#ثقافة وفنون
د.فاطمة حمد المزروعي 15 ديسمبر 2019
نسمع الجدات أحياناً يتحدثن عن قضاء معظم الناس ساعات أطول في العمل، يتذكرن الماضي، حيث كانت تجتمع العوائل على مائدة الغداء في تمام الثانية ظهراً في بيوتهم، حين أقترح مازحة لو عادت الإجازة يوماً واحداً! تكون هؤلاء الجدات أنفسهن معترضات راغبات في النظام الحالي، بأن تكون إجازة نهاية أسبوع يومين. الأمر كله يعتمد على جودة استخدام المرء للوقت، لا في طوله. إن اختلاف ساعة العودة للمنزل، بين أفراد الأسرة يقلل من احتمالات تجمعهم معاً على وجبة الغداء مثلاً؛ مما جعل بعض العائلات تجتمع بأبنائها على وجبة العشاء.
لمة العائلة في نهاية الأسبوع، صارت حال بعض العوائل، بسبب عمل الزوج في إمارة مختلفة عن إقامة عائلته، أو بسبب اختلاف مواعيد الدراسة في الجامعة أو العمل. هل تكفي مرة أو مرتان في نهاية الأسبوع لجمع شمل العائلة الصغيرة؟ قبل سنوات ظهرت دراسة إسبانية؛ لتؤكد أهمية الاجتماع اليومي بين أفراد الأسرة على مائدة الطعام، محددة ذلك بخمس مرات في الأسبوع كحدّ أدنى؛ لدوره المهم في الاستقرار النفسي والاجتماعي. وهنا أقترح إذا تعذر اللقاء على إحدى وجبتي الطعام، فيمكن اختيار وقت مناسب للجميع؛ ليكون وقتاً لشرب الشاي مثلاً. الاجتماع يفترض فيه أن يحضر الجميع بأجسادهم وعقولهم وقلوبهم، وأن يتحاوروا، فلا واحد منهم يختلس النظر لهاتفه، الذي يقبع أمامه أو يخفيه عن الأنظار.
اللقاء اليومي يعزز التواصل بين أفراد الأسرة، يظهر الاهتمام بالأبناء والتواصل معهم؛ لمعرفة أخبارهم، ما يجري معهم خلال يومهم، قد تظهر بوادر مشكلات صغيرة تلوح؛ لحلّها فبل أن يتفاقم الأمر، لكن هناك أموراً لا بد من مراعاتها؛ كي تكون هذه اللقاءات واحة أمن واستقرار ومحبة. لا بد أن تكون الحوارات فيها إيجابية مرحة، يتكلمون عن إنجازاتهم وخططهم المستقبلية، أحلامهم، حديث عن مواقف سعدوا فيها. أما ملاحظات الأب أو الأم على ابن معين، فيفترض ألا تكون أمام الجميع، وألا تعكر صفو لقائهم؛ كي لا يصبح توجيهات وأوامر؛ قد تدفع بالأبناء لاختلاق أعذار للتهرب من اللقاء.
كلما رأيت أبي لا أسمع إلا الأوامر والانتقادات!
ألا يجد فيّ أنا أي شيء إيجابي؟!
هذه صرخة مراهق وشكواه لأمّه، تألمت حين سمعت حديث الأم عن ابنها، ما يفعله هذا الأب هو إشهار إفلاسه العاطفي مع ابنه. إنه أب الدقيقة الواحدة، الذي يرمي بكلامه السلبي؛ كأنه قام بواجبه؛ ليذهب بعدها! أساس العلاقة مع الأبناء هو الاحترام، منحهم الاستقلال إلى حدّ ما حسب عمرهم، الرفق وحسن العشرة، الثناء على ما لديهم من إنجازات ومواهب، دائماً وأبداً لا بد أن يتسع الصدر، والكرم بالوقت المخصص لهم.