#تغذية وريجيم
سارة سمير 14 أغسطس 2024
القهوة مشروب محبوب، يستهلكه الملايين حول العالم، ويحبونها لرائحتها الغنية، ونكهتها القوية، والأهم من ذلك تأثيراتها المنشطة، في حين كان يتم الاستمتاع بها ساخنة تقليدياً، فقد اكتسبت أنواع القهوة الباردة مثل القهوة المثلجة شعبية كبيرة، ما يطرح السؤال التالي: هل توفر القهوة الباردة نفس دفعة الطاقة، التي توفرها القهوة الساخنة؟
محتوى الكافيين:
المصدر الأساسي للطاقة في القهوة، سواء كانت ساخنة أو باردة، هو الكافيين؛ المنبه الطبيعي الذي يؤثر في الجهاز العصبي المركزي، ما يؤدي إلى زيادة اليقظة، وتقليل التعب. ويختلف محتوى الكافيين في القهوة قليلاً، بناءً على طريقة التخمير، لكن درجة حرارة القهوة نفسها لا تؤثر بطبيعتها على مستويات الكافيين.
على سبيل المثال: تحتوي القهوة الباردة، عادةً، على كمية كافيين أكبر من القهوة الساخنة؛ لأنها غالباً تُصنع بنسبة قهوة إلى ماء أعلى، وتُنقع لفترة أطول، وينتج عن هذا مشروب أكثر تركيزاً. لكن من ناحية أخرى، تحتوي القهوة المثلجة، وهي عبارة عن قهوة ساخنة مبردة ومقدمة فوق الثلج، على نفس كمية الكافيين تقريباً الموجودة في نظيرتها الساخنة، بشرط ألا يتم تخفيفها بشكل كبير بواسطة الثلج الذائب.
الامتصاص.. والإدراك:
بينما قد يكون محتوى الكافيين قابلاً للمقارنة، فإن الطريقة التي تمتص بها أجسامنا الكافيين، وتدركه قد تختلف قليلاً بين القهوة الساخنة والباردة. وعادة، يتم استهلاك القهوة الساخنة بسرعة أكبر، ما يؤدي إلى امتصاص أسرع للكافيين في مجرى الدم، ويؤدي هذا التناول السريع إلى زيادة فورية، وواضحة في الطاقة.
من ناحية أخرى، يتم احتساء القهوة الباردة ببطء أكبر، ما يؤدي إلى زيادة تدريجية في الطاقة، وقد يعني معدل الاستهلاك الأبطأ هذا أن الكافيين يدخل مجرى الدم بوتيرة أكثر ثباتاً، ويؤدي إلى فترة أكثر استدامة من اليقظة. وعلى الرغم من هذا الاختلاف في معدل الاستهلاك، فإن النتيجة النهائية أنه تظل كمية الكافيين التي يمتصها الجسم متشابهة.
العوامل الأيضية.. والفسيولوجية:
تلعب عملية التمثيل الغذائي في الجسم، والعوامل الفسيولوجية الفردية، أيضاً، دوراً في كيفية إدراك الطاقة من القهوة واستدامتها، فهناك عوامل عدة مؤثرة، مثل: العمر والوزن والتحمل للكافيين، وحتى الوقت من اليوم، وهذه تؤثر في مدى سرعة وفاعلية استقلاب الكافيين. فعلى سبيل المثال، قد يطور الأفراد، الذين يستهلكون الكافيين بانتظام تحملاً، ما يتطلب كميات أكبر لتحقيق نفس التأثيرات المنشطة.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤثر وجود الطعام في المعدة على امتصاص الكافيين، وقد يؤدي شرب القهوة على معدة فارغة إلى امتصاص أسرع، وارتفاع أسرع في الطاقة، في حين أن تناولها، مع أو بعد، الوجبة قد يؤدي إلى إطلاق طاقة أبطأ، وأطول أمداً.
الطعم.. والمواد المضافة:
يؤثر مذاق القهوة الساخنة والباردة، أيضاً، في كيفية تجربتنا لزيادة الطاقة، تميل القهوة الباردة إلى أن تكون أقل حمضية وأكثر سلاسة، ما قد يجعل من الأسهل استهلاكها بكميات أكبر، ويؤدي هذا عن غير قصد إلى تناول كمية أكبر من الكافيين؛ إذا لم يكن المرء منتبهاً إلى أحجام الحصص.
علاوة على ذلك، تحتوي مشروبات القهوة الباردة على سكريات مضافة، أو شراب أو حليب، ما يوفر ارتفاعاً سريعاً في الطاقة من الكربوهيدرات، في حين أن هذه الزيادة في الطاقة الناتجة عن السكر، تختلف عن اليقظة المستمرة التي يوفرها الكافيين، إلا أنها تعزز بشكل مؤقت الشعور بزيادة الطاقة، بينما هذا التأثير قصير الأمد، وقد يتبعه انهيار بمجرد استقلاب السكر.
العوامل النفسية.. والاجتماعية:
تؤثر العوامل النفسية والاجتماعية، بشكل كبير، في كيفية إدراكنا لزيادة الطاقة من القهوة، فقد تكون طقوس تحضير وشرب القهوة الساخنة تجربة مريحة ومنشطة، ما يعزز زيادة الطاقة الملموسة، وأحياناً يكون لدفء المشروب أيضاً تأثير مهدئ، ما يوقظ الحواس والاستعداد لليوم التالي.
وعلى العكس من ذلك، ترتبط القهوة الباردة بالانتعاش والتبريد، خاصة في الطقس الحار، وهذا أيضاً يكون منشطاً بطريقة مختلفة، ما يوفر شعوراً بالتجديد واليقظة.
فوائد متعددة لتناول القهوة:
بعيداً عن قدرة القهوة على زيادة النشاط، وتحسين المزاج، فإن لديها الكثير لتقدمه، للذين يستهلكونها بانتظام، ومن أهم فوائدها:
تحسين الأداء البدني:
تتمثل إحدى الفوائد الأساسية لشرب القهوة في قدرتها على تحسين الأداء البدني، حيث يحفز الكافيين الموجود في القهوة الجهاز العصبي، ويرسل إشارات إلى الخلايا الدهنية لتكسير الدهون في الجسم، ويتم استخدام هذه الدهون المكسورة كوقود، ما يعزز القدرة على التحمل، ومستويات الطاقة، أثناء الأنشطة البدنية.
مصدر غني بمضادات الأكسدة:
من الفوائد المهمة الأخرى للقهوة، هي محتواها العالي من مضادات الأكسدة، التي تساعد على تحييد الجذور الحرة الضارة في الجسم، ما يقلل الإجهاد التأكسدي، وخطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وتم ربط حمض الكلوروجينيك، أحد مضادات الأكسدة الأساسية الموجودة في القهوة، بالعديد من الفوائد الصحية، بما في ذلك: تقليل الالتهاب، وتحسين صحة القلب.
تقليل خطر الإصابة بأمراض معينة:
ارتبط استهلاك القهوة بانتظام بانخفاض خطر الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة، وتشير الدراسات إلى أن شاربي القهوة لديهم خطر أقل للإصابة بأمراض، مثل: الزهايمر، وباركنسون، ومرض السكري من النوع الثاني. تساهم التأثيرات العصبية للكافيين، والمركبات الأخرى الموجودة بالقهوة في هذه الفوائد الوقائية، ما يجعلها إضافة قيمة لأسلوب حياة صحي.
تحسين الحالة المزاجية.. وتقليل الاكتئاب:
لشرب القهوة، أيضاً، تأثير إيجابي في الحالة المزاجية، إذ تقلل خطر الإصابة بالاكتئاب، كما يحفز الكافيين الموجود في القهوة إطلاق الدوبامين، والسيروتونين، وهما من الناقلات العصبية المرتبطة بمشاعر السعادة والرفاهية، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن شاربي القهوة أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب، ولديهم خطر أقل للانتحار، مقارنة بغير الشاربين.
حماية الكبد:
ثبت أن القهوة لها تأثيرات وقائية على الكبد، ويرتبط استهلاكها المنتظم بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الكبد، مثل: تليف الكبد، وسرطان الكبد. وتساعد المركبات الموجودة في القهوة، بما في ذلك: الكافيين، والديتربين، ومضادات الأكسدة، على تقليل الالتهاب، وحماية خلايا الكبد من التلف.
تحسين صحة القلب:
تم ربط استهلاك القهوة المعتدل بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، فمضادات الأكسدة الموجودة بالقهوة مع خصائصها المضادة للالتهابات، تحسن صحة القلب والأوعية الدموية. علاوة على ذلك، ثبت أن القهوة تقلل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وقصور القلب عند تناولها باعتدال، وبالتالي فهي صحية للقلب للعديد من الأفراد.
المساعدة في إدارة الوزن:
تلعب القهوة دوراً في إدارة الوزن، وفقدان الدهون، إذ يزيد الكافيين، وهو مكمل طبيعي لحرق الدهون، معدل الأيض، ويعزز تكسير الخلايا الدهنية. بالإضافة إلى ذلك، تعمل القهوة كمثبط للشهية، ما يساعد الأفراد على استهلاك عدد أقل من السعرات الحرارية، طوال اليوم.