د. عائشة بنت بطي بن بشر 31 أكتوبر 2019
حديث آخر مع عزيزتي مريم، فرغم مسؤولياتي الحكومية وانشغال ابنتي بدراستها الجامعية واهتماماتها الأخرى كأبناء جيلها، ما زلنا محافظتين على طقس إفطار نهاية الأسبوع المبكّر، وحديث شيّق يأخذني للمستقبل ويجعلني أرى كثيراً من الأمور في عيون جيلها. نعتقد أحياناً أن وفرة المتاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي تجعلنا قادرين على فهم كافة احتياجات وآراء جيل المستقبل، لكن الحقيقة أنهم في جلساتهم الشبابية يتناولون الموضوعات من منظور مختلف تماماً، لذا رمسة عاشه هذه المرة رمسة جيلهم.
بينما نحن في الحكومة منهمكون بالعمل لتحقيق استراتيجيات مستقبلية عنوانها التحوّل الرقمي، مثل استراتيجية دبي للمعاملات اللاورقية التي تهدف إلى الاستغناء عن الورق في العمل الحكومي، يبدو أن جيل الألفية (Millennials) مثل مريم وأصدقائها سبقونا بأشواط وهو ملحوظ بشكل أكبر في حياتهم.
فمثلاً أصبحت الملاحظات الرقمية الطريقة الطبيعية لتدوين ما يطرأ في يومهم والاستثناء هو الورق، وبالنسبة إليهم بعض الممارسات الرقمية تُصبح قديمة خلال وقت قصير جداً ويبحثون باستمرار عن الجديد والنوعي، فمثلاً التطبيق الأفضل هو ذلك الذي يحتاج لأقل عدد من الخطوات لبدء استخدامه ويقدّم ميزات متعددة بطريقة مختلفة، واستهلاكهم للمعلومات والأخبار يتطوّر باستمرار وبشكل لحظي بمجرّد ظهور شكل جديد (ترند) لبثها، وهناك ملف للتطبيقات على أجهزة بعضهم يسمّونه مقبرة التطبيقات يضم التطبيقات التي لم يقوموا بحذفها، لأنها قد تلزمهم يوماً، ولكنهم في الغالب لا يعودون لها. كل هذه وأمور أخرى تُطابق الأبحاث والدراسات العالمية، لكن عند سماعها منهم تكون الصورة أوضح.
بينما نتقدّم بخطوات واثقة وسابقة للجدول الزمني لخططنا في التحوّل اللاورقي، جعلني الحديث الدائم مع هذا الجيل ألمس أمراً جوهرياً هو أنهم شركاء وممكن استراتيجي للتحوّل الرقمي، ولا بُد أن نستثمر ميلهم الطبيعي لكل ما هو رقمي بحيث يساعدوننا في جسر الفجوة بين الأجيال بشكل عفوي بالتحدّث لأسرهم عن المبادرات وأثرها في يومهم.
كثيرون من الآباء والأمهات والأجداد والجدّات مترددون حتى هذه اللحظة في الانتقال للهواتف الذكية، لكن بمجرّد أن وجدوا لها دوراً في حياتهم وحصولهم على ما يحبّون أصبحت عادة يومية لهم لا يمكنهم الاستغناء عنها، مثل برنامجي التراسل واتساب وسناب شات اللذين أصبحا بوابتهم لمتابعة الأبناء والأحفاد.
الإنصات بقلب وعقل منفتحين لأحاديث الشباب وجعلهم جزءاً لا يتجزأ من تقييم جدوى الخطوات والمشاريع هو مقياس ومؤشّر يفوق كبريات الشركات الاستشارية في كثير من الأحيان. رمستي هذه دعوة للشبان والشابات إلى أن يساعدونا في ربط العالم الرقمي بحياة أهلهم، وأن يقنعوا بممارساتهم أن الحياة بلا ورق لا تزال ممكنة، رمسة التحوّل رمسة جيلكم!