لاما عزت 4 يوليو 2015
عمرها 31 عاماً ابنة عائلة ميسورة ، ليست جميلة جداً لكنها جذابة بشكل ما، أنهت دراسة الماجستير وتتكلم ثلاث لغات وموظفة براتب جيد. لم تتزوج ويكاد هذا الأمر يفقدها صوابها، فلم يتقدم لها أحد، لكنها حاولت الدخول في علاقات عاطفية كان الهدف منها أن تقنع الطرف الآخر بالتقدم لها، وفي كل مرة تنتهي العلاقة بالفشل.
بات هاجسها العثور على شريك الحياة، وأصبحت متوترة وعصبية ومع الوقت أيضا أصبحت تنفر بل وتحسد صديقات عمرها اللواتي كوّن أُسراً وأصبحن أمهات، وتنظر إليهن بسؤال لماذا هن وأنا لأ؟ فهي ترى نفسها أفضل وتستحق حياتهن أكثر منهن.
من حق نادين أن تبحث عن نصفها الآخر، في مكان عملها، وفي المعارف في أماكن مختلفة، المشكلة أن كل رجل صار بالنسبة إليها مجرد "عريس" محتمل، ومن أجل ذلك وقعت في التخبط. صارت ترتبط بعلاقات تتوهم أنها حب، وكلما فشلت واحدة دخلت في الثانية دون أن يكون ممكناً ولا عقلانياً أن امرأة واحدة تحب هذين الرجلين، فكل منهما يفرق عن الآخر فرق السماء عن الأرض كما يقولون.
أحبت رجالاً كباراً في العمر ممن تجاوزوا الخمسين، أحبت من هم أصغر منها، أحبت أرامل ومطلقين. في الحقيقة هي لا تحبهم، هي فقط تبحث عن العريس المحتمل، وهذا حقها، ولكن كيف تمارس هذا الحق دون أن تلحق الضرر النفسي بذاتها والاجتماعي بصورتها.
تعتقد نادين فعلا أنها تحب، تتعلق بالرجل في يوم أو يومين ويصير هوس حياتها لشهور، حتى تتأكد أنه لن يتجاوب معها أو تسمع خبر خطوبته أو يخبرها بنفسه ألا أمل بينهما، فتصاب بالاكتئاب لشهرين آخرين، ثم تدردش مع شاب يقيم في دولة ثانية على فيسبوك، فتبدأ الأحلام تراودها من جديد، وتتعلق به وتصير تراقب صفحته، ثم تحاول أن تفهم إن كان ينوي الزواج أو لا، كل هذا لا يأخذ منها شهر أو ثلاثة ثم تبدأ الدوامة من جديد.
هذه هي حالة نادين، وقد طلبت مساعدتي لأنها على وشك الانفجار أو الانهيار. أنا في الحقيقة وحدي لا أستطيع مساعدتها، لكني ذهبت إلى صديقتي اللبنانية البريطانية في عيادتها اللندنية وهي طبيبة نفسية تدعى تمارا بيل. شرحت لها حالة نادين وسألتها التفسير والنصيحة. فكان منها هذا الحديث.
تفرض تعقيدات مجتمعاتنا العربية على الفتاة نمطاً معيناً من الحياة، هذه التعقيدات تجعلها تشعر أن حياتها بلا زواج لا قيمة لها، لكن البحث عن حب وشريك لعنة المرأة أينما كان وفي أي ثقافة، إذا فاجأتني صديقتي الطبيبة حين قالت لي إن كثير من الفتيات يزرنها بسبب هذه الخيبات المستمرة وأنها السبب في ذلك علّات خمس، والتي إن شعرت بها الفتاة فعليها التخلي تماماً عن العلاقة والانهماك بنفسها إلى أن يأتي الشريك المناسب.
أولا: علاقات التعلق السريع إذا التقيت بأحدهم أو تحدثت إليه على فيسبوك مثلاً وتعلقت به وتعلق بك خلال أسبوع فهناك خلل كبير في العلاقة منذ البداية. من غير المنطقي أن تلتقي أحداً وبعد أسبوع تريدين قضاء حياتك معه إلى الأبد. أنت ياعزيزتي تريدين الزواج وتكوين أسرة، ولكن هل يريد ذلك هو؟ التعلق السريع تهور، حين تشعرين به أوقفيه على الفور وبشكل حاسم، لأن هذه العلاقات غير ناجحة في معظمها.
ثانياً: شعورك المستمر أنك مندفعة أكثر تسألين أكثر، كل عشر رسائل يرد بواحدة، لا يتصل إن لم تتصلي، ترين رسالتك "Seen" لكنه لا يجيب حتى بعد ساعات. هذه الحالة هي واحدة من الأعراض التي تشير إلى أنه ليس مهتماً مثلك، احسمي الأمر ولا تتعلقي بحبال الهواء.
ثالثاً: تنظرين إليه فجأة باعتباره كامل إذا شعرت هكذا اليوم فغداً تشعرين أنه ملك النقصان، العلاقات التي لها مستقبل يميل فيها الشركاء إلى رؤية محاسن وعيوب الآخر، ويدركون أنهم أمام إنسان يهمهم لذلك يحاولون فهمه. إذا كنت تعتقدين أنه كامل الأوصاف فإن أي تصرف لن يرضيك سيكون خيبة أمل كبيرة والعكس صحيح.
رابعاً: لا تبادري معظم العلاقات التي تبادر فيها المرأة وفي مختلف الثقافات للأسف محكوم عليها بألا تستمر. لقد حُكمت علاقة الرجل بالمرأة تاريخياً بأنه من يطلبها ويسعى خلفها، نظرية تقليدية عن الصيد والصياد لكنها للأسف حقيقية. وحين تحاول المرأة كسرها ففي معظم المرات ينكسر قلبها.
خامساً: التفكير في الزواج فوراً إذا كنت تعرفت عليه من أسبوع، وبدأت تفكرين كيف ستكون حياتكما معاً فأوقفي العلاقة فوراً، لقد خرجتِ عن السيطرة وأنت لست متوزانة وأي علاقة ستدخلين فيها ستجلب لك الألم.
أخيراً، يمكنك ألا تستخدمي هذه النصيحة، لكن النصيحة الأهم إن كنت تشعرين بالتخبط العاطفي أن توقفي محاولاتك هذه لفترة وأن تمهلي نفسك، فمصير هذه الحالة يؤذيك نفسياً ويعود عليك بالكثير من الحزن والألم والشعور المتفاقم بالوحدة.