#تنمية ذاتية
كارمن العسيلي اليوم
في زحمة الحياة، تتقن المرأة أدوارًا عدة، فهي: الأم، والزوجة، والابنة، والموظفة، والصديقة. لكنها، في خضم ذلك كله، تنسى أحياناً أن أهم علاقة في حياتها هي علاقتها مع نفسها. وتشير الدراسات النفسية الحديثة إلى أن تقدير الذات، والاعتناء بالنفس، يلعبان دوراً محورياً في بناء حياة متوازنة وسعيدة. وهذا يعني أن على كل امرأة أن تتعلم كيفية إتقان حب الذات، وتقديرها؛ لتعيش في سلام داخلي، ينعكس على محيطها وأحبائها. لكن، كيف يمكن أن تحب المرأة ذاتها.. ألا يُعتبر ذلك أنانيةً وغروراً؟!
تقول الأديبة الأميركية مايا أنجيلو: «يجب على المرء أن يتعلم العناية بنفسه أولاً، حتى يتمكن - بعد ذلك - من رعاية الآخرين». بمعنى آخر على المرء أن يدرك أن حب الذات ليس أنانية وغروراً، وإنما احترام ذاتي، وتقدير واعٍ لقيمته، ورحلة حب الذات، تبدأ من تقدير المرأة لما هي عليه، بأخطائها ونجاحاتها، بقوتها وضعفها.
كيف نفهم حب الذات؟
حب الذات هو أن تنظر المرأة في المرآة، وترى جمالها الفريد، لا عيوبها، وأن تدرك أن التجاعيد حول عينيها قصص ابتسامات عاشت تفاصيلها، وأن تلك الندبة الصغيرة على يدها علامة على قوتها، وتحدياتها. ومن المهم أن تدرك المرأة أن الاهتمام بنفسها ليس تنازلًا عن دورها كأم أو زوجة أو عاملة، وإنما هو ضرورة لها. وأن تستمتع بشراء كريم مرطب، أو عطر تحبه، فهو تصرف بسيط، لكنه يقول للعالم: «أنا أستحق!». لكن العناية بالبشرة والشعر، واختيار فستان يلائم القوام، لا يعنيان أن تتبع المرأة معايير قاسية تضعها الإعلانات أو وسائل التواصل؛ فالجمال الحقيقي هو أن تكون «مرتاحة في جلدها»، وأن تجعل اهتمامها بنفسها وقتًا ممتعًا، لا عبئًا على ضميرها.
حب الذات ينعكس على الآخرين
عندما تهتم المرأة بنفسها، وتحب ذاتها؛ تصبح أكثر قدرة على العطاء؛ فالأم التي تشعر بالسلام الداخلي تنشر هذا السلام في بيتها. والزوجة التي تحب نفسها تبني علاقة متوازنة وصحية مع شريكها. والصديقة التي تجد وقتًا لرعاية مشاعرها؛ تصبح مصدر دعم حقيقياً لصديقاتها. وبالإضافة إلى تأثيرها الإيجابي في المحيطين، فإن لحب الذات تأثيراً إيجابياً في حياة المرأة نفسها، ومن أبرز هذه التأثيرات:
تعزيز الصحة النفسية: أظهرت دراسة، نُشرت في مجلة «Journal of Personality»، أن الذين يمارسون حب الذات يتمتعون بمستويات أقل من القلق والاكتئاب؛ لأنهم أكثر قدرة على التعامل مع التحديات، دون الانغماس في النقد الذاتي المدمر.
تحسين العلاقات الشخصية: عندما تحب المرأة ذاتها، تكون قادرة أكثر على بناء علاقات صحية، تقوم على الاحترام المتبادل؛ فالذين يفتقرون إلى حب الذات، غالبًا، يبحثون عن تأكيد خارجي؛ ما يؤدي إلى علاقات غير متوازنة.
تحفيز النمو الشخصي: حب الذات يعزز الثقة بالنفس، وهذا أكده تقرير صادر عن الجمعية الأميركية لعلم النفس «American Psychological Association»؛ فالذين يقدرون أنفسهم هم أكثر قدرة على اتخاذ القرارات الجريئة، وخوض المخاطر المحسوبة، وتحقيق أهدافهم.
المرونة في مواجهة التحديات: إن الأشخاص الذين يحبون ذواتهم، يُظهرون مرونة أكبر عند مواجهة الأزمات، حيث ينظرون إلى الأخطاء كفرص للتعلم، بدلاً من كونها مؤشرات إلى الفشل.
في النهاية.. تذكري أن كل خطوة نحو الاهتمام بنفسك تقربك من حياة أكثر سعادة وإشراقًا. فعندما تحبين ذاتك، تنشرين الطاقة الإيجابية، وتصبحين مصدر إلهام للجميع.
نصائح عملية لإتقان فن حب الذات:
يتفق الخبراء على أن حب الذات مهارة تحتاج إلى رعاية وتطوير دائمين، وأسلوب حياة يعيد إلى الفرد توازنه الداخلي، ويجعله يعيش برضا وسلام، فكيف يمكنك - كامرأة - أن تتقني هذا الفن في حياتك؟.. إليك هذه النصائح العملية؛ لتمنحي نفسك شعورًا بالإنجاز، وتعزيز إحساسك بذاتك:
- ابدئي بخطوات بسيطة.. خصصي 15 دقيقة يوميًا؛ لفعل شيء تحبينه، كالرسم، والحياكة، والكتابة.
- اهتمي بجسمك من خلال شرب الماء بكميات كافية، وممارسة الرياضة بانتظام. جربي المشي في الطبيعة، أو اليوغا، أو حتى الرقص في المنزل.
- اجعلي النوم الجيد لسبع أو ثماني ساعات أولوية، وابتعدي عن الشاشات قبل النوم.
- لا تقارني نفسك بالأخريات؛ فلكل امرأة قصتها، وجمالها، وظروفها؛ فكوني ممتنة لما لديك.
- تحدثي مع نفسك إيجابيًا، وتوقفي عن النقد الذاتي، واحتفي بإنجازاتك، مهما كانت بسيطة، وواصلي تطوير نفسك شخصياً ومهنياً. وفي حال كنت تواجهين مشاعر سلبية دائمة، فتحدثي مع مستشار نفسي.
- خصصي وقتًا للعائلة والأصدقاء، وأحيطي نفسك بأشخاص يضيفون قيمة إلى حياتك، ويمنحونك الدعم والطاقة الإيجابية.
- تعلمي إدارة الضغوط، من خلال تمارين التنفس العميق أو التأمل. ويمكنك، أيضاً، التخطيط لأوقات استرخاء منتظمة، كجلسة مساج، أو حمام دافئ مع شموع معطرة.
- خصصي دفترًا لكتابة يومياتك، وتدوين أهدافك وأفكارك، وتسجيل الأشياء التي تشعرين بالامتنان لها.
- دللي نفسك بروتين بسيط للعناية بالبشرة، كتجربة لون أحمر شفاه جديد.
- احرصي على تناول وجبات متوازنة، وتجنبي الأطعمة التي تثقل جسمك، وتؤثر في طاقتك.
- لا تخجلي من رفض العلاقات السامة، التي تسبب لك ضغطًا نفسيًا، أو لا تتماشى مع طاقتك.
- تعلمي التسامح، فهو ليس ضعفًا، بل وسيلة لتحرير نفسك من أعباء الماضي.