#تنمية ذاتية
زهرة الخليج - الأردن 9 يوليو 2024
إذا كان والداكِ قد قاما، في أي وقت مضى، بتفضيل أحد إخوتكِ عليكِ، فأنتِ تعرفين مدى الألم، الذي يمكن أن تشعري به، لا سيما عندما تكونين الطفل الأقل تفضيلاً.
ومع ذلك، فإن عدداً أقل من الناس يفكرون في مدى الضرر، الذي تسببه هذه المحسوبية للطفل، الذي يتم تفضيله على الآخرين، والتي تُعرف باسم متلازمة «الطفل الذهبي»، حيث يمكن أن تؤثر بعمق في الطفل وإخوته، والعلاقة بين الوالدين والطفل.
وفي حين أن الثناء والمودة العالية، عادةً، يكونان إيجابيين من مقدم الرعاية، إلا أن هناك طرقاً يمكن أن تأخذ بها هذه العادات منعطفاً غير صحي، فغالباً يستوعب «الطفل الذهبي» اعتقاد أن الحب والقبول مشروطان بقدرته على الارتقاء إلى مستوى التوقعات. وهذا يؤدي إلى قلق ملحوظ، يتسم بالكمال، وضغط شديد لتحقيق الإنجازات الزائدة، والحاجة المبالغ فيها إلى المثالية. وفي مرحلة البلوغ، يؤثر هذا في صحته العقلية، وعلاقاته، وهويته الذاتية.
هنا، نخبركِ بالعلامات، التي تشير إلى وجود هذه المتلازمة في عائلتكِ، وكيفية الشفاء منها.
غالباً يمتدح الآباء «الطفل الذهبي».. ويفضلونه علناً:
تشير متلازمة «الطفل الذهبي»، عادة، إلى ديناميكية الأسرة، حيث يتم تفضيل طفل واحد، ويتلقى معاملة خاصة عن بقية أفراد الأسرة، وعادةً يكون من السهل اكتشاف ذلك؛ عندما يكون لدى «الطفل الذهبي» أشقاء لا يتلقون المعاملة نفسها. أي أنه يتلقى قدراً ملحوظاً من الاهتمام الإيجابي، مقارنة بإخوته، ويتلقى «الطفل الذهبي» الكثير من الثناء، ويتم الترحيب بإنجازاته حتى الصغيرة منها، ولفت انتباه الجميع إليها.
قد يكون لدى «الطفل الذهبي» إحساس مشوه بالمسؤولية والعواقب:
في كثير من الأحيان، يُنظر إلى «الطفل الذهبي» على أنه الطفل «المثالي». ويأتي هذا، غالباً، مع مجموعة من التوقعات والمسؤوليات، حيث يُنظر إلى هذا الطفل على أنه فخر الأسرة، ويتم تعليم الطفل تلبية المعايير العالية، وتمثيل مُثُل الأسرة، وهذا يؤدي إلى هوية مرتبطة بقوة برضا الوالدين. ومع ذلك، يحظى بمزايا أخرى، إذ يتم تحميله مسؤولية وعواقب أقل من إخوته، وذلك بفضل وضعه التفضيلي.
غالباً تتم مقارنة الأشقاء به بشكل سلبي:
في بعض الأحيان، تكون المقارنة بين الأشقاء علنية، وقد يستخدمها الوالدان؛ لإحراج الأشقاء الأقل حظاً عمداً، وكثيراً ما يتم طرح «الطفل الذهبي» عند مناقشة خيبات الأمل مع الأشقاء الآخرين، ومن الأمثلة على ذلك: لماذا لا تستطيع أن تدرس بقدر ما يدرس أخوك؟
وعلى مر السنين، يؤدي ذلك إلى تآكل العلاقة بين الأخوة، واستبدال المودة والصداقة الحميمة بالمرارة والغيرة. ومع تقدمه في السن، قد يتجادل أكثر مع إخوته؛ لأنهم لن يقبلوا باستمراره بهذا النهج. وهذا يخلق ديناميكية، حيث لا يستطيع «الطفل الذهبي» مواجهة الحقائق، ويدخل في معارك باستمرار؛ لشعوره بأنه، دائماً، على حق.
يُسقط الآباء آمالهم وأحلامهم على الطفل:
في كثير من الأحيان، يتشبث الآباء بـ«الطفل الذهبي»؛ لأنهم يرون من خلاله طريقة؛ لتحقيق آمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم، التي لم تتحقق، وكلما كان الطفل أكثر نجاحاً، كلما زاد تمسك الوالدين بهذا الشعور المشترك بالإنجاز. أي أن «الطفل الذهبي» يجلب المجد إلى العائلة، ويتم ذلك من خلال أن يكون الطفل رياضياً، أو جذاباً جسدياً، أو متفوقاً دراسياً. ويُنظر إلى نجاح الطفل على أنه امتداد لعائلته.
قد يطور «الطفل الذهبي» احترامًا هشًا لذاته:
قد تعتقدين أن إعطاء الأولوية للطفل من شأنه أن يساعده على تطوير احترام الذات بشكل لا يتزعزع. لكن، المعالجين يتفقون على أن هذا الأمر قد يكون له تأثير معاكس، ولأن «الطفل الذهبي»، غالباً، يعتمد بشكل كبير على المدح الخارجي، فقد يتعرض غروره لصدمات عميقة؛ عندما يتعرض للانتقاد. أي إذا قال شخص ما كلاماً سيئاً له، أو شعر بأنه مستبعد من مجموعة ما، فقد يشعر بالسلبية تجاه نفسه، وأنه مخيب للآمال إلى حدٍّ ما، أو أنه ارتكب شيئاً خاطئاً.
كيفية بدء الشفاء من متلازمة «الطفل الذهبي»:
هناك العديد من الخطوات، التي يمكنكِ اتخاذها لبدء الشفاء؛ إذا شعرتِ بأنكِ نشأتِ كـ«الطفل الذهبي» في عائلتك. وستحتاجين إلى إعطاء الأولوية للاستكشاف الذاتي أثناء تخطيط مساركِ للأمام. لذا، فكري في القيم والعواطف الشخصية؛ لإعادة اكتشاف ذاتك الحقيقية، ويعد هذا مهماً بشكل خاص إذا أصبح إحساسكِ بهويتك متشابكاً مع إرضاء الآخرين، ما يجعل من الصعب معرفة ما تريدينه حقًا.
وكجزء من هذا، ستحتاجين إلى وضع حدود صحية في علاقاتكِ، وتعلمي قول «لا»، دون الشعور بالذنب، وإحاطة نفسكِ بشبكة داعمة من الأشخاص، الذين يقدرونكِ بما أنت عليه، وليس بما تحققينه.
ومن المهم، أيضاً، تقديم التعاطف لنفسكِ، أي تدربي على أن تكوني لطيفةً مع نفسكِ، وتقبلي العيوب والأخطاء كجزء من كونكِ إنسانة، أي امنحي نفسكِ الحب غير المشروط، الذي ربما افتقرتِ إليه في سنواتكِ السابقة.