#منوعات
كارمن العسيلي الأحد 27 أغسطس 2023 08:00
أدهش الفنان الإماراتي، أرقم العبري، العالم بصوته الاستثنائي، وأسلوبه الفني الفريد، الذي ينبض عاطفةً وعمقاً، ويجمع به بين موسيقى «السول»، والموسيقى الخليجية، انطلاقاً من رغبته في الحفاظ على موروثه الخليجي وهويته، حيث عشقت أذنه موسيقى «البلوز» و«السول» و«الجاز»؛ فتعلم العزف على الغيتار، وانطلق في عوالمها، مغنياً كلماته الغنية بمشاعر عميقة من الشجن والأمل والصمود، حتى بات اليوم من الأصوات الرائدة في الساحة الفنية.. في لقائنا معه، نعرف أكثر عن رحلته المثيرة في عالم الغناء؛ فكان هذا الحوار:
• كيف اكتشفت موهبتك الغنائية، ومَنْ شجعك على مواصلة السير في هذا المجال؟
- غنيت لفترة طويلة أمام المرآة وتحت «الدش»، إذ كانت تنقصني الشجاعة، أو بالأحرى الثقة بصوتي؛ لأواجه جمهوراً حياً. لكن، في مرحلة ما، شعرت بحاجتي إلى تجربة الأشياء التي رغبت فيها دوماً، وكان خوفي يمنعني من تحقيقها؛ فقررت أن «أخرج من منطقة راحتي»، وغنيت أمام جمهور من خلف شاشة «السوشيال ميديا»؛ فكانت المفاجأة. لم أتوقع، أبداً، أن ألقى كل هذا الترحيب والتشجيع، الأمر الذي أكسبني ثقة كبيرة، وأمدني بعزم شديد على المضي قُدماً.
• من الفنان الذي تأثرت به، ولماذا؟
- كان لصوت المغنية الأميركية، لورين هيل، تأثير كبير فيَّ؛ فهي أفضل من غنى «الجاز» و«السول»، فألهمت الكثيرين، وكانت لهم نبراساً؛ لاستكشاف قدراتهم الصوتية، وإضافة عمق إلى حياتهم. وقد تميزت أغانيها بمناقشة قضايا المجتمع والحب والتحرر الذاتي، وهو الشيء الذي جعلني أتأثر بها أكثر. ويمكنني القول بأن صوتها وأغانيها ساعدتني - بطريقة غير مباشرة - على استكشاف ذاتي أكثر، والتعمق فيها؛ ما مكنني من اختيار الأغاني التي تلامس الروح، وتثير العاطفة، وتدعو - في الوقت ذاته - إلى حب الذات، والآخر، وهذا ما أسعى إليه، دوماً، في موسيقاي.
لحظات ضعف
• هل تتقن العزف على آلة أخرى غير الغيتار؟
- عندما أستمع إلى لحن موسيقي، يتصاعد من آلة البيانو الساحرة، أشعر كأنني أستمع إلى قصص من دون كلمات. لطالما سحرتني آلة البيانو، ورغبت في تعلم العزف على مفاتيحها، وأراني اليوم أميل إلى التركيز على تلك الآلة بعد أن أتقنت العزف على الغيتار بمفردي. للبيانو قدرة فريدة على لمس أوتار الروح، تماماً كما تفعل أغاني «السول» و«الجاز»، بل إن البيانو تتيح للفنان التعبير عن عاطفته، وإحساسه، بشكل لا يُضاهى.
• هل مرت بك لحظات ضعف، فكرت خلالها في التخلي عن الغناء؟
- لا أنكر أنني شككت في ذاتي مرات عدة، وكثيراً ما تساءلت عما إذا كان استمراري في مجال الموسيقى هو الشيء الصحيح أم لا. هناك لحظات، شعرت فيها بأنني لست أهلاً لذلك. لكن، مع الوقت والتجربة، وجدت أن أفضل طريقة للتعامل مع هذا النوع من القلق أو الشعور بالشك، هي محاولة توجيه تلك الطاقة السلبية نحو شيء إيجابي، مثل تطوير أدائي ومهاراتي؛ لأكون أفضل. لا بد لي من الاعتراف، هنا، بأن الكثيرين ساعدوني على مواجهة لحظات الضعف والشك تلك، بكلماتهم الحماسية، وتشجيعهم لي، وأنا ممنون لهم، لأنهم كانوا، ولايزالون، يقدمون هذا الدعم.
• قد يتساءل البعض عن سبب عدم غنائك باللهجة الإماراتية - الخليجية أو اللغة العربية.. ما ردك؟
- تأثري بالفنانين والمغنين الناطقين باللغة الإنجليزية له دور كبير في ذلك، غير أنني أعمل، حالياً، على إطلاق بعض الأغاني باللغة العربية، وأنتظر الوقت الذي تتبلور فيه الأمور بشكل أوضح، لأقدم إلى جمهوري أغاني بالعربية. لابد لي من الإشارة، هنا، إلى أنني فخور جداً بكوني إماراتياً، وممتن بشكل كبير؛ لأنني قادر على تمثيل دولة الإمارات كفنان، ومشاركة موسيقانا مع العالم، باستخدام لغة عالمية مثل الإنجليزية. أعتقد أنني، من خلال دمج الألحان الخليجية - الإماراتية مع ألحان «البلوز» و«الجاز» العالمية - أستطيع بكل سهولة أن أوصل رسالتي وصوتي إلى العالم.
View this post on Instagram
• كيف تتفاعل مع النقد.. إيجابياً أو سلبياً؟
- شخصياً، أحب النقد، إيجابياً كان أو سلبياً، فالفنان لا يمكن أن يتطور أو يتحسن أداؤه، إذا لم يكن مستعداً لتقبل النقد. ولأنني أسوأ ناقد لنفسي، فإنني أفرح جداً عندما تصلني إشادة من الجمهور والمعجبين، إذ أستمد منها الحماس؛ فنادراً ما أكون بهذا اللطف تجاه نفسي.
• كان لجائحة «كورونا» تأثير كبير في المجتمعات والأفراد.. صف لنا تجربتك الموسيقية قبل «الجائحة»، وبعدها!
- قبل «الجائحة» والإغلاق، كنت أقدم بعض الحفلات في الإمارات، وأشارك في بعض الفعاليات المفتوحة. البعض رأى فرض الإغلاق أمراً سلبياً، لكنه كان بالنسبة لي فرصة جديدة، إذ منحني الكثير من الوقت للتفكير في نفسي، والعمل على الموسيقى، وتعلم العزف على الغيتار من خلال «اليوتيوب»، وحتى التواصل مع جمهور جديد عبر «السوشيال ميديا». بمجرد رفع الإغلاق وعودة الفعاليات، كنت مستعداً لتقديم العروض الغنائية؛ فقد عشت بعد «كورونا» موسماً استثنائياً، حيث أخذني الأداء من غرفتي خلال فترة العزل، إلى الأداء في أماكن لم أحلم يوماً بها، مثل: الدوري الأميركي للمحترفين، والمكسيك، ومتحف اللوفر أبوظبي، ومهرجان الجاز في البحرين، وبعدها في إكسبو 2020.
وسائل التواصل
• هل هذا يعني أن وسائل التواصل الاجتماعي كان لها دور كبير في تعزيز حضورك الفني، والتواصل مع الجمهور؟
- يمكنني القول، بكل أمانة، بأنه لولا وسائل التواصل الاجتماعي، لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. فقد استغللت هذه الوسائل بشكل كبير في تعلمي، وتطوير موهبتي الموسيقية. بدأت بتعلم العزف على الغيتار، من خلال مقاطع الفيديو على «يوتيوب»، واكتسبت معرفة قيمة في كيفية تسجيل الأغاني والموسيقى ومزج الأصوات من تلك الفيديوهات التعليمية. لكن الأهم من كل ذلك، أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت وسيلة أساسية ليكتشف الناس موهبتي. نشرت فيديوهات موسيقية لأغانٍ مشهورة، بالإضافة إلى أعمالي على صفحتي في «فيسبوك»، ثم نقلتها بعد ذلك إلى صفحتي على «إنستغرام» @r.qam.، حيث وجدت تفاعلاً كبيراً، زادني حماسة؛ لأقدم المزيد من الأعمال والأغاني.
• هل لديك خطط للتعاون مع فنانين آخرين؟
- لديَّ، حالياً، مشاريع تعاون مع فنانين من منطقة الخليج، وآخرين عالميين، وآمل أن تؤتي ثمارها مع نهاية السنة الحالية. يهمني أن أؤكد أن مثل هذا التعاون يتيح لنا، كفنانين، فرصة التعلم من بعضنا، وتطوير أدائنا، كما أنه طريقة مذهلة لتمتين العلاقات والتعاضد في ما بيننا، ناهيك عن أن الفنانين الذين يغنون معاً يستقطبون جمهور كلٍّ منهم. ودائماً أسعى، من خلال أي تعاون، إلى تأكيد أهمية الرسالة السامية، التي يحملها كل فنان في أعماله؛ لتقديم صورة جميلة عن نفسه، والبلد الذي يمثله، والحياة بأفراحها وأحزانها.
• ما الإنجاز الأكبر، الذي حققته في مسيرتك الفنية، وما الحلم الذي تأمل تحقيقه مستقبلاً؟
- أعتقد أن التعاون الأخير مع «Music Travel Love»، في أغنية «Stand By Me»، هو أحد الإنجازات الكبيرة التي حققتها حتى الآن. فيديو الأغنية أطلق بمبادرة من دائرة الثقافة والسياحة، إذ جمعت ثنائياً دولياً، وأربعة فنانين من الإمارات، وقد حققت الأغنية نجاحاً لا يصدق مع حصدها أكثر من 10 ملايين مشاهدة حتى وقت إجراء مقابلتنا هذه. لقد كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لتحقيق الأحلام والأهداف التي وضعتها، إذ كان أحد أحلامي أن أغني في أميركا الجنوبية، وأتيحت لي الفرصة لفعل ذلك في المكسيك ممثلاً لدولة الإمارات. ولأن أحلامي كثيرة، وأتطلع إلى تحقيق المزيد منها، وضعت عدداً من الأهداف الجديدة لهذا العام أتمنى أن أحققها، وأدعوكم إلى مرافقتي ومتابعتي في رحلتي هذه.
• دمجت موسيقى «السول» و«البلوز» مع أنماط موسيقية أخرى.. كيف ساهم ذلك في توسيع آفاقك الفنية؟
- من مهام أي فنان موسيقي استكشاف أصوات وموسيقى وأفكار ومفاهيم جديدة. ومن التجارب التي أحب القيام بها دمج مختلف الأنماط الموسيقية، وأبرزها موسيقى «السول»، التي تعبر عن العاطفة والروح بأسلوب عميق ومؤثر، والموسيقى الخليجية التي تتميز بأصالتها وغناها الثقافي. في معظم العروض التي أقدمها، أحرص دائماً على الجمع بين الإيقاعات والنغمات المميزة لـ«السول» مع لمسات من آلات، مثل: العود، والقانون، لإنتاج موسيقى عالمية، تحمل بصمة من منطقتنا. هذا الدمج يسهم في إثراء التنوع الموسيقي، وتواصل الثقافات، وتعزيز التفاهم المتبادل بين المجتمعات المختلفة، كما أنه يمثل تحدياً فنياً ممتعاً، وينتج تجربة فريدة لاتزال قيد التطور دوماً.
• هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي قادر على أن يولد موسيقى تجسد الجوهر والتواصل ذاته مع الجمهور؟
- لايزال عالم الذكاء الاصطناعي محاطاً بالغموض، حيث لم يتم استكشاف كل إمكانياته بَعْدُ، ولا يمكن إنكار أنه أداة قوية للغاية، ومثل أي أداة قوية، يمكن استخدامه بشكل إيجابي أو سلبي. في رأيي، لن يكون للذكاء الاصطناعي دور إبداعي في الموسيقى، لكن سيكون له دور في إحداث نهضة أو ثورة في الموسيقى من خلال المساعدة في إطلاق الأفكار والمفاهيم الجديدة، بشكل أسهل وأكثر فاعلية. صحيح أننا قد نشهد، في المستقبل، ولادة «فنانة ذكاء اصطناعي» على غرار «بيونسيه»، لكن علينا أن نتذكر، دائماً، أن الإنسان سيبقى المصدر الحقيقي للإلهام والابتكار.