#تنمية ذاتية
ياسمين العطار الأحد 2 يونيو 10:00
بعطاء وشغف لافتين، اختارت الدكتورة دعد زياد الانغماس في علم النفس والتربية، ومجالات الأسرة والمرأة والطفولة المبكرة. فبعد تخصصها في علم النفس، وحصولها على درجة الدكتوراه في فلسفة التربية الحديثة وقضايا المرأة العربية، برزت خبراتها من خلال المشاركة بالمؤتمرات، وتقديم المحاضرات، وورش العمل التعليمية. ولم تكتفِ بذلك، بل عمقت مساهمتها في صناعة المحتوى، من خلال بودكاست «حكايا أمومة»، الذي يناقش أنماط سلوكيات الأطفال في المراحل المبكرة.. التقت مجلة «زهرة الخليج» الدكتورة دعد زياد، للاستفادة من رؤيتها في غرس القيم الإيجابية بالطفل، خلال سنواته الأولى، وكيفية قيام الأهل بذلك بطريقة تناسب نمو الطفل عقلياً وعاطفياً:
ما الذي جذبك إلى علم النفس، ولماذا اخترت «سيكولوجية الطفل» تخصصاً؟
بدأت رحلتي مع علم النفس خلال دراستي الجامعية بجامعة بيروت العربية، حيث تطور اهتمامي بـ«سيكولوجية الطفل»، ما دفعني إلى التخصص في هذا المجال. إن اكتشاف تأثير التفاعلات المبكرة، والبيئة التعليمية في نمو الطفل، دفعني إلى التعمق في هذا التخصص، والعمل على تطوير تجاربه التعليمية والحياتية، سواء من خلال العمل في حضانات دولة الإمارات، أو الحصول على دبلومات في الطفولة المبكرة والصحة النفسية للطفل. وتجسيداً لهذه الرؤية، أسست سلسلة «حضانات الجليلة»، التي تلتزم بأفضل الممارسات التربوية المتطورة.
فهم.. ودعم
كيف ساهم العمل مع الأطفال في تشكيل مسارك المهني؟
العمل المباشر مع الأطفال فتح أمامي الطريق للتعلم؛ فكل طفل التقيته كان له تأثير كبير في تعزيز شغفي بإيجاد طرق تعليمية، تحترم وتحفز نموه. هذه التجارب دفعتني إلى البحث عن دبلومات متقدمة في التربية الإيجابية.
ماذا عن صناعة المحتوى، وكيف بدأتِ هذه الرحلة؟
بدأ رحلتي من خلال دعوتي للمشاركة في برامج تلفزيونية تخص الأم والطفل، حيث اكتشفت شغفاً جديداً بالتقديم التلفزيوني والإذاعي. وبعد حصولي على دبلومات في هذا المجال، أطلقت فكرة بودكاست تربوي واقعي، يحمل اسم «حكايا أمومة». وكان هدفي هو تقديم نظرة عميقة عن التحديات والفرص في مجال التربية والتعليم، ونشر الوعي والمعرفة حول أفضل الممارسات التربوية؛ للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأمهات. يسعى البودكاست إلى تقديم نصائح عملية ومعلومات قيمة؛ لدعم الأمهات والآباء في تربية أطفالهم بطريقة إيجابية، مع التركيز على أهمية السنوات الأولى في تشكيل شخصية الطفل، ونموه. هذا العمل يعبر عن رغبتي في المساهمة الإيجابية في حياة الأمهات والأطفال، وتثقيف الجمهور حول أهمية التربية الإيجابية في بناء مستقبل أطفالنا.
حدثينا عن أهمية غرس القيم الإيجابية في السنوات الأولى من حياة الطفل!
تكمن أهمية غرس القيم الإيجابية، بالسنوات الأولى من حياة الطفل، في بناء أساس قوي؛ لتطوير شخصية الطفل وقيمه. وتشير الأبحاث والدراسات إلى أن هذه الفترة حاسمة في نمو الطفل، وتطور شخصيته، حيث يكون استيعابه وتعلمه في أعلى مستوياتهما. ويلعب الأهل دوراً بارزاً في غرس هذه القيم، حيث يكتسب الطفل منهم لغته، وطريقة تعامله مع الآخرين. وبالتالي، يجب أن يكون للوالدَيْن دور فعّال في تعزيز القيم، التي يرغبان في غرسها بأطفالهما، من خلال مشاركة قصص وتجارب، تُبرز تلك القيم بشكل إيجابي.
لتحقيق تطورهم الشخصي والاجتماعي، ما القيم الواجب غرسها في نفوس الأطفال منذ الصغر؟
هناك قيم كثيرة، منها: الصدق، والعطف، والاستقلالية، والمسؤولية، فكل هذه القيم أساسية، ويجب غرسها في نفوس الأطفال؛ لتعزيز نموهم الأخلاقي، والاجتماعي.
نماذج أولى
كيف يمكن للآباء والمربين غرس هذه القيم في نفوس الأطفال؟
يمثل الآباء والمربون النماذج الأولى للأطفال، ويمكنهم دعم هذه القيم بتصرفاتهم وتفاعلاتهم اليومية. على سبيل المثال، يستطيع الأبوان تعزيز قيمة العطف والتفاعل عبر تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، واحترام مشاعر الآخرين. بالإضافة إلى ذلك يمكن للمربين استخدام الأنشطة التعليمية، التي تشجع على التفكير النقدي، والتعاطف؛ لتعزيز هذه القيم.
كيف يعزز الوالدان السلوك الإيجابي لدى أطفالهما؛ ليكونا قدوة حسنة؟
لتعزيز السلوك الإيجابي لدى الأطفال، يمكن للوالدين اتباع استراتيجيات فعّالة عدة، منها: وضع التوقعات الواضحة، والثناء على السلوك الحسن، ووضع توقعات محددة ومتابعتها. كما يعد التواصل الفعال مع الأطفال أداة قوية في تشجيع السلوك الجيد، وتعزيز العلاقة معهم، وتعلم السلوكيات الإيجابية. كذلك، من المهم إنشاء روتين يومي واضح للأطفال؛ لتوفير بيئة مستقرة، تعزز الأمان العاطفي. وبالنسبة لكونهما قدوة حسنة، يجب على الوالدين الالتزام بالسلوكيات الإيجابية، والأخلاق الحميدة في تعاملاتهما اليومية، داخل الأسرة، وفي الحياة العامة، وعندما يشاهد الأطفال والدَيْهم يتعاملان بلطف واحترام مع الآخرين، سيتعلمون هذه السلوكيات. ويجب أن يكون الأهل نموذجاً في الصدق والنزاهة في تعاملاتهم، حيث يميل الأطفال إلى تقليد سلوكيات والدَيْهم.
تختلف طرق التواصل مع الأطفال باختلاف نموهم العقلي والعاطفي.. كيف نحدد أفضل هذه الطرق؟
بالتأكيد، تختلف طرق التواصل الفعال مع الأطفال حول القيم والمبادئ الأخلاقية، إذ تتطلب لغة بسيطة وواضحة، تتناسب مع فهمهم العقلي والعاطفي. على سبيل المثال، للأطفال من عمر 2 إلى 6 سنوات، يمكن استخدام القصص، التي تحتوي على شخصيات، يمكنهم التعاطف معها، وتعلم الدروس المستفادة من تجاربها.
ما نصيحتك للآباء والأمهات الجدد، استنادًا إلى تجربتك في تربية الأطفال؟
ما أود التأكيد عليه، هو أهمية الصبر والتفهم والتواصل بفاعلية مع الأطفال، وعلينا أن نتذكر، دائماً، أن لكل طفل عالماً مختلفاً ينمو وفقاً لإيقاعه الخاص. لهذا السبب، من الضروري توفير بيئة داعمة، تشجعه على الاستكشاف والتعلم، من خلال اللعب والتجارب اليومية. وهنا أشدد على أهمية تشجيع الأطفال على التعبير عن أنفسهم، وعن مشاعرهم. فهذا يساعد في بناء علاقة قوية ومتينة بين الأهل والأطفال، ويعزز الثقة المتبادلة، ويجعل عملية التوجيه والتعليم أسهل بكثير. وتذكروا، أن الأمر كله يتعلق بالتواصل والفهم والدعم.