#لقاءات وحوارات
أسامة ألفا الإثنين 3 أغسطس 2020 03:45
ليس غريباً أن تتحلى المرأة الإماراتية بصفات النجاح والتمييز والتفوق، فهي عن تجارب حية استحقت بأن تكون نجمة في سماء الإنسانية، ولأنها شقيقة الرجل ورفيقة مشواره في خدمة الأرض والوطن، لم يكن غريباً أن تخصص القيادة الرشيدة في دولة الإمارات الثامن والعشرين من أغسطس، يوماً سنوياً للاحتفال بالمرأة الإماراتية، إذ يأتي الاحتفال إيماناً من قيادة الدولة بأهمية مساهمات بنات الوطن ودورهن في جهود التنمية ورفاهية البلاد، وتقديراً وتكريماً لما قدمنه لدعم مسيرة الدولة داخل الوطن وخارجه. و«زهرة الخليج» التي تفرد صفحاتها للإضاءة على أبرز ما أنجزته المرأة الإماراتية، تحتفي على غلاف عددها الخاص بالمناسبة، بثلاث مبدعات إماراتيات من ميادين مختلفة، يجمعهن حب الوطن والإبداع والتميز، هن: رائدة الأعمال الدكتورة بشرى الملا، المدير التنفيذي لقطاع تنمية المجتمع في دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، والمهندسة عائشة شرفي المسؤولة عن نظام الدفع في «مسبار الأمل»، والمصممة علياء بن عمير، التي اختارت الفن والإبداع طريقاً لها.
بشرى الملا: جودة الحياة أهم من السعادة اللحظية
تتفرغ الدكتورة بشرى الملا، المدير التنفيذي لقطاع تنمية المجتمع في دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، لتقديم ومتابعة الاستراتيجيات اللازمة لتحقيق جودة الحياة لمختلف فئات المجتمع، دون أن تغفل عن اهتمامها بمشروعها الإنساني «أسرتي» الذي يعنى بتقديم الدعم لمرضى التوحد، ونسألها:
• ما هي أبرز الاستراتيجيات التي قدمتها دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي منذ بداية العام؟
- الاستراتيجية الشاملة لأصحاب الهمم، وهي موجهة للإمارة ككل، لأنها لا تعتمد فقط على القطاع الاجتماعي بل يشارك معها القطاع الصحي والشرطي، والكثير من القطاعات التي دخلت معنا من جهات شريكة رسمية ومهمة، ومن حيث الاستراتيجيات الأخرى عملنا على الإطار المتكامل للخدمات الاجتماعية وحوكمتها بالقطاع الاجتماعي، وعملنا على إطار الحماية من العنف بكافة أشكاله لكل الفئات، وأيضاً عملنا على تنظيم القطاع الاجتماعي ورفع معايير الجودة من خلال وضع معايير للعاملين في المنشآت من خلال الترخيص، وسجلنا أعداداً كبيرة من العاملين والمنشآت وسنطلق التراخيص في وقت قريب، أيضاً عملنا على إطلاق دليل للسياسات للقطاع الاجتماعي لحكومة أبوظبي، ويعتبر الأول من الأدلة التي توضع للقطاع الاجتماعي ككل، ولدينا تدريبات قادمة لكل الدوائر لكيفية استخدام الدليل، وعملنا على دراسات داخلية كانت منها دراسة على المتقاعدين وخرجنا بتوصيات مهمة، وعملنا على وضع استراتيجية لجودة حياة الأسرة وكبار السن وحياة الشباب ودراسة حول التوازن بين العمل والحياة وأيضا أطلقنا من وقت قريب مركز إيواء للنساء والأطفال.
حوكمة المجتمع
• ماذا تعني حوكمة المجتمع المدني؟
- لدينا في القطاع الاجتماعي ما يسمى الحوكمة، وهو يعني من يضع السياسات وينظمها ومن يراقب عليها ومن يتولى تنسيقها مع الجهات المختلفة في القطاع الاجتماعي للوصول إلى مرحلة تقديم الخدمة، عادة في الدول هناك من يقدم الخدمة ومنهم من يضع السياسات والاستراتيجيات هي جهة حكومية، وقد يكون خاصا أو قطاعا ثالثا لذلك يجب تقديم أطر واضحة حول من يقدم الخدمة ومن يرسم السياسات، وكيف نستطيع أخذ البيانات وإدارتها حول أي حالة، ومنها إدارة الحالة، لذلك هناك تنسيق بين كل هذه الدوائر لمساعدة الجميع، والتوجه لجهات أخرى معنية بالمساعدة وهذا ما يسمى حوكمة القطاع الاجتماعي.
• حققت الإمارات مراكز متقدمة عربياً وعالمياً في مقياس السعادة، وأنتم تقدمون اليوم استراتيجيات لجودة العائلة والشباب وكبار المواطنين وتمكين المرأة، ما مدى تأثير هذه الاستراتيجيات في سعادة الأسرة؟
- جودة الحياة، التي ننظر إليها ليست السعادة التي قد تكون لحظية وتنتهي، وقد تتفاوت السعادة بين شخص وآخر بينما جودة الحياة نعمل على بنائها، اليوم في كل الدول المتقدمة بعدما كانوا يقيسون السعادة بالناتج الفردي الاقتصادي، تغير الأمر وأصبح القياس على (مدى جودة حياة الفرد) وهذا ما يقيس تقدم الدول، ولذلك دخلنا بقياس جودة الحياة للناس وهل هم راضون بهذه الحياة، كما أننا نعمل على الصعوبات ومسبباتها الأساسية، ولماذا حدثت المشكلة والتعمق في أصلها لحلها، هذه هي جودة الحياة وهو أمر مهم حيث إنها نواة الأسرة التي تشكل لبنة المجتمع.
موقع المرأة
• برأيك كيف تعامل المجتمع مع جائحة كورونا، وهل ما سمعناه عن تردي العلاقات الأسرية صحيح؟
- كانت دائرة تنمية المجتمع من أوائل من أطلق دراسة حول تأثير الجائحة على المجتمع، وكان من ضمن الدراسة تأثير هذه الجائحة على الفرد والأسرة ووصلنا إلى أن ثقة الأفراد بالحكومة عالية جداً، ولكن العلاقات الأسرية انقسمت بين متأثرة وغير متأثرة، منهم من قال إن العلاقة لم تتأثر ولكن الضغط النفسي ارتفع خاصة للعاملين من المنازل، ومدى العبء الملقى على الأمهات من حيث تدريس أبنائهم وعملها وهذا ما أثر وولد ضغطاً نفسياً، ووضعنا برامج الصحة النفسية وعملنا برامج مع كبار السن مع مؤسسة التنمية الاسرية، وتم تجميع اكبر تمويل خلال الجائحة وتم تقديم دعم للعمال، وفي هذه الجائحة تعلمنا الكثير والحياة بطبيعة الحال تغيرت، ولكن خرجت مبادرات لدعم الصحة النفسية لمساعدة كل حالة على حدة، وكان هناك خط ساخن مع دائرة الصحة خاص بالصحة النفسية لتقديم الدعم.
• أين ترين موقع المرأة الإماراتية وماذا تتمنين لها في السنوات المقبلة؟
- المرأة الإماراتية منذ بدء الدولة وهي تنجز سواء كانت ربة منزل أو عاملة أو بمناصب قيادية، فدورها مهم جداً، وبالمستقبل نود أن نرى رائدات أعمال أكثر يسهمن في تقدم الدولة وانتعاش الاقتصاد، فهن المؤثرات على هذا الاقتصاد بحكم تربية الأسرة، وهناك دراسة توضح أنهن الأكثر حرصاً على الميزانية.
عائشة شرفي: «مسبار الأمل» ينشئ جيلاً شغوفاً بالعلم
تفتخر المهندسة الإماراتية الشابة عائشة شرفي، بأنها ضمن فريق «مسبار الأمل»، أول مهمّة عربية فضائية لاستكشاف الكوكب الأحمر، من بين 200 مهندس ومهندسة، ساهموا في كتابة فصلٍ مشرِّف في تاريخ الإمارات كدولةٍ تشكل تجسيداً حيّاً لثقافة الابتكار والإبداع والإنجاز. تعمل عائشة مسؤولة عن نظام الدفع في المسبار، الذي حمل حلم الإمارات والعرب للمريخ، ونسألها:
• هل كنت تتخيلبن يوماً بأن يكتب اسمك في رحلة الإمارات إلى المريخ؟
ـ الإمارات علمتنا أن لا سقف للطموحات، وبأن كل الأحلام ممكنة التحقق بالإيمان والإرادة والعمل والمثابرة، وكل إماراتي اليوم يؤمن أنه يستطيع أن يحلم ويستطيع أن يجعل الحلم حقيقة، مادام هناك قيادة مؤتمنة على أحلامنا.
• توليتِ مهمة الإشراف على نظام الدفع في «مسبار الأمل»، ما هي تفاصيل المهمة؟
- نظام الدفع هو النظام الخاص بالمسبار، الذي يزوده بالوقود والقوة اللازمة للتحكم بسرعته واتجاهه نحو المريخ. بعد ساعة من إطلاق الصاروخ، الذي يحمل مسبار الأمل، انفصل المسبار عنه وبدأ رحلته نحو المريخ، وهي رحلة تستغرق 7 أشهر ليقطع مسافة 493 مليون كيلو متر، وفي هذه الرحلة نستخدم نظام الدفع لنتمكن من تعديل مسار المسبار. ونظام الدفع في المشروع يتكون من 800 كيلو غرام من الهيدروجين، وهو وقود المسبار، ولدينا 6 محركات أساسية و8 محركات أخرى نستخدمها للتحكم في (الرول كونترول)، أي أن هناك 14 محركاً تتحكم فعلياً بالمسبار.
حكاية الفضاء
• ما الذي دفعك إلى خوض غمار الفضاء؟
- مجال الفضاء عموماً كان حلماً جميلاً بالنسبة لي. وأنا لدي شغف أصلاً بعلوم الفضاء وتقنياته. في البداية، لم يخطر في بالي بأني يمكن أن أكون يوماً جزءاً من مشروع فضائي ضخم كمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، خاصة وأن الدراسة قد لا تقود بالضرورة إلى استكشاف الفضاء الخارجي فعلياً، ولم أتوقع أن أعمل في هذا المجال.
• حدثينا عن لحظة الانطلاق والتنفيذ عندما بدأ المسبار في مساره؟
- لعل الشعور الأكبر الذي هيمن على فكري وإحساسي هو الشعور بالمسؤولية، فمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» هو مشروع استراتيجي وطني إماراتي ضخم، وهو مشروع عربي حيوي؛ وهذا المشروع ليس هدفه فقط الوصول للفضاء أو المريخ فقط، بل هو مشروع لتغيير فكر الأجيال القادمة كي يؤمنوا بقدراتهم على تحقيق تطلعاتهم وبأن الآخرين الذين سبقونا في مجالات عدة ليسوا أفضل منا؛ هو مشروع تأسيس جيل شغوف وواعٍ ومدرك بأهمية العلوم.
• كيف تعاملت مع مراحل هذه المهمة؟ وما هي التحديات التي واجهتيها مع الفريق؟
- واجهتنا تحديات كثيرة، في شهور ما قبل الإطلاق، في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» في العالم، وما أحدثه من تداعيات كبيرة في العالم على كافة الأصعدة، حيث تعين علينا تعديل بعض خططنا وجداول عملنا وتسريع العمل، خاصة وأننا كنا بلغنا مرحلة حساسة من المشروع اقتضت منا العمل على التفاصيل النهائية وإجراء تجارب مهمة واختبارات المحاكاة وعدد من المهام العلمية الأساسية، ناهيك عن التفاصيل الأخرى المتعلقة بنقل المسبار بسلام إلى اليابان، حيث محطة الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما. ولكن إيماننا بأهمية هذا المشروع هو الذي جعلنا نتخطى الصعوبات. لقد شكل المشروع مصدر إلهام لنا بأن لا حدود لإمكانياتنا، وعندما تتوفر الأدوات والتصميم فلا شيء مستحيل.
علياء بن عمير: أترجم حبي للإمارات إلى «تصاميم»
تقضي مصممة المجوهرات علياء بن عمير وقتها، بين خطوط الذهب وقطع المجوهرات والأحجار الكريمة، لتقدم فنها وإبداعاتها متمثلة بقطع من الحلي دقيقة الصنع جميلة الشكل وسهلة الاستخدام، تصف نفسها بأنها عاشقة لعالم صناعة المجوهرات وتتمنى أن تحقق اسماً عالمياً. ونسألها:
• أبرز اسمك في عالم تصميم المجوهرات، فما الذي يميزك في هذا المجال؟
- أنا أعشق منذ صغري الذهب والمجوهرات، ونشأت وأنا أتابع كل ما له علاقة بهذا العالم المليء بالتفاصيل والفن، وكان حلمي أن أخوض غمار هذا المجال المتوهج، لأضع بصمتي الشخصية فيه، واستطعت منذ عام 2013 إطلاق مجموعات متنوعة من المجوهرات، حازت على إعجاب الكثيرين، واستندت في تصاميمي على دمج الشكل التقليدي للمجوهرات الذهبية بخطوط الموضة المعاصرة، فقدمت قطعاً مختلفة ومتقنة الصنع في آن واحد.
طابع إماراتي
• لاحظنا أن الكثير من القطع تحمل طابعاً إماراتياً، ألا يحدك ذلك من انتشارك خارج الإمارات؟
- أنا ابنة هذه الأرض الكريمة والمعطاءة ومن الطبيعي أن أتأثر بها، أضف إلى ذلك أنني فخورة بالانتماء للإمارات وأترجم هذه المشاعر من خلال عملي ومن حقي أن أفخر ببلدي كما يفخر بي، أما الأمر الثاني الذي اكتشفته لاحقاً أن عشق الإمارات ليس محصوراً فقط بأبنائها أو المقيمين على أرضها الطيبة، بل وصل إلى كل بقاع العالم، ولهذا فإن هذه القطع مطلوبة في الداخل والخارج، ثم إن هذه القطع التي أستخدم فيها صوراً أو أسماء هي جزء مما أقدمه، وهناك مجموعات متنوعة من الذهب والمجوهرات المختلفة بالشكل والتصاميم.
• هل تميل المرأة إلى تصاميم امرأة مثلها؟
- عندما تمتلك المرأة الموهبة، تكون امتلكت تقنية إضافية لتقنيات أساسية لديها، فالمرأة يرتبط اسمها دائماً بالذوق الرفيع، والموهبة تضيف لهذا الذوق لمسات فنية، إلى جانب ديناميكية المرأة التي تعرف متطلبات امرأة مثلها، وهنا لا أقلل من دور المصمم الرجل، ولكن هذا لا يعني أن المصممين الرجال متفوقون علينا، بل إننا كسيدات لا نقل شأناً إن لم نكن أفضل في بعض الجوانب.
نجاحات عديدة
• للمرأة الإماراتية نجاحات عديدة، استحقت عليها التكريم بيوم خاص بها، ماذا يعني لك هذا اليوم؟
- هذا اليوم بالنسبة لي هو يوم عيد حقيقي، لأنه يحتفي بنا كنساء وكإماراتيات، وبالنسبة لي أعتبره تكليفاً سنوياً بالمسؤولية، أمام دولتنا وشعبنا وأهلنا، فالمرأة الإماراتية نجحت في ميادين كثيرة، ولم يعد هناك أي مجال لم تخضه، من مواقع المسؤولية كسفيرة ووزيرة ومديرة، مروراً بسيدات الأعمال ووصولاً للدور الأهم وهو دور الأمومة والمساهمة في بناء مجتمع هو الأكثر سعادة عالمياً.
• ما هو حلمك؟
- أحلامي كثيرة، وأنا ما زلت في بداية الطريق، ولكنني أتمنى أن تصل تصاميمي إلى العالمية لتنافس التصاميم الشهيرة.