#مشاهير العالم
رحاب ضاهر - بيروت 8 نوفمبر 2010
لم تظهر منذ سنوات أي مغنية في العالم العربي تقدّم أعمالاً تتعلق بالمجتمع وقضاياه، خصوصاً مغنيات الفيديو كليب واستعراض الملابس والإكسسوارات. ولم يعرف عن أي فنانة أن خصّصت أغنية في ألبومها ذات خط اجتماعي أو إنساني تكون بمثابة رسالة. ولم تتبنَ قضية ترتبط باسمها. هكذا، بقيت جوليا بطرس حالة خاصة ومختلفة، لا تقارن بمغنيات الفيديو كليب، هي المعروف عنها خطّها الوطني الملتزم. فيما عرفت بعض الفنانات اللواتي تبنينَ خطاً غنائياً ملتزماً كالفلسطينية ريم بنا التي يطغى على فنها اللون الوطني، وسهير شقير واللبنانية أميمة الخليل.
وتبقى الأغاني بمجملها تدور في إطار الحب والعشق والغرام والهجران وغيرها من الأمور العاطفية. لكن مؤخراً بدأت تخرج بعض التصريحات لمغنيات يحاولن لفت الأنظار، فيدعين تقديمهن أغنيات ذات طابع اجتماعي تنادي بحقوق المرأة والمساواة والدفاع عنها من ظلم الرجل. ومن أولئك الفنانات الشابة مي مطر التي وجدت في إطلاق أغنية ترد بها على أغنية محمد اسكندر "جمهورية قلبي" وسيلةً للشهرة والظهور. قامت مي بطرح أولى أغنياتها "مثلك مش عايزين رجال"، وبدأت تطلق تصريحات هنا وهناك بأنّها قدمت الأغنية لرد اعتبار المرأة والمطالبة بحقوقها. بل وصل الأمر بها إلى أن "تطاولت" على محمد اسكندر، ووصفته بأنّه ليس "نجماً". وبدأت تنادي بحقوق المرأة والمساواة وغيرها رغبةً في تسليط الضوء عليها. وأكملت "قضيتها" بتصوير الأغنية على طريقة الفيديو كليب. وقد ظهرت في العمل كأنّها ترفض أن تكون لوحة أو قطعة أثاث في المنزل، وأنّها انسان ونصف المجتمع. واستخدمت سيارة "الميني
كوبر" التي استخدمها محمد اسكندر في كليب "جمهورية قلبي" وقدمها هديةً لابنته وتطير منها بطاقة "الفيزا"، فيما رأينا مي في الكليب وهي تقود شاحنة تمر بها على البطاقة المصرفية وتكسرها. ورغم أنّ الأغنية لا تعدو كونها موجة سرعان ما تنطفىء، إلا أنّ فكرة تقديم أغنيات تحمل قضايا اجتماعية استهوت المغنية الشابة التي تنوي حالياً تقديم أغنية للأيتام بعنوان "صرخة يتيم".
على الخط نفسه، سارت المغنية دومنيك حوراني التي ركبت هي الأخرى موجة حقوق المرأة والدفاع عنها ضد استبداد الرجل عبر "معقول مش معقول". وهي أغنية أقرب إلى "المونولج"، لا تعبّر بأي حال من الأحوال عن حقوق المرأة. بل هي نوع من الأغاني التي تندرج في موجة الأغنية السطحية، ولا تحمل أي مضمون أو هدف لتحويلها عبر فيديو كليب إلى قضية "رأي عام" تنصف بها النساء المظلومات. ولا تخرج الأغنية عن سياق أغنيات دومنيك كـ "عتريس" و"الناطور" وغيرهما. لكنّ حوراني تعتبر بأنّها تؤدي من خلال هذه الأغنية والفيديو الكليب، رسالةً مهمة وهي الدفاع عن حقوق النساء المعذبات اللواتي لا يستطعن أخذ حقوقهن من أزواجهن المتسلطين. واعتبرت أنّه على الفنانات أن يكنّ قدوة للنساء ويطالبن بحقوق المرأة. وتعتبر الصدفة وحدها التي وضعت أولئك المغنيات على طريق القضايا الاجتماعية، وحقوق المرأة ليجدن أنفسهن وقد صرن من الناشطات في حقوق المرأة من دون أن تكون أغنياتهن كذلك.
أيضاً وبمحض الصدفة، فإنّ المغنية الكويتية شمس وجدت في أغنية "خالتي وخالتك" التي قدمتها منذ أكثر من أربع سنوات والتي لا تحمل أي مضمون سياسي لا ساخر ولا جاد، فرصةً لإطلاق تصريحات عن التزامها بالخط السياسي الساخر رغم أنّها أغنية شعبية لا ترتبط بأي حدث سياسي سوى أنّها استعانت في الفيديو كليب بصورة كرتونية للرئيس الأميركي بوش. وكانت وقتها تصريحات بوش المستفزة للعرب تلقى استنكاراً شديداً، فوجدت الأغنية صدى لدى الجمهور الذي راقت له السخرية من الرئيس الأميركي في الفيديو كليب. وسرعان ما بدأت شمس تطلق تصريحات عن خطها الغنائي ذي الطابع السياسي الساخر رغم أنّ أغنياتها لا تحمل أياً من ذلك. فقد اعتمدت على تقديم كليبات تستعين فيها بصور لشخصيات سياسية عالمية كأغنية "تأتأة" التي استعانت فيها بصور الرئيس الأميركي أوباما والبريطاني بلير من دون أن تتطرق لأي نقد كوميدي ساخر في كلمات أغنيتها. بعد ذلك، غابت شمس وغاب معها الخط السياسي الساخر، وتبخّرت تصريحاتها واختفى خطها الغنائي. ولم يعد أحد يتذكّر الأغنيتين بل إنّهما نادراً ما تعرضان على الشاشات.
من جهة أخرى، وبعيداً عن الإدعاء والتمسك بحقوق المرأة، قدمت الفنانة نوال الزغبي أغنية "فوق جروحي" التي تتحدث عن حق الأم بحضانة أولادها عند الطلاق. وقد لقيت نجاحاً كبيراً عندما غنتها للمرة الأولى على مسرح "ستار اكاديمي". وقد كانت الأغنية بمثابة رسالة لزوجها ايلي ديب الذي منعها من رؤية أولادها قبل أن تفوز بحضانتهم. وإن كانت نوال لم تقل علناً إنّها تتبنى قضية الحضانة أو حقوق المرأة وما شابه، يكفي نجاح الأغنية والأثر الذي تركته لدى كثير من النساء اللواتي يعانين هذه المشكلة. كذلك، قدّمت إليسا في ألبومها الأخير "تصدق بمين" أغنية عن العنف المنزلي بعنوان "مصدومة".
وأيضاً، حظيت بالنجاح من دون أن تتعلق إليسا بقضايا المرأة. بل اكتفت بطرح أغنية مؤثرة، لتبقى الأغنيات ذات الطابع الاجتماعي أو الإنساني مواضيع مفقودة في الأغاني العربية لم تحاول أي فنانة أخذها على محمل الجد. إنما جاءت عن طريق الصدفة لتصبح وسيلة لإدعاء الرسائل الهادفة والمطالبة بحقوق المرأة وغيرها بحثاً عن الأضواء والشهرة عبر المناداة بهذه الحقوق.
المزيد على أنا زهرة: