وغير اللفظي، بما في ذلك: استخدام الكلمات، والتعبير عن احتياجاته، وفهم الآخرين، وتوسيع المفردات، إلى جانب المهارات الاجتماعية؛ لـ«بناء القدرة على التفاعل مع الأقران والبالغين، ومشاركة الانتباه، واللعب مع الآخرين، وفهم الإشارات الاجتماعية»، بالإضافة إلى المهارات الإدراكية، التي تساهم في تطوير المفاهيم الأكاديمية المبكرة، مثل: «الألوان، والأشكال، والحروف، والأرقام، ومهارات حل المشكلات»، وكذلك المهارات التكيفية، والرعاية الذاتية؛ لتعزيز الاستقلالية من خلال تعليم مهارات الحياة اليومية، مثل: «ارتداء الملابس، وتنظيف الأسنان، وتناول الطعام بشكل مستقل». وأخيراً، المهارات السلوكية، التي تُعنى بمعالجة سلوكيات مثل: «نوبات الغضب، والعدوانية أو إيذاء الذات»، واستبدالها بسلوكيات مناسبة، باستخدام التعزيز الإيجابي.
برنامج التدخل المبكر.. هل يصلح لكل الحالات؟!
على الرغم من أن (EIBI) يرتبط، بشكل أساسي، باضطراب طيف التوحد، إلا أنه يمكن أن يكون مفيداً، أيضاً، لاضطرابات النمو، والإعاقات الذهنية الأخرى، بما في ذلك: «تأخر الكلام، ومتلازمة داون، وتأخر النمو». ويتم تصميم البرنامج، بشكل فردي، ومراقبة التقدم بشكل مستمر؛ لتكييفه مع الاحتياجات المتغيرة للطفل، إذ يوجد العديد من المناهج والبرامج المصممة؛ للتركيز على التدخل السلوكي المكثف والمبكر للأطفال.
رؤى وطنية
حدثينا عن جهود دولة الإمارات في توفير رعاية شاملة ومؤثرة، للذين يعانون اضطراب طيف التوحد، وغيره!
دولة الإمارات نهضت، بشكل كبير، بالاستراتيجيات والرؤى الوطنية، التي يتم خلالها التعامل مع ذوي التوحد، ما انعكس بشكل إيجابي على ثقافة المجتمع، الذي يتعامل بالدرجة الأولى معهم، وعلى ذويهم، وفرص ذوي التوحد في التعليم، والرعاية الصحية، وتطوير المهارات الذاتية، لاسيما بعد إشراكهم في بطولات رياضية، وتعزيز فرصهم في مناحي الحياة كافة. ومن الجهود التي تقدمها دولة الإمارات؛ للارتقاء بالرعاية المقدمة إلى أصحاب الهمم، أطلقت دائرة الصحة – أبوظبي مبادئ توجيهية جديدة؛ لتحليل السلوك التطبيقي لاضطراب طيف التوحد، بهدف تعزيز جودة واتساق خدمات تحليل السلوك التطبيقي، للذين يعانون اضطراب طيف التوحد، وتوحيد معايير تقديم الرعاية إليهم، وتوفير إطار شامل يجمع بين الممارسات القائمة على الأدلة، وأفضل المعايير العالمية.
ما طموحاتكِ المستقبلية؟
أسعى إلى نشر تخصص علم السلوك التطبيقي في الدولة، عن طريق تشجيع الشباب والشابات على العمل بهذا المجال، لثبوت فاعليته في علاج حالات كثيرين من ذوي التوحد. وأجتهد لتوسعة فريق العمل به عن طريق تأهيل كادر إماراتي متفوق ومتخصص في هذا المجال، فالكادر الإماراتي هو الذي سيُسهم في استدامة هذا التخصص، وتطوره.