#منوعات
غيث التل اليوم
كانت الإمارات، ومازالت، شقيقة وسنداً حقيقياً لكل دول الخليج العربي، تقف معها في كل القضايا، وتعبر عن حرصها الشديد على تعزيز العلاقة معها، وإدامتها كل وقت، كيف لا وتاريخها واحدُ، ومصيرها مشترك، وشعوبها واحدةٌ، تجمعهم العادات والتقاليد والإرث الحضاري. ولطالما كانت علاقة الإمارات بعُمان ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، ويرتبط شعباهما بأواصر الأخوة والمحبة والتعاون والتشارك. وقد عملت الإمارات منذ تأسيسها على تحقيق مصالح البلدين، ودعم التنمية والازدهار فيهما، بكل السبل الممكنة.
اليوم، تحتفل سلطنة عمان بيومها الوطني، وهو الفرح الذي تتشاركه الإمارات معها فعلاً وقولاً وسلوكاً في البلاد، إذ تشهد الإمارات فعاليات خاصة بهذه المناسبة، كما يقدم قادتها، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التهاني للأشقاء في عمان بيومهم الوطني، وتحمل كلماتهم كل عام تأكيداً لا ريب فيه على متانة العلاقة مع السلطنة، وأهميتها من الناحية الاستراتيجية والسياسية والإنسانية، وتشارك البلدين مستقبلاً مشرقاً.
وعادة، تضاء أهم الأماكن في الإمارات بألوان العلم العُماني، وترفع التهاني على اللوحات في الشوارع الرئيسية، واللوحات الرقمية على الطرق الرئيسية، إضافة لإقامة العديد من الأنشطة في مراكز التسوق الكبرى، لتعريف الزائرين بعمق هذه العلاقة، ودعوتهم لمشاركة أشقائهم العمانيين يومهم الوطني. وبالتزامن مع كل ذلك تشهد المنافذ الحدودية للبلاد احتفاليات خاصة، يشاهدها القادمون إلى الدولة، والمغادرون منها.
شعار إماراتي خاص:
لأن حب الإمارات لإخوانها في الخليج حقيقة لا تقبل الشك، فقد أعلنت الدولة شعاراً خاصاً لمشاركة أبناء السلطنة احتفالهم بعيدهم الوطني، وحمل هذا الشعار عبارة تختصر بين ثناياها كل معاني المحبة والألفة والأخوة والوحدة، وقد تكون هذا الشعار من أربع كلمات معبرة هي: «عُمان منا.. وحن منهم»، وهو كذلك وسم، سيتم من خلاله تقديم التهاني بهذه المناسبة الغالية على قلب كل إماراتي وخليجي وعربي.
ومن المعروف أن اليوم الوطني العماني، الذي يوافق تاريخ 18 نوفمبر كل عام، يجمع مناسبتين مهمتين، وغاليتين على كل مواطني السلطنة، ويشاركهم الإماراتيون أنبل المشاعر وأجملها، هما: استقلال عمان عن البرتغاليين في عام 1650م، وتاريخ عيد ميلاد السلطان الراحل قابوس بن سعيد، مؤسس الدولة الحديثة في السلطنة، وصاحب الفضل في النهضة التي عرفتها منذ توليه زمام الحكم فيها، ويأتي بتاريخ 19 نوفمبر، لذا فإن الاحتفالات، غالباً، تمتد ليومين كاملين.
الإمارات وعمان.. وحدة في كل المفاصل:
وتؤكد الأرقام مدى قوة العلاقة بين الدولة والسلطنة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، شهدت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى سلطنة عمان قبل عامين، توقيع 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم في المجالات: الاقتصادية والتعليمية والثقافية والعلمية والسياسية والأمنية.
وقد توسع هذا التعاون خلال زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، إلى الإمارات في شهر أبريل من هذا العام، ولقائه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتم توسيع أطر التعاون بين البلدين؛ لتشمل مجالات: الاستثمار، والطاقة المتجددة، والاستدامة والتعليم والتكنولوجيا والسكك الحديدية.
وفي عام 2023، استحوذت عُمان على ما نسبته 17% من إجمالي التجارة غير النفطية للإمارات مع دول الخليج العربي، واحتلت المرتبة الثانية خليجياً من حيث الأهمية كسوق للمنتجات الإماراتية غير النفطية، والثالثة على مستوى الوطن العربي، والعاشرة بين دول العالم أجمع. وهي السادسة عالمياً، والثانية على مستوى الخليج العربي والدول العربية من حيث الدول المستقبلة للمنتجات الإماراتية غير النفطية، حيث تستقبل ما نسبته 25% من صادرات الإمارات للخليج العربي. ولأن العلاقة تشاركية في الاتجاهين فإن عمان تحتل المرتبة الثانية خليجياً، والثالثة عربياً، لأكثر الدول تصديراً للإمارات، وتشكل منتجاتها نسبة 17% من استيراد الإمارات من دول الخليج العربي.
وضمن ذات السياق، تعيد عُمان تصدير المنتجات الإماراتية القادمة إليها بنسبة 17% لدول الخليج، و2.7% من إجمالي إعادة تصدير الإمارات إلى العالم. وفي العام الماضي، كانت الإمارات هي السوق العالمي الأهم للتجارة السلعية العُمانية، واستحوذت على 26%، من مجمل واردات السلطنة.
وفي الشهر الرابع من هذا العام، تم الإعلان عن قيمة الاستثمارات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، وبلغت 129 مليار درهم. من بينها: مشروع ضخم للطاقة والصناعة بقيمة 117 مليار درهم، واتفاقيات خاصة بالبنى التحتية الرقمية والأمن الغذائي، وغيرها الكثير.
والإمارات هي أكبر مستثمر عربي، والثالث عالمياً داخل سلطنة عُمان، الأمر الذي يؤكد أن مصلحة البلدين واحدة، بماضٍ مشترك وحاضر تجمعه المحبة والسعادة والسلام، ومستقبل يلوح فيه الأمل والتقدم والرفعة والازدهار.
وختاماً.. إن العلاقات بين الإمارات وسلطنة عُمان باتت، اليوم، نموذجاً يحتذى لمعاني الأخوة والتعاون بين دول الخليج العربي. فقد استطاعت الدولتان منذ زمن بعيد بناء روابط استراتيجية قوية وعميقة على كافة الصعد، ولم تكن هذه العلاقة وليدة اللحظة أو عابرة، بل جاءت نتاجاً طبيعياً للعادات والتقاليد المشتركة، والترابط التاريخي الوثيق، ما يعزز أمن واستقرار المنطقة، اليوم وفي المستقبل.