#طبيبك
د. سعاد محمد المرزوقي 16 ديسمبر 2019
بعد فترة انقطاع تواصلت مع صديقتها المقربة، تطلب منها زيارتها كونها في حاجة ماسة لها، استجابت صديقتها مباشرة وجاءت لزيارتها، وما إن دخلت من بوابة البيت لاحظت أن معظم الأشجار والورود على جانبي البيت صفراء ذابلة، والكثير من الأوراق متناثرة من دون عناية أو تنظيف، شعرت حينها بأن صديقتها تعاني أمراً جللاً، جعلها تُهمل أكثر ما تحب. طرقت الباب الداخلي ولاحظت أن البيت مظلم كئيب، وكأن النوافذ لم تفتح منذ سنوات وإذا بها تجدها تسير ببطء شديد نحوها، وما إن رأتها حتى انهارت باكية.
معاناة
جلستا في إحدى زوايا البيت، وبدأت بالحديث عن معاناتها مؤخراً بعد ذهاب ابنها الوحيد للدراسة في الخارج، وطلاقها من زوجها الذي اختار أن يتزوج بأخرى، وعلى أثرها طلبت الطلاق ومنذ أشهر عدة كانت تعاني الوحدة وتتداخل مشاعر الحزن واليأس والوحدة، مما جعلها تشعر بالذنب والخجل، حتى أصبحت مؤخراً منعزلة عن كل الأصدقاء والأهل الذين يتواصلون معها بين الحين والآخر.
قصص
كثيرة تلك القصص التي تتشابه بالظروف والأسباب والتي تؤدي لمشاعر الوحدة المزعجة، حيث يغلفها اليأس والتي قد تدخل دائرة الاكتئاب وتتعمق فيها الأعراض، حتى تصبح في حاجة ماسة للعلاج النفسي أو الدوائي، ويقال إن واحداً من كل عشرة منا صغاراً وكباراً، نساء ورجالاً، ومن جميع البيئات والأعراق يعترف بالشعور بالوحدة، في حين يعتقد الكثير منا أننا نحصل على الشعور بالوحدة بشكل عام وبأوقات معينة.
شعور بالوحدة
من الأسباب التي قد تؤدي إلى الشعور بالوحدة، الانفصال العاطفي والوجداني، وتدني تقدير الذات الذي يسبب ابتعاد الشخص عن أصدقائه، حتى وإن كان يحيط به الكثير. ولكن كيف لك أن تتعامل مع الوحدة وتتجاوزها من دون الدخول في معمعة الأمراض النفسية والجسدية ومن دون التعمق في المشاعر السلبية؟
بداية عليك الاعتراف بأنك تعاني الشعور بالوحدة وعدم المكابرة والإنكار، حتى تستطيع تنظيم حياتك بشكل أفضل.
عادة من يعاني الوحدة يشعر بالإحباط والشعور باليأس، ويتعاطف مع ذاته بل قد يشفق عليها، لذا عليك أن تركز على تعزيز ذاتك والتركيز على ما لديك من جمال وقوة وإيجابية حتى تعزز تقدير الذات وتنميه.
عدم الخوض في المقارنة بينك وبين الآخرين وكأنك الوحيد الذي يعاني الوحدة، وذلك من خلال الابتعاد عن بعض العبارات السلبية كـ«أنا الوحيد من دون الآخرين سيئ الحظ».
لا تخجل أو تتردد من زيارة أخصائي أو مرشد مهني لمساعدتك على تخطي هذه المرحلة.
الانضمام لنادٍ رياضي، أو مركز لتعليم الرسم مثلاً أو صناعة الفخار، حيث تساعدك تلك الدورات على التخلص من الأفكار السلبية والمشاعر المؤلمة عن طريق التخلص منها، وهذا نوع من تقنيات التأمل.
التواصل مع الأصدقاء للتحدث عما تعانيه ومشاركتهم بأنشطة معينة، أو السفر معهم، وممارسة أي من أنواع الرياضات معهم.
تقوية الجانب الروحاني تساعد كثيراً على التخلص من الشعور بالوحدة.
استشارة
• عمري 36 عاماً، متزوجة منذ ثماني سنوات، زوجي يحبني ونحن سعداء رغم أننا لم نُرزق بأبناء بسببي، وكنت قد طلبت منه الارتباط بأخرى، والانفصال كذا مرة، ولكنه يرفض، وبصراحة أشعر بألم عندما أراه يلعب مع أبناء أخيه، كما أشعر بأنه يجب ألا يدفع ثمن عدم قدرتي على الإنجاب. ومنذ شهرين وبالصدفة اكتشفت أنه متزوج ولديه بنت وزوجته حامل وتعيش في مدينة أخرى، وكانت صدمة بالنسبة لي وأصررت على الطلاق، حتى إني ذهبت لطبيب نفسي وما زلت أتناول دواء الاكتئاب، ولكنه رافض بشدة ويبرر فعلته بأنه يحبني ولا يريد أن يجرحني، وأنا مصرة على الطلاق، وأشعر بأنني أصبحت أكرهه ولا أريد العيش معه.. ماذا أفعل؟
عزيزتي.. لا شك في أنها صدمة، وشعورك بالاكتئاب ناتج عن هذه الصدمة، وقد تكونين مصابة باضطراب ما بعد الصدمة، وفي هذه الحالة لا تستطيعين اتخاذ القرار الصائب، لأنك منفعلة وقلقة وقد يكون أي قرار تتخذينه خاطئاً، لذا نصيحتي أن تتريثي حتى تتخلصي من الأعراض لديك، ويا حبذا لو تطلبين من الطبيب النفسي تحويلك إلى مرشد نفسي، ويمكنك في هذا الوقت الابتعاد عن البيت، كالانتقال لبيت العائلة لبعض الوقت حتى تهدئي وتتخذي القرار المناسب لك، من دون انفعال ومن دون تسرع.