#تكنولوجيا
ياسمين العطار الإثنين 27 مايو 14:30
حلّقت الإماراتية مروة المعمري بأحلامها إلى آفاق تخطت السحاب، ليقودها طموحها لبدء رحلة الشغف التي انطلقت بسؤال راودنا جميعاً، هو: «كيف تطير الطائرة؟»، ليتحول فضولها إلى إصرار على اقتحام هذا العالم الفريد، على حد تعبيرها؛ فسعت لتترجم هذا الحلم إلى واقع، وثابرت حتى حصلت على شهادة جامعية في هندسة الطيران، لتصبح من أوائل مهندسي الطائرات في دول مجلس التعاون الخليجي، ولم تكتفِ بهذا، بل واصلت مسيرة التميز الأكاديمي بنيل درجة الماجستير في «سلامة الطيران»، وتسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه، مقدمة بإرادتها العالية نموذجاً ملهماً أمام فتيات كثيرات.
أسست مروة المعمري وحدة الوقاية من الحوادث وتوصيات السلامة في قطاع التحقيق في حوادث الطيران بالهيئة العامة للطيران المدني، وهي أيضاً إلى جانب تخصصها في هندسة الطيران متحدثة ومؤثرة فعالة على منصة «تيد»، التي أتاحت لها إلهام النساء حول العالم، وإيصال رسالتها وتجربتها الشخصية. «زهرة الخليج» التقتها؛ لتعرف أكثر عن محطات حياتها المشرفة.. وتالياً نص الحوار:
لماذا اخترتِ التخصص في مجال هندسة الطيران؟
مجال هندسة الطيران كان بعيداً عن طموحاتي عندما كنت صغيرة، فبسبب تفوقي دراسياً، قامت عائلتي بتوجيه فكري نحو المجال الطبي، وبالفعل تعلقت بالفكرة، وقررت أسرتي مشاركتي في دورات تدريبية تنمي ثقافتي بالمجال الطبي، وأصبح لقبي في المنزل «الدكتورة مروة». لكن، عندما وصلت إلى المرحلة الثانوية تغير تفكيري بعد أن نظمت إدارة مدرستي للطالبات رحلات لزيارة الجامعات والتعرف على التخصصات بمختلف المجالات، وهناك تعرفت على تخصصات بمجال الطيران، وفي نفس الوقت حظيت بزيارة للمطار بشكل غير تقليدي برفقة أخواتي اللاتي يعملن في المطار بالمجال الإداري والموارد البشرية، حيث شاهدت العديد من الأشياء المبهرة داخل المطار، ما جذبني للتعرف على هذا العالم وكيف يمكن للطيارة أن تحلق في السماء.
ندرة المجال
وماذا كانت خطوتك التالية؟
تحدثت مع عائلتي عن رغبتي بدخول مجال هندسة الطيران، الأمر الذي قوبل بالرفض وذلك نظراً إلى ندرة هذا المجال في ذاك الوقت خصوصاً للنساء، فضلاً عن احتياجي للسفر إلى بريطانيا لتكملة الدراسة الجامعية والحصول على البكالوريوس، فوقتها لم تكن هناك جامعات في الدولة تتخصص في هندسة الطيران، فكانوا يحاولون إقناعي بدخول الطب أسوةً بعدد من أفراد عائلتي. وقد خضعت لرغبتهم ودخلت كلية الطب، التي لم أجد نفسي بها وظل حلم دخول تخصص هندسة الطيران يراودني، حتى قررت التحدث مع أفراد أسرتي مرة ثانية بمعاونة رئيس كلية الطب الذي ساعدني كثيراً في إقناعهم، ولكنهم وافقوا بشرط أن أنتقل لكلية الهندسة المدنية، المتوفرة بجامعات الدولة، لتخوفهم من سفري للدراسة خارج الدولة.
كيف تمكنتِ من تحقيق حلمك؟
إصراري الشديد وشغفي الحقيقي بدخول هذا المجال، حركا تعاطف عائلتي معي، وذلك بعد زيارتي مع والدتي لعميد جامعة الإمارات للطيران، الذي طمأن والدتي، خاصة أنني كنت ضمن القليلات اللاتي التحقن بهذه الكلية، وبالفعل تحقق حلمي وتمكنت من الحصول على الدبلوم العالي، وفي حفل التخرج قبل السفر لاستكمال آخر عام في جامعة كوفنتري ببريطانيا للحصول على شهادة البكالوريوس، تم إعلان أنني من أوائل الإماراتيات اللاتي يحصلن على هذا الدبلوم العالي، ويتقدمن للحصول على درجة البكالوريوس بمجال هندسة الطيران، هذا الأمر فوجئت به خلال الحفل، الذي حضره سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة.
ماذا عن خطواتك العملية بعد التخرج؟
بعد تخرجي، تزوجت مباشرةً، وقررت التفرغ لأبنائي لمدة 10 سنوات، ولكني لم أوقف أبحاثي، التي أهلتني لإلقاء محاضرات بالجامعات في وقت فراغي، وكذلك قمت بتأسيس مجلة اجتماعية تضم نماذج نسائية اتخذت قراري نفسه، واختارت متابعة الأبناء وتكريس الوقت لرعايتهم، وكل واحدة كانت تكتب في التخصص الخاص بها. وبعد وصول أبنائي إلى عمر مناسب قررت العودة مرة أخرى للمجال الوظيفي.
شغف
بعد هذه الرحلة من التحدي والإصرار، كيف اتخذت هذا القرار بالابتعاد عن مسيرتك المهنية؟
كان هذا قراراً طبيعياً عليَّ أن أتخذه رغم مسيرة التحدي الكبيرة التي خضتها لتحقيق حلمي، ولكن بعد زواجي أصبح لديَّ حلم أكبر وتحدٍّ أجمل، هو تنشئة أبنائي في حضني ورعايتهم بنفسي، فأنا شديدة الحرص على متابعة أدق تفاصيل حياتهم وإعداد وجباتهم الغذائية واصطحابهم إلى ومن المدرسة، بالإضافة للتدريبات الرياضية. في تلك العشر سنوات عشت مع أبنائي أجمل لحظات حياتي بهدوء، خاصة أنهم يحتاجون لرعاية ومتابعة كبيرتين من الأم في سنواتهم الأولى.
هل تسبب هذا القرار في تأخرك في مجال عملك؟
أدرك تماماً أن العمل موجود والتميز الوظيفي يمكن أن يتحقق في أي وقت بالعزيمة والإصرار، ولكن ما قدمته لأبنائي في السنوات الأولى من عمرهم شيء لا يمكن أن يُعوض، وهبة من الخالق، علينا أن نرعاها حق رعاية.
كيف بدأت من جديد؟
كان ذلك عن طريق الهيئة العامة للطيران المدني، التي أسندت لي مهمة تأسيس وحدة الوقاية من الحوادث وتوصيات السلامة في قطاع التحقيق في حوادث الطيران بالهيئة، وذلك كان خلال دراستي لرسالة الماجستير في سلامة الطيران من جامعة كوفنتري ببريطانيا، والتي كنت أناقش من خلالها تأثير الأخطاء البشرية على حوادث الطيران، وجاء موضوع بحثي انطلاقاً من غايتي الكبرى في تحسين سلامة الطيران. وبعد حصولي على درجة الماجستير قررت التقديم على الدكتوراه والذي يعد امتداداً لموضوعي البحثي في الماجستير، ولكن مع بحث تأثير الذكاء الاصطناعي في الطيران.
هل للذكاء الاصطناعي تأثير على سلامة الطيران؟
بالطبع له تأثير كبير، إذ إن توظيف الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة كبيرة، ومن المتوقع أن يكون له تأثير كبير في قطاع الطيران، من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لدعم وتعزيز العمليات الرائدة في الصناعة.
ما مشروعاتك الحالية؟
بجانب العمل على رسالة الدكتوراه، أدرس حالياً عدة عروض مقدمة من جامعات مرموقة بالدولة للتدريس بدوام كامل.
ما الرسالة التي تحملينها، بصفتك أحد المتحدثين على منصة «تيد»؟
أسعى من خلال دوري كأحد المتحدثين على منصة «تيد» إلى توعية الفتيات والشباب بمجال الطيران، وخاصة أن مجال الطيران يعد فرصةً عظيمةً للإبداع والإلهام، مع ضرورة تحلي الأجيال الجديدة بالصبر والعزيمة والشغف من أجل تسلم الراية في هذا القطاع بالمستقبل. كما أدعو الشباب والشابات بشكل مستمر إلى الدراسة المتواصلة والاطلاع على الأبحاث الدورية، خصوصاً مع التطور الذي شهده هذا القطاع، خلال العقدين الماضيين، وطبيعة الصناعة التي اختلفت بسبب التكنولوجيا المتطورة. بكل الفخر لدينا العديد من الفتيات الإماراتيات الملهمات والقدوات في جميع المجالات، ليس فقط للمرأة الإماراتية، وإنما للمرأة العربية والعالمية.