#منوعات
كارمن العسيلي الأحد 10 سبتمبر 2023 08:00
تُلخص سميرة العوضي، مديرة مدرسة المواكب، مشاعرها، بجملة قصيرة الكلمات، لكنها عميقة المعنى، إذ تقول: «أنا أمٌّ ومربيّة».. فلا شيء يضاهي فخرها بأن تكون أماً لولدين وبنت، ومربية ومعلمة في الوقت ذاته. إنّ حبّها للتعليم لم يكن مجرد اختيارٍ مهني، بل تحول إلى شغفٍ يشعل حياتها، ويدفعها نحو تقديم الأفضل دائماً، فحازت شهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأميركية بدبي، ومارست التعليم لمدة 26 عاماً، منها 21 عاماً في مدرسة المواكب، ومؤسسة «AMSI» التعليمية.. في لقائنا معها، تحدثنا سميرة عن تجربتها الغنية، التي تكللت بالعديد من الإنجازات، وتركت بصمةً إيجابية في حياة الطلاب والمجتمع، وتخبرنا عن ذكرياتها والتحديات التي مرت بها، وكيف تجاوزتها بتفانٍ وعزيمة:
• حدثينا عن مسيرتك، التي قادتك إلى منصب مديرة مدرسة المواكب اليوم!
ـ لقد نشأت في وسط تربوي، فوالداي مدرّسان، وقد تأثّرت بهما، وأعجبت بدورهما في بناء الأجيال؛ فتخصّصت في التعليم، وتخرّجت في الجامعة لأكون معلّمة. هكذا بدأت مسيرتي، ثم تدرّجت فيها إلى رئيسة قسم، ثمّ نائبة لمدير المدرسة، وحالياً أتولّى إدارة مدرسة المواكب بمنطقة الخوانيج في دبي. ولعلّ شغفي بالتعليم، ورغبتي العارمة في تطوير ذاتي وإفادة مَن حولي وتطوير مهاراتهم، أسهما مجتمعَيْن في تحديد أهدافي، والنّجاح في بلوغها.
• كمديرة مدرسة.. ما الصعوبات والتحديات التي تواجهينها، وكيف تنجحين في تجاوزها بفاعلية؟
ـ الحياة صراعٌ دائم، والتّحديات من متلازِمات هذا الصّراع، وسنّةٌ من سننه، والإنسان الذي يتولّى مسؤوليات قياديّة لا بدَّ له من أن يتعرّض للتحديات باستمرار. إنّ التحديات تُواجَه بالإرادةِ والمثابرة وحسن التخطيط، كما تُواجهُ أيضاً بالمتابعة الحثيثة والمحاسبة. والمدير له دورٌ أساسيٌّ وفعّال في توجيه العملية التعليمية بالمؤسسة، والإشراف عليها وتطويرها، والحرص على انتقاء كادرٍ أكاديمي وتربوي غاية في الكفاءة، فضلاً عن السهر على التطوير الأكاديمي والشخصي للطلبة؛ باعتبارهم المخرج الأساسَيّ في العملية التعليمية. فحسن الإدارة، والتخطيط السّليم، والمتابعة الدؤوبة، فضلاً عن تعزيز روح الفريق في المؤسسة التعليمية، جميعها عوامل فعّالة جداً في تذليل العقبات، ومواجهة التحدّيات، والمضي بالمؤسسة التعليمية قدماً في مسيرة النماء والتطوير.
• هل ينطبق ذلك على التحديات كافة؟
ـ بالطبع، أتحدّث هنا عن التحديات بمعنى الصعوبات. أمّا التحديات التي هي أهدافٌ للنموّ، فلا ننسى أبداً أننا نعيش في دولةٍ تتقن وضع الأهداف السّامية لشعبها، أفراداً ومؤسسات؛ ليستأنفوا مسيرة الريادة. أنا من الذين يؤمنون برؤية دولة الإمارات العربية المتحدة، وأدرك أنني أعيش في بلد يرفع شعار التحدي؛ لكي يكون الأفضل في كلِّ شيء، ويقدّم إلى مواطنيه، مع التحدّي، الدّعم والتشجيع والتحفيز.
فرص غنيّة
• كيف تجمعين بين دورك كمديرة مدرسة وقربك الوثيق من الطلبة؟ وكيف يساهم هذا الأسلوب في تعزيز ثقتهم وتطوير قدراتهم؟
- أحرص في عملي الإداري على أن أكون قريبة جداً من طلبتي، وأن أتعرّف إلى كلِّ واحدٍ منهم؛ لذا أقضي أكثر ساعاتي بين الطلبة وليس في مكتبي، فأنا من المديرين الذين يستقبلون طلبتهم عند بوابة المدرسة صباحاً، ويقفون معهم في الطابور، ويتابعون شؤونهم لحظةً بلحظة. وجودي مع طلبتي يجعلني قادرة على معرفتهم عن قرب، والتحقّق ممّا يجري معهم داخل الفصول، وفي ملاعب المدرسة، ومرافقها. ومن ضمن أهدافي، التي أسعى إلى تحقيقها، من خلال موقعي كمديرة للمدرسة، زرعُ الثقة في نفس كل طالب وطالبة، وإطلاق مواهبهم وقدراتهم الكامنة، فأنا أؤمن بأن كل طالب يستطيع أن ينجز ويبتكر ويبرز في مجالٍ ما؛ لذا أحرص كثيراً على تسليط الضوء على مشاريع الطلبة، وتصديرها إلى خارج المدرسة؛ لأن ذلك خير ما يعزّز ثقة الطالب بنفسه، ويمنحه فرصاً غنيّة جداً؛ لتنمية مهاراته ومواهبه.
• هل هناك حاجة إلى تطوير التعليم بشكل يواكب المتغيرات السريعة في المجتمع، أم أن المناهج المتبعة اليوم تفي بالغرض؟
ـ التعليم مرتبط دائماً بالمعرفة والحياة، وهو في الأساس عملية منظمة، تستهدف تنمية المعرفة عند الإنسان، فإذا كان التعليم كذلك، فهو بحاجة دائمة إلى مواكبة الحياة والتطور معها. وتطوره يكون من خلال وضع خطّة شاملة ومشتركة بين المدرسة والأهل والطلاب، خطة تقوم على الابتكار والاعتماد على النفس، وتدريب الطالب على تحدّي الصعوبات، وتطوير المهارات. ورغم أن تطوير التعليم مسؤولية المؤسّسات التربوية، فإن دور الأسرة في هذا التطوير، وتكامل جهودها مع جهود المدرسة، من الأمور الضرورية لنجاح أي عمل تطويري في هذا القطاع.
• ما الذي يجب أن تتضمنه مناهج التدريس في عصرنا الحالي؟
- انطلاقاً من تعريفي السّابق للتعليم، باعتباره عملية منظمة لبناء المعرفة بالحياة، فإنّ ما يجب أن تركّز عليه المناهج التعليمية هو تطوير مهارات التفكير الناقد عند الطلبة، فضلاً عن تنمية قدراتهم على الابتكار والاختيار والمنافسة، وهذه جميعها من المهارات الأساسيّة، التي يجب أن تتضمنها المناهج التعليمية في القرن الواحد والعشرين.
قيمة المحبّة
• ما العناصر التي يجب توافرها لبيئة تعليمية وتربوية سوية؟
ـ عندما نتحدّث عن البيئة التعليمية، فإننا نتحدّث عن الطالب والمعلم معاً. فالمعلم يجب أن يكون ذا وعي وثقافة والتزام؛ حتّى يتمكن من تطبيق الرؤية التعليمية للمؤسسة، وتحقيق أهدافها في الطلبة. والطالب، بدَوْره، يجب أن يشعر في مدرسته بالأمان، وهذا أمر ضروري؛ لتحفيز نمو القيم والمهارات لديه. والبيئة التربوية السليمة، فضلاً عن ذلك، هي التي تنتج طلاباً يكبرون على قيم الانتماء، والهوية الوطنية، والقيم الأخلاقية، واحترام عادات البلد وتراثه وتقاليده.
• كيف تتعاملين مع التحديات، التي تنجم عن التواصل مع الطلاب وأولياء الأمور؟
ـ في علاقتي مع الطلبة والأهل، أستثمر دائماً قيمةَ المحبّة، لأن هذه القيمة إذا تمرّسنا عليها؛ استطعنا الوصول من خلالها إلى قلوب الجميع، والتأثير فيهم. ومن خلال النصح والإرشاد المنطلقين من تلك القيمة (المحبة)، أستطيع تذليل الصعوبات، وبناء ثقة متوازنة مع الطلبة والأهل على السواء، ولا ننسى في هذا المجال عنصر المتابعة كأداة للتأكد من نجاح أي إجراء علاجي.
• أخيراً.. ما الكلمة التي توجهينها إلى الطلاب في بداية عام دراسي جديد؟
ـ ثابروا على أهدافكم، واسعوا دائماً إلى تطوير ذواتكم، ولا تنسوا أبداً أن في نفس كل إنسان قوة داخلية، تمكّنه من تحقيق إنجازات كبيرة، فلا شيء مستحيلاً ما دام الإنسان يعمل ويثابر ويجتهد، فإذا أدركتم حقيقة نفوسكم، وسعيتم وراء أهدافكم بجد، فلن يكون هناك حدٌّ لما تنجزونه. ولا تخافوا من التحديات والمصاعب، فإنها تجعلكم أقوى وأكثر ثقةً بأنفسكم، ولا تيأسوا أبداً، فدائماً هناك فرصٌ جديدة لتعلّم المزيد. اعتمدوا على أنفسكم، وثقوا بقدراتكم، ولا تستسلموا، ودائماً ابحثوا عن الأهداف، التي تعني لكم الكثير، وأخلصوا في العمل لها.