#تحقيقات وحوارات
ياسمين العطار الثلاثاء 10 سبتمبر 16:15
تؤمن الإماراتية، فاطمة البلوشي، بأن الأحلام ممكنة مهما بدت مستحيلة، حيث استطاعت تحويل تحدياتها الحركية إلى مصدر لقوتها، ومن خلالها حققت طموحاتها، وقدمت نموذجاً ملهماً لفئة أصحاب الهمم، الذين يبدعون في تحقيق المستحيل (حسب تعبيرها). جسدت البلوشي ذلك على أرض الواقع، عبر مسيرة حافلة بالنجاحات، بدأت من الفروسية، مروراً بالانضمام إلى منتخب الإمارات لرفع الأثقال، والمشاركة في المبادرات التطوعية المجتمعية، وتقديم عرض أزياء تحت قبة الوصل الشهيرة، وتوجت بتقديم برنامج إذاعي بعنوان «صوت أصحاب الهمم». في حوارها مع «زهرة الخليج»، تؤكد البلوشي أن خطوتها التالية هي تمثيل الإمارات في الخارج. في هذا الحوار مع فاطمة البلوشي؛ نستكشف رحلتها وإنجازاتها المتتالية في مجالات الحياة كافة، التي حولت معها الحلم إلى واقع، بقوة الإرادة، وقلب يغمره الرضا والامتنان..
خلال رحلة حافلة بالنجاحات.. كيف تشكلت شخصيتك، وإرادتك الصلبة؟
ولدت بعيب خلقي في قدمي، وهو أمر تقبله أهلي منذ اليوم الأول لولادتي، وقد عاملوني - خلال مراحل عمري - بمشاعر الرضا، التي ملأت قلب والديَّ، فلم يفرقا في التعامل بيني وبين إخوتي. لذلك، لم أشعر يوماً بالاختلاف، وتأقلمت مع حالتي الجسدية، وتعايشت معها، خاصة عندما بلغت 10 سنوات، حينها بدأت أعتمد على نفسي في شؤوني الخاصة كافة، ما زاد لديَّ القدرة على ترتيب أمور حياتي، وتحمل المسؤولية. بعد سنوات عدة، شجعني والدي، وشقيقتي، على تحقيق حلمي بفتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأقدم من خلالها محتوى نافعاً، يمثل بيئتي، ويعكس قوة إرادة أصحاب الهمم، لدعم من لديهم تحديات جسدية، ومساعدتهم على التأقلم مع المجتمع، والتكيف مع حالتهم، ومنحهم أملاً ينير دربهم، ويُبرز مكامن القوة، ومدى القدرة على العطاء، وتحقيق النجاحات، وخدمة المجتمع. وهنا كانت نقطة انطلاقتي لتحقيق أحلامي.
قوة.. وإرادة
ما المحتوى، الذي حرصت على تقديمه، من خلال منصاتك على مواقع التواصل الاجتماعي؟
دخلت هذا العالم تحت اسم مستعار، هو «فارسة خيالية»، وقدمت تجربتي في الحياة، وتحدثت عن الرضا، الذي أشعر به، وقدرتي على التعايش مع إعاقتي الجسدية، التي لم تعق طريقي نحو تحقيق أحلامي، بل كانت تزيدني إصراراً على بلوغ طموحاتي في الحياة، ودفعتني إلى حب ما أنا عليه، ورؤية الحكمة في خلقتي، التي كانت بمثابة منبع القوة والإرادة. ومع مرور الوقت، حصدت دعماً كبيراً من الناس، وزاد عدد الأشخاص الذين يتابعون حساباتي بشكل فاق توقعاتي بكثير، ولمست من تجاوبهم الرغبة في تقديم المزيد من المحتوى، الذي يُقدم إلى العامة رسائل عن قدرة أصحاب الهمم، التي لا تعرف المستحيل، وإلى أصحاب الهمم بأنهم فئة مهمة خلقت لتصنع المعجزات.
كيف اقتحمت عالم الفروسية؟
الصدفة قادتني إلى النادي الثقافي للفروسية والشعر، وجاءت بدعوة من مؤسِّسته ورئيسته عائشة الفقاعي، من منطلق عشقي لسباقات الخيول التي أتابعها عن كثب. وكان من دواعي سروري حضوري، عن طريق النادي، كأس دبي العالمي عام 2015، فشاهدت السباقات والأجواء الساحرة التي تعم الفعاليات. بعدها شاركت في ورشة عمل قدمها النادي، وأسهمت في إثراء معرفتي بعالم الخيول الواسع بطريقة نظرية، قبل الانتقال إلى التطبيق العملي عبر سلسلة نشاطات، تضمنت التعامل مع الخيول، ورعايتها، وكان الجميع يظنون أنه ليس بمقدوري تكملة الجانب العملي، لكنني أظهرت رغبتي في تجربة ركوب الخيل. وبالفعل، شجعت إدارة النادي التجربة، فلها مني كل التقدير والامتنان. كانت هذه المحطة الأولى لاحتراف رياضة الفروسية وإتقانها؛ لأتمكن من خوض المشاركات في إمارات الدولة كافة.
حدثينا عن شعورك، عندما امتطيت الخيل للمرة الأولى!
كانت من أجمل اللحظات في حياتي؛ فعندما بدأ الخيل السير شعرت بقدميَّ لأول مرة في حياتي، ولهذا أواصل ركوب الخيل حتى الآن، لما تمثله هذه الرياضة الرائعة من وسيلة علاج جسدي ونفسي مذهلة، لا تقتصر على الأشخاص الأسوياء فقط، فهناك منافع صحية تعود على ذوي الهمم من حيث التأهل الحركي؛ لأن ركوب الخيل نشاط جسدي، في المقام الأول، يحتاج إلى وضعية مناسبة للجسم، وتوازن جيد على ظهر الخيل، لذلك من الممكن أن تستفيد صعوبات حركية كثيرة من هذا النوع من العلاج، فأثناء ركوب الخيل يبذل الشخص من أصحاب الهمم جهداً معيناً للبقاء على الوضع الصحيح للجسم وتوازنه، ويقوم بتحريك مجموعة من العضلات اللازمة لذلك، وهذه الحركات ساعدتني في تطوير توازن الجسم، وتحسين وتطوير حركة مجموعة مهمة من عضلات الجسم وتقويتها، مثل: عضلات الظهر، والرجلين، ومجموعة أخرى من العضلات الصغيرة في الجسم، كما امتد هذا التأثير الجيد إلى حركة المفاصل وليونتها.
هل هناك رياضات أخرى تمارسينها؟
الفروسية كانت النواة لتشجيعي على دخول عالم الرياضة؛ وحفزتني لتجربة رياضة رفع الأثقال، التي شاركت من خلالها ضمن صفوف منتخب الإمارات لرفع الأثقال.
ما الحلم التالي، الذي ستُقدمين على تحقيقه؟
كنت أتمنى المساهمة في خدمة المجتمع، وتمكنت من تحقيق هذا الطموح من خلال دخول عالم التطوع كفرد من أصحاب الهمم، يقوم بدوره في أعمال الخير المتعددة، وقد شاركت في الكثير من المبادرات المجتمعية الهادفة إلى دعم الأسر المحتاجة في جميع مجالات الحياة، وكذلك المبادرات التوعوية.
غذاء روحي
هل غيَّر التطوع من شخصيتك ونظرتك إلى الحياة؟
التطوع غذى روحي بكثير من مشاعر الراحة والرضا، التي لا يمكن أن نحس بها إلا من خلال العطاء والبذل لخدمة المجتمع والإنسانية، وهذه الثقافة التي تربينا عليها في دولة الإمارات، متأصلة في عقول وقلوب أبناء المجتمع، حيث تعتبر «الفزعة» من بين قيم التلاحم والتعاضد، التي جُبِل عليها أبناء دولة الإمارات منذ القدم. ومن حسن حظي أنني نشأت في دولة تشجع على العمل التطوعي بصوره كافة، ووفرت له كل أشكال الدعم والتأييد، وهيأت السبل لجميع فئات المجتمع؛ للمشاركة في هذه الأعمال النبيلة، ومنهم أصحاب الهمم، الذين تم تمكينهم من تأدية مهامهم المجتمعية بسلاسة في بيئة محفزة، الأمر الذي يعكس الاهتمام الذي توليه لهم القيادة الرشيدة، وقد سارت على نهجها الجهات الحكومية والأهلية كافة.
كيف جاءت مشاركتك في «عرض أزياء الاستدامة»، خلال «كوب 28»؟
تلقيت دعوة من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (COP28)، الذي استضافته دولة الإمارات، للمشاركة في «عرض أزياء الاستدامة»، الذي أقيم تحت قبة الوصل، وحينها حظيت بفرصة تحقيق حلمي في حدث دولي بارز، يجمع الزعماء والقادة في مكان واحد، فلطالما حلمت بأن أكون «عارضة أزياء»، وعليه قبلت الدعوة، وشاركت في عرض الأزياء، الذي شمل مجموعة من العبايات للمصممة الفلسطينية زين. كانت تجربة رائعة، قدمت خلالها رسالة قوية بأن الأحلام ممكنة، مهما بدت مستحيلة، وهذا هو شعاري في الحياة، أنتهجه بالعزيمة والأمل، وبقلب يغمره الرضا والامتنان؛ للنعم الكثيرة التي أحظى بها.
هل لديكِ مواهب أخرى، تتطلعين إلى استثمارها؟
أعمل، حالياً، على تقديم برنامج إذاعي اسمه «صوت أصحاب الهمم»، في تجربة جديدة بحياتي، حولت معها الحلم إلى حقيقة، ففي دولة الإمارات ليس هناك مستحيل، خاصة أمام أصحاب الهمم، الذين قدمت لهم قيادتنا الرشيدة كل الدعم والتشجيع، إيماناً بقدراتهم وهمتهم وعزيمتهم الحديدية.
ما أحلامك المقبلة؟
خطوتي القادمة تمثيل الدولة خارج حدود الوطن؛ فطموحاتي لا حدود لها.