لاما عزت 21 يونيو 2018
طفل عاد من مدرسته يسأل أمه عن مصطلح جديد سمعه هو الذكاء الاصطناعي، وآخر سمع زميلاً له يتحدث عن عمل أبيه في البلوك تشين، وبمنزلي تعود ابنتي مريم من الجامعة وتمضي المساء تحاول إقناعي أن استثمر في الـ بيتكوين لأنها سمعت نقاش صديقاتها حول فرص الاستثمار فيها. حوارات تدور في منازلنا يومياً وتشبه أسئلة يتلقاها من يقرأ سطوري الآن من أبنائه وغيرها الكثير من الأسئلة حول الموضوعات التي تتعلق بتقنيات المستقبل وتطبيقاتها الموجودة في حياتنا اليوم.
الأسئلة تتشابه ولكن الفرق يكمن في مدى جاهزيتنا وقدرتنا كأولياء أمور على تقديم إجابة شافية للأطفال أو حتى الشباب الباحثين عن المعرفة باستمرار في هذه الموضوعات، وتزداد أهمية ذلك لأن لأبنائنا معلمين كُثُر هذه الأيام، وليس فقط معلم المدرسة أو أستاذ الجامعة، فاليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت هي مجتمعة معلميهم المفضلين.
وبينما ننشغل نحن في عملنا اليوم وتنهمك المؤسسات التعليمية بتدريس المناهج الحالية لديها تتطور المعارف والعلوم بسرعة هائلة تفوق سرعة مراجعة وتطوير المناهج عشرات بل يمكن مئات المرات. وإن كانت العملية التدريسية بمفهومها التقليدي عاجزة عن مواكبة التقنيات الحديثة التي ترسم شكل حياتنا المستقبلية منذ اليوم وغرس الوعي بها في أبنائنا إذاً ما الحل ومن المسؤول عن توفير الإجابات الشافية للجيل الجديد أطفالاً وشباباً.
هذه السرعة التي تحدث بها الأمور من حولنا لن تسمح بحلول كلاسيكية أو الحلول الفردية كإلقاء اللوم على المؤسسات والنظام التعليمي، ولكن المطلوب أن يُشارك الجميع بتغذية المحتوى المحيط بنا من مواد تعليمية وإعلامية وترفيهية بثقافة المستقبل وتقنياته، وأن نحرص كأولياء أمور على تثقيف نفسنا بهذه الموضوعات التي نصادفها ونستخدم تطبيقاتها كل يوم في هواتفنا الذكية، دون أن ندري أحياناً.
خبراء التربية والتعليم والقطاع الأكاديمي سيستغرقون وقتاً لاستكمال تطوير الخطط والمناهج ولكن حتى يتحقق ذلك سنواجه فراغاً يجب ملؤه على الفور. فيجب أن يبدأ تعليم مصطلحات المستقبل منذ المراحل الأولى للمدرسة سواء بإدماج هذه التقنيات في البيئة الصفية أو خلال عودة أبنائنا للمنزل، والمسؤولية الكبرى هي للمؤسسات الإعلامية وخاصة قنوات الأطفال التي تنشغل في الغالب بدبلجة برامج الترفيه الأجنبية دون أن تكرّس جزءا من ميزانياتها لإنتاج برامج تعرض ما يحمله المستقبل بأسلوب مبسط ومسلي لأبنائنا.
وفي البحث عن حلول يحضرني مثال ذكرته لي صديقة عن طفلتها ذات الـ 5 سنوات التي بدأت في إحدى رياض الأطفال تتعلم البرمجة للصغار من خلال ألعاب فيديو لا تتحرك شخصياتها دون كتابة الطفل لرمز برمجي بسيط. قصة بدت لي مستحيلة لكنها حقيقية نابعة من أن الذي صمم هذه الألعاب آمن بقدرات لا متناهية لعقل الطفل، وقائمة الحلول تطول وتتنوع بحسب خلفياتنا والوقت الذي نخصصه للابتكار في هذه المسألة.
وصفٌ دقيق قدمه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي? رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية لما يحدث خلال كلمته في القمة. الحكومية بداية العام في دبي بعنوان (كيف نجعل نظامنا التعليمي يخدم وظائف المستقبل) حيث قال: "علينا أن نعيد النظر بشفافية تامة وبجرأة غير مسبوقة في جميع عناصر نظام التعليم والتدريب العملي والمهني لكسر النماذج القائمة. نحن بحاجة إلى نظام جديد للتعليم على أساس التنافسية والنظرة المستقبلية والمرونة، ويركز على الطفل ويأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الاقتصادية للدولة، ويعزز التميز والتفوق في كل المجالات".
أصبح كثيرون منّا اليوم أسرى للتقنيات الحديثة يعملون عندها بدوام كامل بدلاً من أن تعمل هي على منحنا حياتنا أكثر سهولة وسعادة. المطلوب منّا بسيط الآن لكنه سيكون صعبا مع مرور الوقت، فلنبدأ في بيوتنا بأن نناقش الموضوعات الجديدة التي نسمع عنها مع أبنائنا، ويبدأ المعلمون في المدارس وأساتذة الجامعات في كلياتهم بتخصيص وقت لمناقشة آخر تطورات التقنية وتوظيفها في العملية التعليمية والقائمة تطول كلما فكرنا أكثر. فهل أنتم جاهزون للإجابة عن سؤال أبنائكم التالي عن المستقبل.