#منوعات
سارة سمير 30 أغسطس 2024
تعد القهوة من أكثر المشروبات الصباحية رواجاً بين الناس حول العالم، إذ تعتبر المشروب الساحر للجميع، لأنها تساعد على الاستيقاظ سريعاً. لكن لسوء الحظ هناك العديد من الأشخاص، الذين يعشقون تناول القهوة، يعانون اضطراب المعدة أو حرقة المعدة.
في حين أن القهوة لها العديد من الفوائد الصحية، إلا أنها تسبب أعراضاً هضمية، فمن الجاني وراء ذلك؟.. يرجع العامل الأكبر إلى أن الكافيين شديد الحموضة، لكن ما حموضة القهوة؟
تعريف حموضة القهوة:
تحدد الحموضة باستخدام مقياس الأس الهيدروجيني، الذي يشير إلى مدى قاعدية أو حمضية المحلول القائم على الماء (يراوح المقياس من صفر إلى 14، حيث يمثل الصفر أعلى درجة حمضية).
وتطلق عملية التخمير حمضاً من حبوب البن، ومتوسط قيمة الأس الهيدروجيني للقهوة هو 4.85-5.10 (ما يعتبر الأعلى على مقياس الحموضة).
وتؤثر عوامل أخرى، مثل: مدة التحميص ودرجة الحرارة، وطريقة التخمير، وحجم بقايا القهوة، على حمضية القهوة، وتُظهر الأبحاث أن القهوة تحتوي على مجموعة متنوعة من الأحماض، بعضها مسؤول عن نكهتها اللذيذة، والبعض الآخر يسبب اضطراباً في الجهاز الهضمي.
وتتكون القهوة من أكثر من 800 مركب متطاير وحمض مختلف، في حين أن بعض هذه الأحماض مفيدة وتضيف إلى نكهة للقهوة، إلا أن معظمها تزيد الالتهاب في جسمكِ، وتساهم في ارتداد الحمض، وتمنع جسمكِ من فقدان الوزن.
لماذا تسبب الحموضة أعراضاً هضمية؟
ترجع الأعراض الهضمية المُزعجة، التي يشعر بها البعض عند تناول القهوة، إلى المستويات العالية من أحماض الكلوروجينيك في القهوة، والتي تزيد حموضة المعدة، وبالتالي يشعر الشخص بالمزيد من عدم الراحة، خاصة المصابين بمرض الارتجاع المعدي المريئي، أو القرحة المعدية.
وتحفز الحموضة في القهوة إنتاج حمض المعدة، ما قد يزيد الهضم لدى البعض، ويؤدي إلى الانتفاخ وعسر الهضم والإمساك أو الإسهال لدى الآخرين، كما أن الأحماض التفاعلية في القهوة قد تكون مزعجة للغاية لميكروبيوم الأمعاء، لدرجة أنها تتسرب ثقوباً عبر بطانة أمعائك المعروفة باسم الأمعاء المتسربة.
كيفية تأثير حموضة القهوة على الصحة:
تتفاعل المركبات الحمضية الموجودة في القهوة، والتي تساهم في نكهتها المميزة، مع أجسامنا بطرق مختلفة، ما يؤدي إلى المزيد من الآثار الأخرى على الصحة بجانب اضطرابات المعدة:
1- صحة الأسنان:
تشكل الخصائص الحمضية للقهوة خطراً محتملاً على صحة الأسنان، خاصة عندما يتعلق الأمر بمينا الأسنان، وبمرور الوقت يؤدي التعرض المتكرر لأحماض القهوة إلى تآكل طبقة مينا الأسنان الواقية تدريجياً، خاصةً إذا تم استهلاك القهوة بكميات كبيرة أو بمعدل مرتفع طوال اليوم.
وقد تؤدي عملية التآكل هذه إلى زيادة حساسية الأسنان وزيادة قابلية الإصابة بتسوس الأسنان، ولتخفيف هذه التأثيرات، يوصي أطباء الأسنان بشطف الفم بالماء بعد شرب القهوة أو استخدام القشة لتقليل الاتصال المباشر بالأسنان.
2- امتصاص العناصر الغذائية:
لحموضة القهوة تفاعل مثير للاهتمام مع قدرة الجسم على امتصاص بعض العناصر الغذائية، خاصة المعادن، وأحد الأمثلة البارزة هو التداخل المحتمل مع امتصاص الحديد، خاصةً عند استهلاك القهوة مع وجبات غنية بالحديد.
هذا التفاعل مهم للأفراد الذين يعانون فقر الدم الناجم عن نقص الحديد أو المعرضين لخطر الإصابة به، لتعظيم امتصاص العناصر الغذائية، يُقترح فصل استهلاك القهوة عن الوجبات لمدة ساعة على الأقل، ما يسمح للجسم بمعالجة المعادن الأساسية بكفاءة دون تدخل.
3- خصائص مضادة للأكسدة:
من المثير للاهتمام أن بعض المركبات الحمضية الموجودة في القهوة، مثل حمض الكلوروجينيك، تمتلك خصائص مضادة للأكسدة قوية، وتؤثر مضادات الأكسدة في تحييد الجذور الحرة الضارة داخل الجسم، ما قد يوفر مجموعة من الفوائد الصحية.
وتشير الأبحاث إلى أن هذه المركبات قد تساهم في التأثيرات الوقائية المحتملة للقهوة ضد بعض الأمراض المزمنة، بما في ذلك: السكري من النوع الثاني، وباركنسون، وبعض أشكال السرطان؛ ويضيف محتوى مضادات الأكسدة في القهوة طبقة من التعقيد إلى تأثيرها الصحي العام، ما يسلط الضوء على أن الحموضة في القهوة ليست مصدر قلق فحسب، بل تكون مصدراً للمركبات المفيدة.
4- الحساسية الفردية:
من الأهمية بمكان أن ندرك أن تأثيرات حموضة القهوة تختلف بشكل كبير من شخص لآخر، ويرجع هذا التباين إلى العديد من العوامل، بما في ذلك: الاستعداد الوراثي والحالة الصحية العامة وحتى تكوين ميكروبيوم أمعاء الفرد.
وقد يجد بعض الأشخاص أنهم حساسون بشكل خاص للخصائص الحمضية للقهوة، حيث يعانون من انزعاج هضمي واضح، أو آثار ضارة أخرى حتى مع الاستهلاك المعتدل.
من ناحية أخرى، قد يتمكن الآخرون من الاستمتاع بالقهوة بانتظام دون أي آثار سلبية ملحوظة، وهذا النطاق الواسع من الاستجابات الفردية يؤكد أهمية الاهتمام بجسم الفرد، وضبط استهلاك القهوة، وفقًا لذلك.
5- انخفاض كثافة العظام:
قد تتداخل حموضة القهوة مع كيفية امتصاص الجسم للكالسيوم واستقلابه والتخلص منه، حيث إن الجسم قد لا يتمكن من امتصاصه بالكامل، وتشير بعض الدراسات إلى أن الإفراط في تناول القهوة الحمضية قد يؤثر في امتصاص الكالسيوم، وبالتالي في كثافة العظام بمرور الوقت، لأن المستويات العالية من استهلاك الكافيين (أكثر من ثلاثة إلى أربعة أكواب من القهوة) تمنع امتصاص الكالسيوم، فإن المعدن المهم يخرج من نظامك، ويخرج عند التبول.
نصائح لتقليل الحموضة في القهوة:
اختيار حبوب قهوة منخفضة الحموضة:
تؤثر المنطقة التي تزرع فيها القهوة في حموضتها، حيث إن القهوة من المرتفعات العالية تميل إلى أن تكون بها مستويات حموضة أعلى بسبب عملية النضج الأبطأ، لذا فإن شراء الحبوب المزروعة على ارتفاعات أقل وفي المناطق المعروفة بإنتاج قهوة أقل حمضية، مثل: البرازيل أو سومطرة، هو الأفضل لخفض محتوى الحمض.
وعند تسوق القهوة، ابحث عن حبوب من البرازيل، أو سومطرة، أو فيتنام، أو نيكاراغوا، بالإضافة إلى حبوب روبوستا (بدلاً من حبوب أرابيكا)، أو حبوب الإسبريسو، أو مزيج الهندباء، لأنها أقل حمضية لجسمك.
اختيار تحميص داكن:
يؤثر تنوع التحميص في مذاق القهوة، وأيضاً في مستويات حموضتها، فقد وجدت دراسة نُشرت بمجلة Molecular Nutrition & Food Research أن المشاركين، الذين شربوا مزيجاً من التحميص الداكن أظهروا مستويات أقل من إفراز حمض المعدة، مقارنة بمن شربوا تحميصاً متوسطاً.
وتميل القهوة المحمصة قليلاً إلى الاحتفاظ بالمزيد من حموضتها الطبيعية، بينما يميل التحميص الداكن إلى فقدان بعض هذه الحموضة، وتطوير نكهات أكثر مرارة أو محمصة.
تخمير لفترة أطول.. ودرجة حرارة أقل:
من الأمور التي تؤثر في حموضة القهوة، طريقة التخمير، فكلما كان حجم الطحن أدق زادت الحموضة، لأنه يكشف عن مساحة سطح أكبر من الحبوب، ولأن الأحماض هي بعض المركبات الأولى التي يتم إطلاقها أثناء تحضير القهوة، فكلما كان وقت التخمير أقصر، زاد تركيز الحموضة.
لذا لتقليل حموضة القهوة، حاولي تحضيرها لفترة أطول (أي باستخدام مكبس فرنسي) على درجة حرارة أقل (مثل القهوة الباردة)، ولأن حبيبات القهوة الخشنة تحتوي على جزيئات قهوة كبيرة، وتبطئ معدل الاستخلاص، فإن استخدام حبيبات قهوة خشنة على درجة حرارة أقل سيقلل حموضة القهوة.