#مقالات رأي
شيماء الوطني 7 ديسمبر 2022
أبرع في إعداد قائمة من الأطباق المعقدة نسبياً، لكنني - بصراحة - أجهل الطريقة، والمقادير الدقيقة، لإعداد «دلة» شاي بالحليب!
لأنه، وببساطة، ليس لكوب الشاي بالحليب موقع في خارطة طقوس عائلتي اليومية.
وهنا كانت ورطتي!
كان الدور على ولدي «محمد» لإحضار الشاي والحليب، ضمن مجموعة من أصدقائه في المدرسة.
اتبعت «الحدس» في إعداد الشاي، وحتى لحظة حمله «ترامس» الشاي كنت أجهل النتيجة!
طلبت منه أن يعتذر إلى أصدقائه بالنيابة عني إن لم يعجبهم الشاي، وأن يخبرهم بأنني أجهل إعداده كما يجب، فعارضني قائلاً:
- ولماذا أخبرهم بذلك؟!
- ولماذا لا تخبرهم بذلك؟!
كنت متيقنة أنه لن يخبرهم، وربما سيصوغ عدداً من التبريرات؛ لأنه - كما الآخرون - يرغب في إعطاء صورة مثالية عن والدته.
وجدتني في طريق عودتي، بعد توصيله إلى المدرسة، أفكر في مسألة تعاملنا مع الصورة التي نحاول تقديمها إلى الآخرين عن أنفسنا، وكأن تلك الصورة هي هدفنا الأسمى في الحياة!
نحن نرغب، دائماً، في تقديم صورة مثالية وبراقة عن ذواتنا، متناسين حقيقة أن الإنسان لا يكون إنساناً ما لم تجتمع فيه النواقص والعيوب، كما تجتمع فيه المميزات والمواهب، ومن أجل ذلك نحن نلجأ - في النهاية - إلى تلميع صورنا بالكذب والتزييف والتدليس؛ لنكون أمام الآخرين الإنسان «السوبر»!
البعض منا ينطلق في لهاث مستمر، يحاول فيه كسب رضا الآخرين عنه وإعجابهم به بشتى الطرق؛ وكله إصرار على أن يحوز أكثر ما يمكنه الحصول عليه من توصيفات ترضي غروره، وتضعه في مصاف النجوم!
هناك من يضع إصبعه على نقاط ضعفه، ويحاول سدها بالتعلم والتدرب، لكن الأغلبية ترى في ذاتها الكمال الذي لا تشوبه شائبة، متجاوزين بذلك حقيقة: أن نصف العلم قول: «لا أعلم».
يقول الكاتب إسلام بوشكيّر:
بشعة ومدمرة تلك الصورة التي يكوّنها الآخرون عنك؛ القوي، الناضج، الحكيم، الرائق، الهادئ، الذي لا يخطئ، ولا يتردد، ولا يضعف.. العاقل عند الحاجة، والعاطفي عند الحاجة.. لا يخذلُ أحداً مهما كان أمله فيه.
هذه عقوبة قاسية ومجحفة، وليست امتيازاً أبداً..