لاما عزت 12 نوفمبر 2012
كان الإنسان دائماً ما يتفاخر ويتباهى بأمجاده و أجداده و لطالما انعكس هذا التفاخر والتباهي في النهضات العمرانية السابقة من الفرعونية والصينية إلى اليونانية والفرنسية والإسلامية، التي إهتمت شعوبها جميعا بصقل حضاراتهم في تصاميمهم التي عكست هويتهم على مر العصور، ان كان في معالمهم الحياتية من ملابس إلى طعام وحتى تصماميم أوانيهم المنزلية والديكورات الخارجية والداخلية.
أما في عصرنا هذا، فباتت الهندسة المعمارية والديكورات تتركز على عنصر واحد فقط وهو البساطة. البساطة في الشكل والمضمون، بحيث أصبح الديكور صريح جدا يعكس الجانب العملي بإمتياز ولا يركز على الجهة الجمالية كما في السابق. فنرى البساطة في كل عناصر الديكور مثل:
1- الأسقف: الأسقف في يومنا هذا تتكون من خطوط واضحة قوية ممزوجة بالإضاءة المخفية، وتفتقر إلى الكرانيش والقبب والرسومات والنحت.
2- الجدران: لم نعد نعتمد على الزخرفة كما كان الفن الفرنسي والإسلامي من قبل، بل أصبحت جميع الديكورات المعاصرة تختصر هذا الفن في خطوط قليلة وواضحة و صريحة. حتى الألوان تتلخص في لون أو إثنين محددين لا لمزيج من الألوان أو الرسومات.
3- الأرضيات: هنا نشهد تغيرات جذرية في مفهوم الفنون في الأرضيات ان كان في الرخام والحجر أو سجاد البلاط. فالتصميم الحديث لا يروي لنا قصصاً في الرسومات الأرضية ولا يعرض نمط من الأشكال الهندسية لبرهنة براعة التصميم، بل العكس تماما، الأرضيات اليوم فنها في بساطتها، في إختيار نوع واحد من الرخام أو السيراميك الهادئ وإختيار مقاس واحد للبيت بأكمله. من الممكن أحيانا أن نجد من يستخدم نوعين ولونين للرخام أو السيراميك ولكن بصورة مجردة من أي مفهوم فني.
4- الفرش: حتى مفهوم الفرش تغير كثيرا عن الفنون القديمة. فالفرش اليوم يعتبر قطعة عملية للإستعمال فقط وليس قطع فنية للعرض أولا وثم الإستعمال. هذا التغيير في المفهوم أدى إلى تبسيط تصميم الفرش ليصبح إنعكاساً لغرضه فقط ليفتقد اللمسات الفنية والزخرفات كما سبق. حتى ألوان الفرش العصرية باتت جامدة، فمعظمها تعتمد على اللون الواحد بالمجمل.
هذا المفهوم عن البساطة في التصاميم المعاصرة في عالم الديكورات خاصة نتج عنه بيوت عملية رائعة تترك المجال لصاحبها بالتعبير عن شخصيته وبحرية، كما جعلت البيت مكانا هادئا لا يعج بالديكورات والزخرفات التي تشغل العين دائما، وهو جميل. ولكن هل هذا سيكون حضارة مستقلة بذاتها تعكس سهولة التواصل في حياتنا اليوم وبالتالي يفقدنا هويتنا؟ أم سيوطورها؟