#سياحة وسفر
كارمن العسيلي 15 سبتمبر 2024
لماذا تعتبر مدينة العين في إمارة أبوظبي جوهرة الإمارات الخضراء؟.. إنها ليست مدينة عادية، فهي تلامس القلوب بروعة طبيعتها، وأصالة تاريخها، وهي مكان يجتمع فيه كل شيء، كالقصور التاريخية، والجبال، والواحات الخضراء، والآثار القديمة والحدائق الخلابة، التي تُنسي الهموم. هذه المدينة الهادئة، والمفعمة بالحياة، تعكس الهوية الإماراتية بأصالتها وتنوعها، وتمتلك سحراً خاصاً يجعلها وجهة مفضلة للباحثين عن تجربة تجمع بين الثقافة والاسترخاء.. إذا كنتم تفكرون في زيارتها، فننصحكم بزيارة خمسة من أفضل معالمها السياحية والتاريخية.
«قصر المويجعي».. شاهد على التاريخ
يطل علينا «قصر المويجعي»، هذا الصرح العريق، من عمق التاريخ، ليحكي قصة الإمارات وشعبها، ويشهد على تطورها وازدهارها. شُيد «قصر المويجعي» مطلع القرن العشرين؛ ليكون مقراً للحكم، وملتقى لأفراد المجتمع. وقد شهد هذا القصر، الذي يقع مع واحته ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ولادة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، وقضى فيه طفولته وشبابه، وتعلم منه القيادة والحكمة.
يتميز «قصر المويجعي» بتصميم يعكس فن العمارة التقليدية، فهو مكون من سور مربع الشكل، وفناء داخلي واسع تزينه أبراج مربعة شاهقة، وبوابة ضخمة تقع في الجنوب بمواجهة واحة المويجعي، وهي عناصر - رغم بساطتها - تدل على قوة هذا الصرح، وصلابته.
بعد توليه منصب ممثل الحاكم في منطقة العين عام 1946، انتقل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه؛ للعيش فيه؛ ليصبح بيتاً لعائلته، ومقراً لحكمه.. وقد أحدث المغفور له الشيخ زايد تغييرات عدة، وأضاف الكثير إلى القصر، من مبانٍ وغرف ومجالس؛ لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار. ومع توليه، طيب الله ثراه، منصب حاكم أبوظبي عام 1966، غادر «قصر المويجعي». وفي مطلع السبعينيات، خضع الصرح لعمليات ترميم؛ ليعود إلى سابق عهده.
اليوم، تحول القصر إلى متحف، يستعرض مجموعة رائعة من التحف والأثاث القديم، والصور، التي تحكي قصة حياة المغفور له الشيخ زايد، وعائلته. كما يعرض الأدوات والملابس التقليدية، والأثاث الذي يعكس نمط الحياة في ذلك الوقت. وأقيم المعرض/المتحف في فناء القصر، وأحيط بجدران زجاجية؛ ليحافظ على روح هذا المكان، وإطلالته الساحرة على الواحة الخضراء، التي تضم أكثر من 21 ألف شجرة نخيل، تمثل التراث الزراعي الإماراتي. ولا يكتمل جمال «قصر المويجعي» إلا بواحته المجاورة له؛ فهذه الواحة الخضراء مثال حي على التراث الزراعي الإماراتي، حيث تزخر بأشجار النخيل، التي كانت مصدر رزق لسكان المنطقة لقرون عدة.
بيت محمد بن خليفة.. أصالة وحداثة
على عكس «قصر المويجعي»، يتميز بيت محمد بن خليفة ببساطة تصميمه وحداثته؛ فهذا البيت الذي شيد عام 1958، يحمل قصصاً وحكايات ودلالات على حقبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والمعمارية، التي شهدتها الإمارات مع اكتشاف النفط، والانتقال إلى حقبة الحداثة. يختلف تصميم البيت عن مفهوم السكن التقليدي، الذي كان سائداً وقتها؛ إذ يعتبر مثالاً لأساليب البناء المعمارية الهجينة بين التقليدية والحديثة، ولهذا السبب أدرج في قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي.
في الأصل، بُني هذا البيت ليكون داراً للشيخ محمد بن خليفة آل نهيان، والد زوجة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد تميز بتصميمه الفريد وألوانه الرائعة، وبقي تقسيمه الداخلي محافظاً على التقاليد من حيث الفصل بين الحياة الخاصة والعامة.
بين عامَي: 2007 و2017، شهد بيت محمد بن خليفة عملية ترميم شاملة، فبات اليوم يضم معرضاً دائماً للتعريف بنمط الحياة في الإمارات في الماضي، ويقدم لمحة عن التاريخ العريق للبيت، وعن التحولات التي شهدتها مدينة العين، كما أنه يعرض مجموعة رائعة من الصور والوثائق والأشياء الشخصية، التي تعود إلى الشيخ محمد بن خليفة، وعائلته. ولأهمية هذا البيت تحول، أيضاً، إلى مركز اجتماعي إبداعي نابض بالحياة. واليوم، يستضيف البيت العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية، مثل: المعارض الفنية، والحفلات الموسيقية، وورش العمل. كما يضم مسرحاً مجهزاً بأحدث التقنيات، ومركزاً للفنون الإبداعية، وقاعة متعددة الاستخدامات.
وإذا سأل أحدهم: لماذا تجب زيارة بيت محمد بن خليفة؟.. تكون الإجابة بكل بساطة: زيارة هذا البيت ستطلعك على تاريخ الإمارات العريق، وستكتشف كيف تحولت هذه المنطقة الصغيرة إلى دولة عظمى. كما ستتعرف على التراث الإماراتي الأصيل، وتكتشف كيف كان يعيش الأجداد، وستستمتع بالفن والثقافة فيه بفضل الفعاليات العديدة، وسيمكنك الاسترخاء في فناء البيت الواسع، والتمتع بجمال تصميمه المعماري.
واحة العين.. كنز طبيعي
عند زيارتكم واحة العين، لن تصدقوا أن هذه المساحة الخضراء تقع وسط الصحراء، وستشعرون بأنكم انتقلتم إلى زمن مختلف، أو إلى مكان حالم وجميل، يتيح لكم التواصل مع الطبيعة بكل سلاسة وهدوء. وتختصر هذه الواحة، بمساحتها التي تبلغ 1200 هكتار، أسرار الحياة الزراعية والنباتية والطبيعية للأجداد، ما جعلها تنضم عام 2011 إلى قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو».
وفي عام 2016، بدأت الواحة، وهي أكبر واحات مدينة العين، استقبال الزوار بشكل رسمي، ليكتشفوا كيف استطاع الإنسان التكيف مع البيئة الصحراوية القاسية، وكيف حول هذه الصحراء إلى واحة خضراء مزدهرة، وللتعرف على نظام الري التقليدي القديم (الأفلاج)، ولمشاهدة المزارعين يهتمون بأكثر من 147 ألف نخلة من أنواع مختلفة.
وتضم واحة العين مرافق متنوعة، منها:
- المركز البيئي: يمنح الزوار تجربة تعليمية تفاعلية ممتعة، من خلال شاشات تفاعلية، وأنشطة تعليمية، تعرفهم بتاريخ الواحة، وأهميتها البيئية، وكيفية الحفاظ عليها للأجيال القادمة.
- الواحة المصغرة: نموذج مصغر لواحة العين، يستعرض تاريخها، ونشأتها، وأهمية موقعها.
- حديقة الواحة: تنقسم إلى ثلاث دور، تعرض كل واحدة منها نوعاً من النباتات الموجودة.
- معرض الفلج: يقدم أساليب جلب المياه من الجبال المحيطة، وتوزيعها، ويبين كيفية تصميم الأفلاج.
حديقة آثار الهيلي.. نافذة على الحضارات
إذا كنتم تبحثون عن مغامرة تجمع بين التاريخ والطبيعة، وترغبون في استكشاف حضارة قديمة، تعود إلى آلاف السنين، فإن حديقة آثار الهيلي بمدينة العين وجهتكم المثالية. تعتبر هذه الحديقة من أهم المواقع الأثرية في الإمارات، وهي مدرجة على قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو». وبزيارتها، ستنطلقون في رحلة إلى الماضي، حيث الأدلة على وجود الحضارات القديمة بالمنطقة، التي تعود إلى آلاف السنين. وسترون المقابر القديمة، والمساكن، وأنظمة الري، وستعرفون كيف تطورت الحياة في هذه المنطقة على مر العصور، وسترون كيف كان الناس يعيشون، ويزرعون، ويدافعون عن أنفسهم. كما ستزورون المنازل القديمة والأبراج المحصنة، وستتعرفون على نظام الري التقليدي، الذي كان يستخدم في الواحة.
تقع هذه الحديقة في أقصى شمال مدينة العين، وتغطي مساحة شاسعة، تضم الآلاف من أشجار النخيل، والكثير من المزارع. وهذه الحديقة شهادة حية على تاريخ الإمارات العريق. وتضم، كذلك، العديد من الكنوز الأثرية الفريدة، مثل مدفن الهيلي الكبير. فهذا المدفن الدائري الشكل، الذي يعود تاريخه إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، يضم العديد من الغرف التي كانت تستخدم لدفن الموتى.
باختصار.. تعتبر حديقة آثار الهيلي متحفاً مفتوحاً، حيث يمكنكم الاستمتاع بجمال الطبيعة، والتجول بين النخيل والأفلاج، واكتشاف الآثار التاريخية. كما يمكنكم الاستمتاع بالأنشطة الترفيهية المتاحة في الحديقة، مثل: المشي، وركوب الدراجات.
حديقة المبزرة الخضراء.. سياحة علاجية
بعد يوم طويل من استكشاف معالم مدينة العين التاريخية، لا بد من أخذ استراحة استثنائية، تستعيدون فيها نشاطكم، ولا يوجد أفضل من حديقة المبزرة الخضراء، التي تقع أسفل جبل حفيت.
تتميز هذه الحديقة باحتوائها على آبار مياه كبريتية ساخنة، توفر لزوارها متعة غمس أقدامهم في قنوات المياه الكبريتية، الغنية بالمعادن، والمعروفة بخصائصها العلاجية، فيشعرون بالدفء والاسترخاء، وزوال الآلام، لاسيما لمن يعانون أمراض المفاصل والروماتيزم.
هذه الحديقة الغنية بالكنوز الطبيعية، تجذب السياح من خارج البلاد أيضاً، وتحظى باهتمام المسؤولين، الذين حرصوا على تجهيزها بمرافق متنوعة؛ لتوفير تجربة ممتعة للزوار كافة، من ملاعب كرة القدم، والكراسي، والشاليهات، التي يمكن استئجارها؛ للحصول على مزيد من الخصوصية، وأكشاك الطعام.