#منوعات
ياسمين العطار السبت 9 مارس 10:15
تتصدر دولة الإمارات الريادة العالمية في الاستدامة البيئية، مستندة إلى نهج الأجداد والآباء؛ للحفاظ على التنوع البيئي الذي تزخر به الدولة، وعلى العادات والتقاليد الموروثة التي تزرع لدى سكانها حب البيئة والحفاظ عليها. وأكدت فاطمة الحنطوبي، خبيرة البيئة والاستدامة، في حديثها مع مجلة «زهرة الخليج»، أن التربية البيئية تأتي في مقدمة أولويات دولة الإمارات، انطلاقاً من إدراكها أن بناء مستقبل الأجيال المقبلة يكون بالمعارف والخبرات، وهو ما تحاول أن ترسخه من خلال برامج ومشاريع التربية البيئية في المدارس؛ للوصول إلى جيل لديه وعي كافٍ بالمشاكل البيئية. وأوضحت أن التربية البيئية تشكل حجر الزاوية في قيم الاستدامة، وتمثل فيها الأسرة العنصر الأول والأهم. وتطرقنا في حوارنا إلى مفهوم التربية البيئية، وأهمية التعليم البيئي في حياة الإنسان، ومساهمة التعليم البيئي في تغيير مواقف وسلوكيات المجتمع تجاه البيئة، ودور المعلم والأسرة في تحقيق ذلك.. وتالياً نص الحوار:
بدايةً.. ما مفهوم التربية البيئية؟
اليوم، بسبب القضايا البيئية، والتغير المناخي، أصبحنا أكثر حاجة إلى تعزيز التوعية البيئية وتنميتها، على أن تشمل: التوعية، وتطوير تفاعلنا تجاه البيئة، وتعليم الأساسيات والاستراتيجيات البيئية، وكذلك الحث على الابتكار في ما يخص القضايا البيئية؛ لذلك أرى أن التربية البيئية منهج شامل لتطوير سلوك المجتمع، من خلال إكسابه مهارات ومعرفة بالعلوم البيئية.
سلوك رشيد
ما أهمية التعليم البيئي في حياة الإنسان؟
تعد المحافظة على البيئة ومواردها مسألة تربوية بالدرجة الأولى، نظراً لدور التربية في تنمية سلوك الأفراد، وإعداد الإنسان، حتى يسلك سلوكاً رشيداً تجاه البيئة، والأهم أنها تجعله يحترم القوانين البيئية، من خلال التربية البيئية السليمة. لهذا، لا يقتصر التعليم البيئي على الطالب والمدارس فحسب، بل إنه موجه إلى شرائح المجتمع كافة؛ لمساعدتها في فهم العلاقة بين الإنسان والطبيعة؛ لأنها علاقة مترابطة، تضمن بقاء مواردنا بشكل مستدام، وبقاء الطبيعة بما فيها من مكونات بيولوجية، بشكل صحي وآمن.
هل يمكن أن يساهم التعليم البيئي في تغيير مواقف وسلوكيات المجتمع تجاه البيئة؟
التعليم البيئي يعمل على دفع الفرد نحو التغيير الإيجابي، خاصة إذا استوعب أن بقاء الأجيال يعتمد على صحة البيئة، التي تتحقق بسلوكه، والسلوك الذي يدعو إليه التعليم البيئي، والتي تأتي في صلب الثقافة الدينية والتوجيهات الوطنية، لذلك ما علينا سوى أن نعي، ونتشارك، ونطبق.
متى بدأتْ ثقافة التعليم البيئي لديكِ؟
فلسفة التعليم البيئي، والتربية البيئية، ليستا حديثتين؛ فهما موجودتان منذ قرون، وهما دعوة لفهم العلاقة بين الإنسان والصحة، وبين الإنسان والحيوان. ومن أمثلة ذلك السلاسل الغذائية، ففي الثمانينيات تبنت جمعية صون البيئة والحفاظ على مواردها توعية العالم من خلال برامجها. واليوم، أصبح التعليم البيئي مناهج تتم دراستها، سواء في مراحل التعليم المبكر، أو في الجامعة.
تخطيط فاعل
ما الطريقة، التي يمكننا بها نشر التربية البيئية؟
من وجهة نظري؛ حتى تسلك التربية البيئية طريق النجاح، لا بد أن يكون هناك تخطيط فاعل متكامل لها، يقوم على التعليم والتطبيق، وكذلك استشراف المستقبل، سواء عن طريق البحوث والدراسات، أو البرامج والمنصات تقنية.
كيف تصفين تجربة دولة الإمارات الرائدة في مجال التعليم البيئي؟
دولة الإمارات أولت التعليم البيئي أهمية كبرى، من خلال سياساتها وفعالياتها وأنشطتها داخلياً وخارجياً، ولعل من ضمنها مؤتمر التربية البيئية، الذي مثل فرصة لمعرفة المزيد حول التعليم البيئي والاستدامة، ومناقشة الأفكار مع أشخاص من جميع أنحاء العالم، ومشاركة جهدك في هذا الشأن.
هل هناك فرق بين المعرفة والإدراك النظري والسلوك الشخصي للطالب؟
المعرفة فرصة تعليمية، واكتساب ثقافة وفهم. أما الإدراك، فهو المرحلة التي ترتسم فيها لدى الفرد القيم المكتسبة ممن لديهم هذه الثقافة، وتطبيق هذه القيم يبلور مفهوم السلوك.
ما دور المعلم في تأصيل مبادئ التعليم البيئي؟
المعلم البيئي يجب أن يكون مؤهلاً لنقل الخبرات البيئية، وتفسير الظواهر المناخية، وإلا سيواجه معوقات عدة، كالقصور والتداخل بينها وبين العلوم الأخرى.
غرس القيم
ماذا عن دور الأسرة؟
إن بناء جيل يتمتع بمهارات الثقافة البيئية ليس مسؤولية المدرسة فحسب، بل مسؤولية المجتمع والأسرة أيضاً خاصة الأم؛ لأنها ترافق الطفل منذ سنوات طفولته المبكرة، التي تعتبر أهم فترة لغرس قيم الحفاظ على البيئة في الطفل.
ما المفاهيم الأساسية في التربية البيئية بالمنزل؟
المنزل يعتبر مكاناً مثالياً لتطبيق مفاهيم البيئة عملياً. وكمثال على ذلك، عندما يوضح الآباء للأبناء كيفية التخلص من النفايات الصلبة، والاعتناء بنباتات الحديقة، وبالحيوانات الأليفة، والحفاظ على الطاقة الكهربائية، وتنظيم ري نباتات الحديقة المنزلية، وغيرها، فإنهم بذلك يقدمون إلى أبنائهم قيماً بيئية، تستهدف حماية موارد البيئة. لذلك، يتمحور دور الأسرة المهم في غرس القيم والمواقف والمهارات، التي تؤدي إلى أنماط عادلة ومستدامة من تفاعل الإنسان مع البيئة.
لتقديم نموذج ناجح في التربية البيئية.. ما نصيحتك للآباء؟
أنصح الآباء بضبط تصرفاتهم تجاه البيئة في المقام الأول، إذ يكتسب الأبناء الكثير من سلوكياتهم، من خلال تعايشهم اليومي مع أسرهم، وبالذات أمهاتهم. ويتشكل الكثير من اتجاهاتهم من خلال مشاهدتهم ممارسات الوالدين اليومية، والأخوة الكبار، فالتعليم بالتقليد من أهم وسائل التربية، التي يمكن أن تلجأ إليها الأسرة؛ لبناء اتجاهات إيجابية عند الأبناء نحو البيئة، وتعزيز قيم المحافظة عليها.