#ثقافة وفنون
نجاة الظاهري الأحد 22 سبتمبر 15:30
نشأت في بيت يُقدس العلم، فرافق الكتاب حياتها اليومية، ما جعلها تنغمس في عالم القراءة، الذي قادها إلى تأسيس أول صالون قرائي عربي في الإمارات، أطلقت عليه اسم «الملتقى»؛ ليكون محطة لكل محب للكلمة والأدب، وجامعاً للقارئ والكاتب، ومنتجاً للإبداع. أسماء صديق المطوع، الشخصية التي واكبت أول نبض للثقافة في أبوظبي، متمثلاً في «المجمع الثقافي»، قررت أن تحمل على عاتقها الالتزام بالعمل الثقافي، وخدمة الإبداع.. حاورتها «زهرة الخليج»؛ للتعرف على رحلتها مع «الملتقى»، وتحدياتها، وإنجازاتها:
بدايةً.. كيف كانت أسماء قبل «الملتقى»، وكيف أصبحت بعده؟
نشأت في بيت يقدس العلم، فكانت المكتبة جزءاً محبباً إليَّ من حياتي، وكانت الكتب مصدر معرفتي وفضولي. كان والدي وأعمامي يعملون في التعليم منذ بواكيره الأولى، ما جعل الكتب جزءاً أساسياً من حياتي. وقد شهدت فترة الثمانينيات انفتاحاً ثقافياً، وكنت محظوظة بالمشاركة في الأنشطة الثقافية، التي توجت بافتتاح «المجمع الثقافي» في أبوظبي، فجاء تأسيس «الملتقى» تتويجاً لهذه الرحلة. الآن، بعد أكثر من ثلاثين سنة من الالتزام بالعمل الثقافي، من خلال فعاليات صالون «الملتقى»؛ أحس بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي، فبعد كل كتاب أنجز قراءته، أو فعالية فكرية أقيمها؛ أشعر كأنني عدت من رحلة طويلة، أكثر حكمةً وتفانياً في خدمة مجتمعي.
فكرة سباقة
أقمتِ «الملتقى» خلال زمن لم يُعهد فيه وجود الصالونات الأدبية.. كيف أتتك الفكرة؟
قبل تأسيس «الملتقى» عام 1995، ذلك الصالون الأدبي؛ كنت أتردد على مجموعات قرائية غير عربية. وقبل إنشاء «المجمع الثقافي» عام 1981، كان العمل في هذا المجال فردياً وشاقاً، فدرست الأمر بحرص وجدية، ورأيت أن أعمل على تأسيس ملتقى ثقافي نسائي، يحتفي بالكتاب والثقافة العربيين، ويؤدي دوره في خدمة المجتمع؛ فبادرت - بجهود شخصية - بتأسيس هذا الصرح؛ لخدمة الثقافة والإبداع في دولتنا الحبيبة، وتعزيز انفتاحها على العالم وثقافاته، وصنع حوار فعال وجاد؛ لتجسيد هذا المفهوم.
ما أهداف «الملتقى»، وهل حقق كل أهدافه.. حتى الآن؟
عندما أردت تأسيس «الملتقى»، كخطوة ريادية مهمة، كنت أفكر في ضرورة توفير مجموعة قرائية عربية، تهتم بالكتاب العربي، واللغة العربية، والثقافة العربية، وكل ما يرتبط بثقافتنا وموروثاتنا. حينما طرحت الفكرة؛ وجدت قبولاً كبيراً. لكن خروج الفكرة من طابعها التجريدي، وتحركها بيننا واقعاً عملياً، أمران مختلفان؛ لذلك واجهت مصاعب كثيرة، أولها توفير الكتب العربية، ففي ذلك الوقت لم تكن تقام معارض الكتب السنوية، كما أن المكتبات لم تكن بالرواج والانتشار نفسيهما، اللذين نشهدهما اليوم، فقمت بمراسلة مجموعة من دور النشر العربية؛ لتزويدنا بما نحتاج إليه من كتب ومصادر. وكنت أعمل، وقتها، بشكل يومي، وجهد مضاعف. لا يمكن الجزم بأننا حققنا كل أهدافنا؛ فالعمل الثقافي يطلّ على آفاق واسعة.. لكننا على الطريق الصحيح.
عادةً.. من الذين يرتادون «الملتقى»؟
عندما نتحدث عن مرتادي «الملتقى»، سيكون علينا التمييز بين مراحل مختلفة. ففي البداية، كانت النساء الإماراتيات، ونساء الجاليات العربية، فقط المهتمات بالقراءة. لكن مع توسع العمل، بدأنا نستضيف كتاباً ومبدعين من الإمارات والعالم العربي، ومنهم: إبراهيم الكوني، وواسيني الأعرج، وأحلام مستغانمي، وصلاح فضل، وميسون صقر، وسلطان العميمي، ثم توسعنا باستضافة مبدعين عالميين، ما زاد تنوع الحضور، وأثرى الفعاليات.
ضرورة ثقافية
هل الملتقيات الأدبية ضرورية؛ لاستدامة القراءة، والكتابة؟
الصالونات الثقافية تثري العمل المؤسساتي، وتعتبر إضافة كبيرة ونوعية، وعملاً ثقافياً ومجتمعياً في الوقت ذاته. والحديث، هنا، لا يقتصر على الجانب القرائي فحسب، بل أصبح جانب كبير منه عملاً إبداعياً، بعد أن نضجت تجارب الكثيرين من مرتادي «الملتقى»، ونشروا كتبهم ومؤلفاتهم الخاصة، ومطالعاتهم النقدية، وصاروا يمتلكون أدوات عدة، مكنتهم من ارتياد عالم الكتابة والنشر بثبات وقوة، ما يعكس نجاحنا في دعم الكتابة والنشر. وهذا أمر أتحدث عنه بمحبة وفخر كبيرين، لأنني أشعر بأن شجرة «الملتقى»، بعد هذا الامتداد الطويل من السنوات آتت ثمارها، وبدأ موسم الحصاد الإبداعي. من جانب آخر، عملنا طوال سنوات على رفد المكتبة العربية بمجموعة من المؤلفات، تناولت موضوعات متنوعة في الآداب: المحلية، والعربية، والعالمية؛ فأصدرنا كتباً عدة، منها: «الروائي مؤرخاً»، و«ساحل الرواية الخليجية»، و«ماركيز والبحث عن حجر الفلاسفة»، و«أمين معلوف وجدل الهويات».
ما أكبر التحديات، التي واجهتها في «الملتقى»؟
التحديات الكبيرة كانت في بداية التأسيس، كالعثور على الكتب العربية. ومع توسع العمل، واجهنا تحديات في إقامة فعاليات موسعة، والتعاون مع معرض أبوظبي للكتاب. وأثناء جائحة «كوفيد - 19»، اضطررنا إلى استخدام وسائل غير تقليدية لاستمرار العمل، ما أكسبنا جمهوراً أوسع.