#علاجات تجميلية
تغريد محمود 1 يناير 2025
ما أروع تلك الابتكارات، التي تجدد الأمل في الاستمتاع بالجمال، والصحة، والحياة!.. ففي خطوة تمثل طفرة كبرى في علاج فقدان الأسنان، تعمل شركة «توريغم بيوفارما» (Toregem Biopharma)، إحدى الشركات اليابانية المتخصصة في مجال التكنولوجيا الحيوية، على تطوير عقار مبتكر؛ لإعادة نمو الأسنان. ويستعد الباحثون لبدء تجارب سريرية على البشر؛ لاختبار فاعلية هذا العلاج، الذي سيُحدث تغييراً جذرياً في «طب الأسنان»، معلناً بداية عصر جديد، يكون فيه هذا العلاج بديلاً غير جراحي عن الإجراءات التقليدية، مثل زراعة الأسنان، ما يفتح آفاقاً جديدة أمام الملايين من المرضى حول العالم.
لطالما كان فقدان الأسنان تحدياً كبيراً يواجه الإنسان، سواء بسبب تقدم العمر، أو نتيجة حوادث، أو أمراض. ويتكون جسم الإنسان من 206 عظام، تتكون من خليط من الكالسيوم والمعادن والكولاجين، يشكل الهيكل البيولوجي الذي يحملنا طوال اليوم. وبينما تتمكن العظام من أن تجدد نفسها عند الكسر، فإن الأسنان ليست عظاماً، بل تعد أقوى مادة في الجسم؛ بفضل طبقة المينا الواقية، وهي تفتقر إلى القدرة الأساسية على الشفاء والنمو، حتى ظهور ذلك الإنجاز العلمي، الذي يقلب موازين «طب الأسنان»، رأساً على عقب. كما أنها تؤدي دوراً حيوياً في الصحة العامة، ويمكن أن تزيد الأسنان التالفة خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، والخرف.
تثبيط بروتيني
حدد العلماء في «توريغم بيوفارما» (شركة أسسها ثلاثة أطباء، كرسوا حياتهم لإحداث ثورة في صحة الأسنان) بروتيناً في جسم الإنسان يُسمى «USAG-1»، واكتشفوا أنه يمنع نمو الأسنان الجديدة بشكل طبيعي بعد الطفولة. ومن خلال تثبيط عمل هذا البروتين، اكتشف العلماء أن الأسنان الجديدة يمكن أن تنمو في المكان نفسه، الذي فُقدت فيه الأسنان القديمة، وبالتالي لن تكون هنالك حاجة إلى أطقم الأسنان أو الزراعة الجراحية.
ويستهدف العقار الجديد ذلك البروتين، وينجح في إعادة تفعيل «براعم الأسنان» الكامنة لدى البالغين، التي تختفي عادةً بعد مرحلة الطفولة. وهذه البراعم، غير النشطة لدى معظم الأشخاص بعد النمو، يمكن أن تستجيب للعلاج المتمثل في حقنة واحدة تُعطى عن طريق الوريد، تحتوي على جسم مضاد لحجب بروتين «USAG-1»، ما يسمح للأسنان الجديدة بالنمو بشكل طبيعي.
وفي عام 2007، اكتشف الباحثون أن تعطيل هذا البروتين، في الفئران المخبرية، يمكن أن يحفز نمو الأسنان. ومنذ ذلك الحين، تم إجراء العديد من التجارب على الحيوانات مع نتائج واعدة، بما في ذلك نمو الأسنان الطاحنة. ومع تطور البحث، بدأ العلماء اختبار الدواء على البشر خلال تجارب سريرية.
فقدان الأسنان الوراثي.. واليومي
لا يقتصر هذا العلاج على الأشخاص الذين يعانون فقدان الأسنان بسبب التسوس، أو أمراض اللثة، أو أي إصابة أخرى، بل يمتد أيضاً ليشمل الذين يعانون حالات وراثية نادرة، مثل «الأنانودنتيا» (Anodontia)، وهي حالة يولد فيها الشخص دون بعض أسنانه، أو دونها كلها. وتشير التقارير إلى أن 69% من البالغين يفقدون على الأقل سناً واحدة بسبب مشكلات الأسنان. ونتيجة لذلك، تمثل هذه الأبحاث فرصة حقيقية؛ لتحسين حياة ملايين الأشخاص، الذين يعانون فقدان الأسنان في جميع أنحاء العالم.
الأطفال والبالغون في التجارب السريرية
بدأت التجارب السريرية على البشر في سبتمبر 2024، وتشمل العينة مجموعة متنوعة من الأفراد. ومن المقرر أن تشمل التجارب الأطفال، الذين تراوح أعمارهم بين عامين وسبعة أعوام، والذين يعانون فقدان أسنان خلقياً. وإذا نجحت التجارب، فإن الأمل كبير في أن يكون هذا العلاج متاحاً، بشكل عام، بحلول عام 2030.
وبالنسبة للبالغين، يتلقى 30 مشاركاً متطوعاً من الذكور الأصحاء، الذين تراوح أعمارهم بين 30 و64 عاماً، العلاج كجزء من التجارب السريرية؛ للتحقق من فاعلية العلاج وسلامته، خاصة أن الدراسات السابقة على الحيوانات لم تُظهر أي آثار جانبية. ولن تقتصر التجارب على الأشخاص الذين يعانون فقدان الأسنان بسبب الوراثة فقط، بل ستمتد أيضاً لتشمل الذين فقدوها بسبب التسوس، أو الإصابات.
جمال الابتسام.. وقوة التمكين
يرى الدكتور كاتسو تاكاهاشي Katsu Takahashi، المؤسس المشارك لشركة «توريغم بيوفارما» ورئيس قسم طب الأسنان والجراحة الفموية بمستشفى كيتانو في أوساكا (Kitano Hospital in Osaka)، أن أهمية هذا العقار تتجاوز مجرد الابتسامات الجميلة، قائلاً: «فقدان الأسنان لدى الأطفال قد يؤثر في تطور عظم الفك، ونأمل أن يكون هذا الدواء حلاً لتلك المشكلات». ورغم أن هناك حاجة إلى دراسة الآثار الجانبية المحتملة بشكل أكبر، إلا أن هذا العلاج الطويل الأمد خطوة هائلة نحو إعادة الابتسامة إلى وجوه البشر، وتمكينهم، ومساعدتهم على تحسين جودة حياتهم.