#رياضة
خالد خزام اليوم 10:00
في عالم سباقات القدرة، حيث تمتزج القوة بالصبر، وتُختبر الإرادة قبل السرعة.. برزت الفارسة الإماراتية، نورة القبيسي، نجمةً صاعدةً في هذا الميدان، محققةً فوزًا استثنائيًا في كأس الشيخة فاطمة بنت منصور بن زايد آل نهيان للسيدات للقدرة لمسافة 100 كلم. وسط منافسة محتدمة، ضمّت 125 فارسة من دول مختلفة؛ فتفوقت ووصلت إلى خط النهاية في المركز الأول، مجسدةً بذلك روح التحدي والإصرار، التي تميز الفارسات الإماراتيات في هذه الرياضة. لم يكن الطريق نحو هذا الإنجاز مفروشًا بالورود، بل كان مليئاً بالتحديات، التي تطلبت قوة ذهنية وجسدية، إضافةً إلى الانسجام التام بين الفارسة وجوادها. لكن نورة، بشغفها الكبير بالفروسية، وثقتها بقدراتها، تغلبت على كل العوائق، محققةً الحلم الذي راودها منذ أن بدأت رحلتها في سباقات القدرة.. في حوارها مع «زهرة الخليج»، تتحدث الفارسة الإماراتية عن رؤيتها لمكانة الإمارات كمركز عالمي لسباقات القدرة، وتفاصيل رحلتها في عالم الفروسية، والعلاقة الخاصة التي تجمعها بالخيل، وطموحاتها لرفع اسم الإمارات عاليًا في الساحات الدولية:
-
نورة القبيسي: «سباقات القدرة» جزء أصيل من ثقافتنا
فزت بكأس «الشيخة فاطمة بنت منصور» وسط منافسة قوية من 125 فارسة.. ما التحدي الأكبر الذي واجهتِه خلال السباق؟
يعد الفوز بكأس الشيخة فاطمة بنت منصور بن زايد آل نهيان للسيدات للقدرة لمسافة 100 كلم، إنجازًا كبيرًا، لما لهذا الفوز من أهمية. إن سباقات القدرة ليست مجرد سباق سرعة، بل اختبار لقوة التحمل والصبر، فيواجه الفارس والفارسة العديد من التحديات، خلال السباق. وفي هذا السباق، كان التحدي الأكبر - بالنسبة لي - هو المرحلة الأخيرة، حيث طلب مني المدرب، سلمان الصابري، أن أتقدم المجموعة، وأرفع سرعة الجواد؛ فكان ذلك بمثابة ضغط نفسي كبير، لأنني كنت أتسابق ضد نخبة من الفارسات المتمرسات، لكنني وثقت باستراتيجيته، وركزت على تنفيذ توجيهاته، فحققت الفوز.
ما بعد الفوز
بعد هذا اللقب.. ما الهدف التالي، الذي تسعين إليه في مسيرتكِ الرياضية؟
الفوز بهذه الكأس كان حلماً تحقق، لكنه ليس النهاية، بل بداية لطموحات أكبر؛ لأنني أسعى إلى المنافسة في كأس رئيس الدولة لمسافة 160 كلم، وهو من أصعب السباقات وأهمها في الإمارات. كما أتطلع إلى المشاركة في السباقات الدولية، خاصة بطولة العالم للخيول الصغيرة. وتتطلب هذه الأهداف التدريب المستمر، والعمل الجاد، والتفاني، لكنني واثقة بقدراتي؛ لتمثيل الإمارات بأفضل صورة على الساحة العالمية. إن عشقي لعالم الخيول جعلني أسعى، أيضًا، إلى التوسع في مجالات أخرى بعالم الفروسية، كما أنني فخورة بحصولي، مؤخرًا، على فرصة الانضمام كفارسة متدربة في «أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية» (ADREA).
-
نورة القبيسي: «سباقات القدرة» جزء أصيل من ثقافتنا
هل تحلمين بالمشاركة في بطولات عالمية، وما الذي تحتاجين إليه؛ للوصول إلى هذا المستوى؟
طموحي لا حدود له، والتنافس دولياً من أهم أحلامي؛ فأحد أهدافي الكبرى تمثيل الإمارات في البطولات العالمية، والمنافسة في سباقات القدرة الدولية. وللوصول إلى هذا المستوى، لا بد من اختيار الجواد المناسب، وتدريبه بطريقة احترافية، والالتزام ببرنامج مكثف من التدريب البدني والذهني. لكن دعم الدولة لرياضة الفروسية والفارسات الإماراتيات يجعل تحقيق هذا الحلم ممكنًا.
ما الذي يميز الفارسات الإماراتيات في سباقات القدرة، وهل أصبحت الإمارات مركزًا عالميًا في هذه الرياضة؟
سباقات القدرة في الإمارات جزء أصيل من ثقافتنا، فهي تعكس تاريخنا، وقيمنا العريقة. فالدعم الذي تقدمه القيادة الرشيدة للفروسية ساهم في تمكين الفارسات الإماراتيات؛ فحققن إنجازات مميزة، وأثبتن قوتهن، ومرونتهن في هذا الميدان؛ فأصبحت الإمارات واحدة من أبرز الدول في هذه الرياضة. ولأنها رياضة متجذرة في ثقافتنا، فإن الاستثمارات المستمرة، والنمو المتسارع في مجتمع الفروسية، تعزز مكانتها الدولية، ما يضمن مستقبلًا واعدًا لها.
-
نورة القبيسي: «سباقات القدرة» جزء أصيل من ثقافتنا
ما اللحظة، التي جعلتكِ تدركين أن الفروسية ليست مجرد هواية، بل طريق حياة؟
مارست رياضات عدة، مثل: الجمباز، وكرة القدم، والجوجيتسو، والكاراتيه. لكن في اللحظة الأولى التي امتطيت خلالها الخيل، أسرني ذلك الشعور، فوجدت نفسي منغمسة في عالم الفروسية. منذ ذلك اليوم، قررت أن أكرس حياتي لهذه الرياضة، وأتعمق في تفاصيلها، وأصبح فارسة، وكلما تعمقت؛ أدركت أنها ليست مجرد رياضة، بل محيط عميق من المعرفة؛ فوجودي، وتعاملي مع الخيول، يمنحانني شعورًا بالهدوء؛ لا يشبهه شعور آخر.
انسجام متبادل
صفي علاقتكِ بالخيل، وما الذي يجعل الفروسية رياضة فريدة؟
علاقتي بالخيل تشكلت من خلال العديد من التجارب، لكنَّ أكثرها تميزًا كانت مع «إيزي بلاي دي كومبيت»، الحصان الذي فزت معه بـ«كأس الشيخة فاطمة بنت منصور»، وحصلنا على المركز الثالث في سباق السيدات بأبوظبي، ثم المركز الخامس في كأس الشيخة فاطمة بنت منصور 2024. وأخيرًا، هذا العام، أصبح بطلًا بفوزه بالمركز الأول. لقد خضنا العديد من السباقات معًا، وخلال هذه الرحلة، نضجتُ كفارسة بينما كنت أشاهده اليوم بطلاً يحصد المركز الأول. فمع كل سباق، يزداد الانسجام بيننا، وهذه العلاقة تميز الفروسية عن غيرها من الرياضات؛ لأن لدى الخيول حساً مرهفاً، فتشعر بالفارس، وتعكس مشاعره.
-
نورة القبيسي: «سباقات القدرة» جزء أصيل من ثقافتنا
كامرأة.. ما التحدي الأكبر، الذي واجهك في هذه الرياضة؟
بفضل التمكين الكبير، الذي تحظى به المرأة الإماراتية، لم تعد هناك تحديات كبيرة تعيق الفارسات. لكن أحد الأمور الصعبة هو الحفاظ على الوزن المثالي، حيث يتطلب سباق القدرة أن يكون الفارس بوزن معين، وهو تحدٍّ دائم، يجب التعامل معه بوعي.
خارج الميدان.. هل أثرت الفروسية في شخصيتكِ؟
الفروسية علمتني الصبر، والانضباط، والقدرة على مواجهة التحديات. كما أن التعامل مع الخيول منحني هدوءًا داخليًا، وثقة بالنفس. في الحياة، كما في الفروسية، هناك إخفاقات ونجاحات، لكن الأهم هو الاستمرار، وعدم الاستسلام.
هل مرَّ بك موقف جعلكِ تفكرين في ترك الفروسية، وكيف تجاوزتِ ذلك؟
أكبر مخاوفي، كفارسة، هو سقوطنا أنا والحصان معًا. كانت تلك الفكرة تؤرقني، ولم أستطع تحملها. وهذا ما حدث معي يوماً، بينما كنت أمتطي مهرة صغيرة في سباق تأهيلي في «نغريبليس» - فرنسا، فواجهت هذا الخوف بشكل مباشر. كان كل شيء على ما يرام، حتى تعثرت المهرة، ولم تتمكن من استعادة توازنها؛ فسقطنا معًا، وأثناء السقوط، ضربتني بحافرها في عينيَّ؛ فتساءلتُ: ماذا أفعل؟.. لكن سرعان ما أكسبني هذا الموقف قوة كبيرة، وعلمني أن أكون أكثر حذرًا وفهمًا لصفات الحصان، ونقاط قوته وضعفه. وتذكرت أن التحديات والنكسات جزء من هذه الرياضة، وأن الإصرار مفتاح النجاح.
كيف ترين دعم دولة الإمارات للمرأة في رياضة الفروسية؟
الإمارات رائدة في تمكين المرأة بالمجالات كافة، ومنها الفروسية. فالقيادة الرشيدة دعمت الفارسات الإماراتيات من خلال تنظيم السباقات الخاصة بهن، وتقديم الجوائز، والتدريب المستمر؛ ما أتاح لنا فرصة التنافس على أعلى المستويات. إنه أمر ملهم أن أكون جزءاً من دولة تثق بقدرات نسائها، وتوفر لهن الأدوات اللازمة للنجاح. بالنسبة لي، إن تمثيل بلدي على الساحة الدولية، وإظهار قوة وإصرار المرأة الإماراتية، شرف عظيم.
-
نورة القبيسي: «سباقات القدرة» جزء أصيل من ثقافتنا
طقوس
قبل أي سباق.. هل لديكِ طقوس معينة، تساعدكِ في التركيز الذهني؟
الفروسية رياضة تحتاج إلى تدريب ذهني، بقدر ما تحتاج إلى لياقة بدنية؛ لذلك اليوم الذي يسبق السباق يكون مخصصاً لفحص الخيل فقط، حيث نقوم بقياس وزن الخيول، التي ستشارك في السباق. كمحاولة لفهم الحصان والتواصل معه، خاصة إذا كان هذا الحصان لم أشارك معه من قبل؛ فالاتصال مع الحصان أمر أساسي؛ لأنه يساعدني على الشعور بثقة وانسجام معه. كما أن ليلة السباق تعتبر مهمة جدًا من ناحية الاستعداد العقلي والجسدي.
من الشخص الذي كان له التأثير الأكبر في مسيرتكِ مع الفروسية، ولماذا؟
إن لمدربي، سلمان الصابري، الفضل الأكبر في مسيرتي بالفروسية؛ فقد علمني، وساندني، وأعطاني من خبرته القيمة. لكن الأمر لم يقتصر على التدريب الفني فقط، فوالدتي كانت أكبر داعم لي، فهي حاضرة معي في كل سباقاتي، كما أنها تعلّمت الكثير عن عالم الخيل، ووسعت معرفتها به؛ لتدعمني، وتقدم لي النصائح.
ما رسالتكِ إلى كل فتاة إماراتية، تحلم بدخول عالم الفروسية؟
إذا كنتِ تحلمين بأن تصبحي فارسة؛ فثقي بنفسكِ، واعملي بجد، ولا تخشي التحديات؛ فالإمارات توفر الدعم لكل النساء، والطريق مفتوح أمامكِ؛ لتحقيق حلمكِ!