رحاب الشيخ 5 ديسمبر 2019
عشق المغامر الإماراتي خليفة المزروعي، استكشاف المناطق النائية والأماكن الخطرة منذ نعومة أظفاره، وبات يغوص في باطن الأرض حول العالم لاكتشاف الكهوف المميتة الممتلئة بالمياه، أو استكشاف سفينة غارقة في أعماق البحار لسنوات طويلة، متخطياً الصعوبات والعوائق التي قد تواجهه. ورغم المخاطرة الكبيرة في رحلاته ومغامراته لاستكشاف العالم، يقول لـ«زهرة الخليج» إنه لا يسعى من ورائها إلى الشهرة، فهو يرى أن هذه الرياضة تُعلم صاحبها المثابرة والشجاعة وتحمل المسؤولية.. وهنا تفاصيل الحوار:
• كيف تصف هوايتك الفريدة واستمرارك فيها برغم خطورتها؟
منذ طفولتي وأنا أعشق المغامرات واستكشاف العالم من حولي، خاصة الأماكن الغامضة التي يصعب الوصول إليها. بدأت منذ صغري باستكشاف أماكن نائية في البر والصحراء، كما كنت مشاركاً نشطاً مع الكشافة خلال سنوات الدراسة، الأمر الذي ساعدني كثيراً في تطوير أدائي الاستكشافي، إذ تعلمت الكثير من الأشياء مثل الملاحة والتعرف إلى الطبيعة من حولي وتنوع الأشجار والبحار، فضلاً عن اقتحامي عالم الغوص، كما طورت مهاراتي في تسلق الجبال والصيد واستخدام الحبال، وحصلت على العديد من الرخص، والشهادات في هذا الشأن من فرنسا وروسيا، كما حصلت عام 2017 على رخصة أول غطاس كهوف عربي من روسيا.
«كهف أوردا»
• لماذا قررت استكشاف «كهف أوردا» الذي يعد من أخطر الكهوف حول العالم؟
تحمست للمغامرة فيه، بعدما شاهدت بعض البرامج التلفزيونية التي تتحدث عنه، مما أثار شغفي للتعرف إليه عن قرب، فهو أكبر كهف جبسي في العالم، ويقع في روسيا، وتصل درجة الحرارة فيه إلى 3 درجات مئوية تحت الصفر، وقد شهد الكهف أكثر من 350 حالة وفاة لمغامرين حاولوا اكتشافه، لذا هو من أخطر الكهوف حول العالم. فمكثت شهراً كاملاً في روسيا للتدريب والتعود على الأجواء ودرجة الحرارة المنخفضة هناك قبل دخول الكهف، حيث لم يكن للكهف سوى مدخل واحد ومخرج واحد تحت سطح الماء. وبذلك كنت أول عربي يغوص في هذا الكهف في رحلة لمسافة 5 كيلو مترات وهو عمق الكهف.
• أيهما تفضل استكشاف العالم ضمن فريق أم بمفردك؟ ولماذا؟
خلال الغوص داخل الكهوف، لا بد من الانضمام لفريق نظراً لخطورة تلك الأماكن، فقد تحدث مفاجأة خلال الغوص مثل تعطل المعدات أو نفاد الأكسجين، وهنا يأتي دور فريق العمل في مد يد العون والمساعدة.
البواخر القديمة
• ما أصعب اللحظات التي صادفتك خلال رحلاتك الاستكشافية حول العالم؟
خلال استكشاف «كهف أوردا» صادفت بعض جثث مستكشفين سابقين لم يتم استخراجها، فضلاً عن مغامرة استكشاف البواخر القديمة الموجودة بالإمارات، لأن بها أماكن ضيقة وحادة قد تسبب تلف المعدات المستخدمة في الغوص، ووجود بعض الأسماك السامة والمفترسة. أيضاً عندما غصت في إمارة الفجيرة لاستكشاف الغواصة الغارقة هناك، والتي تعد من مخلفات الحرب العالمية الثانية والراسية على عمق 120 متراً، واجهت مصاعب كبيرة خلال تلك الرحلة بسبب قوة اندفاع تيار المياه في ذلك المكان، ووجود الكثير من بقايا شباك الصيادين الذي كان يمثل عائقاً لنا. ولا أنسى الخطر الذي واجهناه عندما كنا نتسلق قمة «جبل البروس» أعلى قمة جبلية في أوروبا، عندما ضرب المكان إعصار وكانت سرعة الرياح 140 كم في الساعة مع هطول الثلج، وتعطلت معداتنا والخيم التي كنا نأوي إليها للاستراحة، وسبب ذلك وفاة أحد أفراد الفريق.
• هل تسعى من تلك المغامرات الصعبة إلى الولوج في عالم المشاهير؟
لا أسعى أبداً إلى الشهرة من خلال مغامراتي الاستكشافية، فهناك الكثير من الوسائل الأخرى التي أستطيع أن أحظى خلالها بشهرة واسعة، مثل تقديم المقاطع الكوميدية وغيرها من المواد السهلة التي يحصد أصحابها آلاف المتابعين، ولا تحتاج إلى المخاطرة بالحياة، لكنني وجدت ندرة في المغامرين الإماراتيين، فاخترت رياضة المغامرة واستكشاف العالم، إذ إن هذه الرياضة تُعلم صاحبها المثابرة والشجاعة وتحمل المسؤولية.
• كيف تجد التشجيع والدعم من المحيطين؟
في كل مغامرة استكشافية أقوم بها تكون بمثابة حرب أعصاب بالنسبة لعائلتي، خاصة والدتي التي يجافيها النوم حتى عودتي، ويرجع ذلك لانقطاع وسيلة الاتصال بيننا، مما يجعلهم في حالة قلق متواصل حتى عودتي، لذلك بت أطلع والدي فقط على خطة رحلاتي الاستكشافية، ولا أبلغ والدتي خوفاً عليها من القلق ومشاعر الخوف التي تنتابها أثناء غيابي عن المنزل.
مساعدة الآخرين
• ما هدفك من المغامرات التي تقوم بها؟
هناك أهداف عديدة من رحلاتي حول الإمارات، مثل تنشيط السياحة وتعريف العالم بوجود أماكن غريبة ومشوقة تجذب السياح من خلال مغامراتي داخل الدولة، وهناك جانب إنساني أيضاً، فمثلاً رحلة تسلق «جبل البروس» الروسي، وهو خامس أعلى القمم في القارة الأوروبية بارتفاع 5842 متراً، كانت تهدف إلى جمع التبرعات لأطفال مرضى السرطان، فضلاً عن أن اقتحام عالم المغامرة جعلني قدوة للشباب، إذ يلجأ إليّ أحدهم للمساعدة لأنه يعاني فوبيا (مخاوف) ركوب الطائرة مثلاً، أو الوجود في الأماكن المرتفعة، فأساعده على التخلص من مخاوفه من خلال خبراتي التي اكتسبتها من مغامراتي حول العالم.
كتاب
يعكف المغامر خليفة المزروعي على توثيق رحلات المغامرة والاستكشاف التي قام بها، وإصدارها في كتاب يروي تفاصيل تلك الرحلات، فضلاً عن إرفاق صفحات الكتاب بخرائط لكل مكان قام باستكشافه، حتى يكون مرجعاً للأجيال القادمة من محبي المغامرة والاستكشاف.