#تغذية وريجيم
سارة سمير 23 أغسطس 2024
«نوتشي جوسوي» (nuchi gusui).. عبارة شهيرة يتداولها سكان جزيرة أوكيناوا اليابانية، وتعني «دع الطعام يكون دواءك»، ولا عجب عند معرفة أن «أوكيناوا» من 5 أماكن حول العالم، تعرف باسم «المناطق الزرقاء»، ويتمتع سكانها بمتوسط أعمار أطول من المعتاد. لذلك، يحظى النظام الغذائي الياباني في «أوكيناوا» باهتمام كبير؛ لارتباطه بطول العمر الاستثنائي، والصحة العامة.
وتشتهر «أوكيناوا»، وهي مجموعة من الجزر في الجزء الجنوبي من اليابان، بتمتعها بواحدة من أعلى نسب المعمرين في العالم، ويُعتقد أن النظام الغذائي التقليدي له تأثير كبير في إطالة أعمار السكان، وانخفاض معدلات الأمراض المزمنة.
أساس النظام الغذائي في «أوكيناوا»:
بفضل مميزات النظام الغذائي في جزيرة أوكيناوا، جاءت مقولة: «طعامك دواؤك»، حيث يعتمد سكان الجزيرة في الأساس على الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والصويا، بجانب تقييد السكريات، ومنتجات الألبان.
وتعتبر البطاطا الحلوة غذاء أساسياً في «أوكيناوا»، كبديل للأرز، ومصدر للكربوهيدرات، فهي غنية بالعناصر الغذائية، مثل: الألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة. هذه الخضروات الجذرية ليست كثيفة التغذية فحسب، بل إنها متعددة الاستخدامات أيضاً في الطهي، ما يجعلها حجر الزاوية للعديد من الأطباق التقليدية في «أوكيناوا».
كما تشمل الخضروات الأخرى المستهلكة بشكل شائع: الأعشاب البحرية، والخضروات الورقية. ويتميز هذا النظام الغذائي بانخفاض السعرات الحرارية، لكن بكثافة غذائية عالية، ما يساعد في الحفاظ على وزن صحي، وتقليل خطر الإصابة بأمراض مختلفة.
ويضمن التركيز على الأطعمة الكاملة غير المعالجة أن يستهلك الأفراد مجموعة واسعة من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، التي تساهم بشكل جماعي في الصحة العامة، ويتضمن نهج «أوكيناوا» في تناول الطعام أيضاً قدراً كبيراً من التنوع، ما يضمن عدم الاعتماد بشكل مفرط على مصدر غذائي واحد، وبالتالي تعزيز تناول متوازن وشامل للعناصر الغذائية الأساسية.
الممارسات الغذائية جزء أساسي من النظام:
بالإضافة إلى الأطعمة المحددة المستهلكة، تساهم عوامل نمط الحياة والممارسات الغذائية لسكان «أوكيناوا» أيضاً في طول أعمارهم، ومن الممارسات الجديرة بالملاحظة «هارا هاتشي بو»، العادة الثقافية التي تتضمن تناول الطعام حتى يشبع الشخص بنسبة 80% فقط. وتمنع هذه الممارسة الإفراط في تناول الطعام، وتعزيز صحة الجهاز الهضمي، ويشجع مبدأ «Hara Hachi Bu» على تناول الطعام بوعي، ما يسمح للأفراد بالاستماع إلى إشارات الجوع والشبع في أجسامهم، ما قد يمنع الإفراط في تناول السعرات الحرارية، ويعزز الهضم بشكل أفضل.
علاوة على ذلك، فإن النهج الجماعي والواعي لتناول الطعام، والنشاط البدني المنتظم، يعززان الرفاهية العامة والبيئة الاجتماعية الداعمة، وتتم مشاركة الوجبات في «أوكيناوا» مع العائلة والأصدقاء، ما يمنح شعوراً بالمجتمع والانتماء. ويوفر هذا الجانب الاجتماعي من تناول الطعام الدعم العاطفي، ويشجع أيضاً على ممارسات تناول الطعام الأبطأ والأكثر وعياً، بالإضافة إلى أن النشاط البدني المنتظم، مثل: البستنة والمشي والرقص التقليدي، أيضاً جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في «أوكيناوا»، ما يساهم في الصحة البدنية والرفاهية العقلية للسكان.
الآثار الأوسع نطاقاً على الصحة وطول العمر:
النظام الغذائي الياباني في «أوكيناوا» أكثر من مجرد طريقة لتناول الطعام؛ فهو أسلوب حياة شامل، يؤكد التوازن واليقظة والمجتمع، والتركيز في النظام الغذائي على الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، والاستهلاك المنخفض للسعرات الحرارية، وإدراج الأسماك ومنتجات الصويا، ويوفر إطاراً قوياً لفهم كيف يمكن لعادات الأكل التقليدية أن تؤثر بشكل كبير في الصحة وطول العمر.
وتَبنّي مبادئ النظام الغذائي في «أوكيناوا» له تأثيرات بعيدة المدى على الصحة العالمية، مع انتشار الأمراض المزمنة، مثل: أمراض القلب والسكري والسرطان، بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم، ويقدم نموذج «أوكيناوا» حجة مقنعة لفوائد النظام الغذائي النباتي، الغني بالعناصر الغذائية.
وعلاوة على ذلك، فإن ممارسات نمط الحياة المتمثلة في: الأكل الواعي، والنشاط البدني المنتظم، والعلاقات الاجتماعية القوية، من شأنها أن تساهم في تحسين الصحة العامة، وجودة الحياة.
الفوائد الصحية لنظام «أوكيناوا» الياباني:
يُعرف النظام الغذائي الياباني في «أوكيناوا» بفوائده الصحية العديدة:
طول العمر: تتمتع «أوكيناوا» بأحد أعلى معدلات متوسط العمر المتوقع في العالم، ويُعزى ذلك إلى نظامها الغذائي.
الحفاظ على وزن صحي: النظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية، لكنه غني بالعناصر الغذائية، ما يساعد في الحفاظ على وزن صحي.
توفير الفيتامينات والمعادن: يتضمن تناول كميات كبيرة من الخضروات، ما يوفر الفيتامينات والمعادن الأساسية.
الحماية من الأمراض المزمنة: النظام الغذائي في «أوكيناوا» غني بمضادات الأكسدة، ما يقلل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
تحسين صحة القلب: يحتوي على كمية منخفضة من الدهون المشبعة، ما يعزز صحة القلب، والأوعية الدموية.
العناصر الغذائية المتوازنة: هذا النظام الغذائي متوازن جيداً، ويتضمن مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الضرورية للصحة العامة.
تقليل الالتهابات: يدعم مزيج الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية الشيخوخة الصحية، ويقلل الالتهاب.
وباتباع النظام الغذائي الياباني في «أوكيناوا»، قد يتمتع الأفراد بصحة أفضل، وعمر أطول، وتتحقق المقولة المدونة على إحدى اللافتات في واحدة من قرى «أوكيناوا»: «في الثمانين من عمرك لا تزال شاباً، وفي التسعين إذا دعاك أسلافك إلى الجنة؛ فاطلب منهم الانتظار قليلاً؛ حتى تصل إلى المئة، ووقتها ربما تعيد التفكير».