منتهى الرمحي 20 يونيو 2019
بحكم عملي في محطة أخبار من الطبيعي أن أطّلع يومياً، أكثر من غيري، على حجم من المعلومات والقصص والروايات والآراء والأخبار التي تصلنا عبر وكالات الأنباء المتعددة، أخبار مؤلمة، وأخرى طريفة، بعضها أشكّل فيه رأياً، فوراً عند قراءته، والبعض الآخر يحتمل تأويلات كثيرة، ومنها ما لا أعرف كيف أقيّمه، هل هو خبر عليّ أن أبتسم وأنا أقرؤه أم أنه برغم الفكاهة في ظاهره إلا أنه يترك غصة في الحلق، كما كثير من الحوادث والأحداث التي تواجهنا يومياً في حياتنا العادية. من مثل تلك الأخبار التي تركت طعماً مراً في أفكاري وليس في حلقي فقط، هذا الخبر:
تأجيل محاكمة ديك يصيح باكراً جداً في جزيرة أوليرون السياحية جنوب غرب فرنسا إلى يوم الخميس الرابع مع تموز، في مسعى لحل هذه المسألة بالتراضي بين صاحبة الديك والزوجين المتقاعدين اللذين يملكان منزلاً في الجوار، الديك لم يحضر من شدة التعب، والزوجان المتقاعدان يريدان حل المسألة بالتراضي، فهما يسعيان إلى الصلح وينشدان السكينة فقط. في الوقت الذي طالب فيه رئيس بلدية المنطقة بإدراج الأصوات المعهودة في الريف الفرنسي ضمن «التراث الوطني».
لحظة انتهائي من الاطلاع على هذا الخبر، قفزت إلى ذهني صورة أولئك المتقاعدين في سوريا أو اليمن أو ليبيا أو غزة، الذين يستيقظون كل ليلة إما على أصوات قذائف أو طلقات نارية أو صراخ الجيران والأهل. وإما على كوابيس يختلط فيها أمواتهم بأحيائهم. واقعهم بخيالهم، أحلامهم بالجسور التي تكسرت عليها، سنوات طفولتهم وشبابهم التي سرقت بسرقة أحلام أبنائهم، أو بفقدانهم. وتساءلت متى سنصل إلى هذه اللحظة، التي يكون فيها أقصى ما يزعجنا صوت ديك يوقظنا باكراً من النوم؟ الفرنسيون بعد الحرب العالمية بسنوات ارتاحوا، هل علينا أن ننتظر سنوات أيضاً؟ محزن الخبر رغم طرافته أليس كذلك؟