لاما عزت 15 مارس 2018
"كانت الأم في القرن الماضي موضوعاً غنيّاً بالمادة الدرامية الجميلة في السينما والمسلسلات التلفزيونية والأغاني. وكان لا بد أن يكون للأمهات دور مهم وأساسي في أغلب الأفلام السينمائية المصرية كما في المسلسلات وخصوصاً الرمضانية.
أما الأغاني فلم تكن وحدها الأغنية الأم، وأم الأغاني «ست الحبايب يا حبيبة». كان لكل فنان أغنيته للأم? وكل عام، لا بد أن يقدّم أحد المطربين أغنية للأم في عيدها الذي نحتفل به في أول أيام فصل الربيع. من زمان، لم نعد نشاهد فيلماً نجد فيه الأم التي تضحّي بسعادتها لأجل أسرتها أو ابنتها. الأم التي تقدّم رسالة للمجتمع بمعاني التضحية الحقيقية، يبدو أنها صارت موضوعاً "دقّة قديمة"، ولم يعد في الفيلم أو المسلسل أمينة رزق أو كريمة مختار أو فردوس محمد، ونعيمة وصفي، ودولت أبيض، أو حتى فاتن حمامة في فيلم «"إمبراطورية ميم" مثلاً. لم تعد قصص الدراما تتذكر الأمهات أو تذكرنا بهنّ.
صارت الدراما كلها عنفاً ومخدرات، قصص الغرام والانتقام. قصص التهريب والخارجين على القانون، وصار دور الأم هامشياً وسطحياً. شيء مثل دور هالة فاخر ورجاء الجدّاوي في "تامر وشوقية" أو مثل "أم حبيشة" (هالة فاخر) في مسلسل محمد رمضان "ابن حلال". أما في الأغاني فما عاد جيل اليوم يريد أن يُعبر عن حبه لأمه كما عبّر المطرب محمد فؤاد في أغنية "أمي الحبيبة"، وحكاية الشاب الذي يذكر ويتذكر أمه في الغربة، أو أغنية المطرب حسين الجسمي في رحيل والدته "فقدتك"، أو حدّوتة المطربة أصالة نصري لابنتها شام في "بحكيلك أجمل حكاية"، من كلمات الأمير عبد الرحمن بن مساعد.
للأسف، يتناسى المنتجون والكتّاب والشعراء أن جيل اليوم في حاجة إلى بناء اجتماعي ونفسي، وإلى تأثير إيجابي أكثر من السابق? وتتناسى الهيئات الرقابية أن حجم العنف الذي نراه على الشاشات إزاء داعش والربيع العربي، وغيره من ظروف سياسية واقتصادية، زاد على الحدّ المعقول والمقبول. والعنف في الدراما صار يُساند مواقع التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر وانستجرام وسناب شات وغيرها، في نشر هذه الثقافة المتصاعدة بسلبيّتها. لم تعد الأم في حياتنا ذات أهمية قصوى. فهل أخطأنا التقدير؟ هل نبالغ في هذا الشعور والإحساس؟ ربما? لكن الوقائع تشير إلى أن هذا الأمر صار حقيقة ملموسة. نحن جيل لم نكن في حاجة إلى أن تحرضنا الأفلام والمسلسلات والأغاني على حُب أمهاتنا وتقديرهن? لكنها من دون شك أبكتنا في لحظات ضعفنا أمام مشهد من هنا، أو أغنية من هناك. ومهما صار ومهما تغيّرت حياتنا وتبدّلت أحوالنا، سنظلّ مع أول أيام فصل الربيع نغنّيها ونغني لها "ست الحبايب يا حبيبة، يا أغلى من روحي ودمّي". فهل سمعتم يا أبناء اليوم؟
إنها بالنسبة إلينا في "عيد الأم" وكل الأيام، أغلى من الروح والدمّ وكل ما في حياتنا.. اذهبوا وقبّلوا أيادي أمهاتكم، لأن "الجنّة تحت أقدام الأمهات"? وكل عام وأمهاتنا جميعاً بألف خير ورضا من الله تعالى.