أسامة ألفا 18 أغسطس 2019
بات امتلاك حساب على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، أمراً ضرورياً بالنسبة إلى مستخدمي شبكة الإنترنت. بعدما تحوّل الوجود على تلك المواقع إلى واقع يومي معاش، وظهر بالتزامن مع ذلك عارض (الخوف من أن يفوتنا شيء)، والحاجة الدائمة لمعرفة ماذا يجري على تلك المواقع، مما يؤدي إلى الإدمان على استخدام هذه المواقع بكل الأوقات.
«حمية الديتوكس»
انتشرت قبل سنوات «حمية الديتوكس» لعلاج إدمان المأكولات السريعة، التي باتت سموماً تهلك الأجساد، وهي طريقة الطب الكلاسيكي لإفراغ عضو أو جسم بأكمله من المواد السامّة، والمأكولات المضرّة المشبعة بالدهون والسكّر، بحرمانه منها لفترة، وبعد أن تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى إدمان عند البعض، يبدو صار من الضروري توفر «ديتوكس» للسموم الإلكترونية الافتراضية لتنظيف الروح والعقل والقلب.
ككل أنواع الإدمان، تحول هذا المرض إلى مسبّب لبعض الأمراض النفسية وإلى عامل لتفاقم بعضها، مما يستدعي علاجاً سريعاً وفعّالاً، هو الـsocial media detox، أي الابتعاد تماماً عن مواقع التواصل الاجتماعي لمدة ثلاثة أيام على الأقل.
فوائد
في الغرب، تجارب عديدة للابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق عدد من الناشطين مدونات بعناوين مثل: «لماذا أقفلتُ حسابي على فيسبوك لـ30 يوماً؟»، «سأترك مواقع التواصل لأكتشف ما الذي أحبّه فعلاً في الحياة»، «10 فوائد للـ«سوشيال ميديا ديتوكس»، «100 يوم خارج مواقع التواصل». أما عربياً، فبدأ الكثيرون بالإعلان عن خضوعهم لهذا العلاج بإراداتهم، والابتعاد لفترات مختلفة عن وسائل التواصل بشكل جزئي أو نهائي، وتناول البعض تجربتهم بشأن فوائد الـdetox، ومنها: «مراجعة الذات، تنظيم الوقت، إنجاز المهام المعلقة، الاهتمام بالصحة، التواصل الأفضل مع الناس، استثمار الوقت بشكل جيد، والأهم التأكد من أن الشخص يفعل ما يريد بملء إرادته دون تأثير من الآخرين»، علماً بأن من يقومون بهذا العلاج ليسوا جميعاً من المشاهير.
مع أو ضد؟
في الوقت الذي يؤكد الكثيرون أنه لا حاجة لهم للخضوع لهذا العلاج لأنهم متوازنون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، سواء بالنشر أو المتابعة، يجد آخرون بأن الـDetox، أمر مهم لجميع المستخدمين بين فترة وأخرى، بغض النظر عن مستوى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو التعلق بها، فيؤكد الإعلامي نور الدين اليوسف المختص في برامج التكنولوجيا والناشط على والـ«سوشيال ميديا» هذا الأمر بالقول: «أجبر نفسي بين فترة وأخرى على إجازة من وسائل التواصل الاجتماعي، إجازة حقيقية، بحيث أمسح كل التطبيقات وألغيها كل فترة الإجازة كي لا أضعف أمامها، وأنا أقطع كل شيء باستثناء تطبيق «الواتساب» لأنني أتواصل من خلاله مع الأهل والأقارب والعمل، فمن المهم جداً التواصل مع العالم الخارجي، ولكن التواصل مع المحيط الداخلي لا يقل أهمية، علينا أن نتواصل مع أنفسنا ومع أهلنا وأن نركز معهم».
استخدام مفرط
يؤكد الباحث والأكاديمي بتقنية المعلومات والجريمة الإلكترونية د.عبيد صالح المختن، على أن دولة الإمارات تأتي في المرتبة الثالثة عالمياً في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب توافر الانترنت في كل مكان، وسهولة اقتناء الهاتف الذكي وتدني أسعاره، مشيراً إلى أن التواصل الاجتماعي مهم جداً، لكنه ضد الاستخدام المفرط الذي قد يؤدي إلى الإدمان، ويؤكد المختن: «من الضروري أن يلتزم كل شخص بفترة انقطاع عن وسائل التواصل كي يتفرغ لنفسه وعائلته وإنهاء أعماله، حيث إن المعدلات العالمية تشير إلى أن الشخص يقضي حوالي خمس ساعات يومياً على الـ«سوشيال ميديا»، وهذه المدة قد تزيد عند البعض لتصل إلى 12 ساعة».
24 ساعة
في دراسة أجرتها جامعة ماريلاند الأميركية، أبقى الباحثون مجموعة من الطلاب من دون استخدام أي وسيلة تواصل إلكتروني، لمدة 24 ساعة، وجاءت النتيجة على ألسنة الطلاب الذين وصفوا حالتهم بأقوال مثل: «كدتُ أجنّ»، «دخلتُ في حالة من الهلع»، «كنتُ كالمشلول»، «جلستُ وحدّقتُ في الفراغ من دون أن أتمكّن من إنجاز أي عمل»، «شعرتُ بأنني ميت».
عنصرية وكراهية
من تجربتها الشخصية، تؤكد مدير أول العلاقات العامة والاتصال في منتجع أتلانتس النخلة، ليندا عبد الحي أنها أخذت قرار الخضوع لـ «ديتوكس» وسائل التواصل الاجتماعي، لأن المحتوى أصبح يؤذي النظر والسمع والعقل، موضحة: «لم نعد نجد محتوى جذاباً لمتابعته، وأنا ألغيت الكثير من المتابعات في الفترة الأخيرة لمدونات الموضة من «الفاشنستات» وللكثير من المشاهير سواء من الفنانين أو غيرهم، لأنهم لم يعودوا يطلون علينا على طبيعتهم، بالإضافة لامتلاء هذه الصفحات بالتعليقات السلبية بشكل ملفت». وتؤكد ليندا: «قررت الخضوع لفترة ديتوكس استمرت ثلاثة أسابيع، لأنني شعرت بحاجتي الماسة إلى إراحة سمعي وبصري من هذه الملوثات» وتؤكد: «أصبحت أشتاق لأن أتواصل بشكل حقيقي مع محيطي، دون العودة إلى حسابات الأصدقاء للتأكد من تفرغهم لي من عدمه».