#أخبار الموضة
غانيا عزام 1 يونيو 2024
تشبّث رامي العلي بموهبته، ومشى بخطوات ثابتة على طريق مفروش بالحلم والإبداع؛ تجاوز العقبات، ثابر واجتهد لأكثر من 22 عاماً، وحقق نجاحات وإنجازات محلية وعالمية، وعينه على المزيد. طفولته عاشها في دير الزور في كنف عائلة متماسكة محبة (فهو ابن وحيد محاط بأربع شقيقات)، على رأسها والده المهندس البارع، ووالدته المدرّسة الفاضلة. شغفه المبكر بالموضة قاده إلى العاصمة دمشق، حيث درس الاتصالات البصرية، وهناك تفتحت موهبته في تصميم الأزياء، فكان مشروع تخرجه الجامعي عام 1995 عرضَ أزياءٍ، قام بتصميمه وإنتاجه بالكامل. شهد عام 2000 انطلاق علامته التجارية «Rami Al Ali Couture» من دبي، المدينة التي احتضنت موهبته، وإبداعاته. وبعد سنوات عدة، أصبح أول مصمم سوري يعرض تصاميم الكوتور في باريس، عاصمة الموضة العالمية.. في هذا الحوار، نلقي بالضوء على جوانب من رحلة إبداعه الملهمة، ورسالته المجتمعية، ونصائحه، وطموحاته:
بدايةً.. لخص لنا تجربتك، وما العنوان الذي تطلقه على رحلتك الإبداعية؟
بعد أكثر من 22 عاماً في تصميم الأزياء، أصف رحلتي بأنها «Couture Quest»، ويلخص هذا العنوان السعي المستمر إلى التميز، ومغامرة الاستكشاف الإبداعي، والتفاني في صناعة قطع فريدة وخالدة. طوال هذه الرحلة، واجهت تحديات، واحتفلت بنجاحات، وظللت ملتزماً بدفع حدود الأزياء الراقية. وتمثل كل مجموعة فصلاً في هذا السعي المستمر، وتعرض الابتكار والرقي، وجوهر فلسفتي في التصميم.
إلهام عائلي
كونك محاطاً بوالدتك وشقيقاتك الأربع.. إلى أي مدى كان لهذا دورٌ في توجهك نحو تصميم الأزياء؟
نشأت بين أربع أخوات، وأمي؛ فتعرفت إلى عالم المرأة من خلالهن. فقد كان التفاعل في ما بينهن، وارتداؤهن ملابسهن في المناسبات الخاصة، واستخدامهن الموضة للتعبير عن أنفسهن، بمثابة تعليمي المبكر في عالم الموضة، ما منحني فهماً أفضل في التصميم للنساء. لقد كان لهن تأثير كبير في علامتي التجارية، فهنّ مصدر إلهام دائم بالنسبة لي.
ماذا يعني لك أن تكون أول مصمم سوري يعرض أزياء راقية في باريس؟
كوني أول مصمم سوري يعرض أزياء راقية في باريس، شرف كبير ومسؤولية عظيمة في الوقت نفسه. إنه رمز لكسر الحواجز، وتمثيل التنوع الثقافي على المسرح العالمي. بالنسبة لي، هو شهادة على الإبداع والصمود، والاحتفاء بالتراث السوري، وأيضاً فرصة لتعزيز التنوع والشمولية في صناعة الأزياء وخارجها. كما يحمل هذا الإنجاز معنى عميقاً، فهو يعكس سنوات من التفاني والشغف بحِرْفتي، كما يمهد الطريق أمام المصممين السوريين المستقبليين.
مؤخراً.. دخلت لائحة «BOF 500».. ما أثر هذا التكريم لديك؟
شرف كبير أن أكون أول مصمم سوري يتم ترشيحه لقائمة «BOF 500»؛ فهذا لا يزيد الرؤية العالمية للعلامة التجارية فحسب، بل يعد أيضاً مصدر إلهام للمواهب السورية الطموحة. يمكّنني هذا التكريم من المشاركة بنشاط في برامج التوجيه والدعم، والمساهمة في تطوير وتمكين الجيل القادم من المصممين السوريين.
ما الذي يحفزك لتقديم المزيد من الإبداع والعطاء؟
أن أكون أكثر إبداعًا وكرمًا، هو دافعي المستمر للابتكار، ودفع حدود حرفتي في صناعة الأزياء، بجانب الإلهام من الفن والثقافة والعالم من حولي. بالإضافة إلى ذلك، إن فرصة إحداث تأثير إيجابي في الآخرين من خلال عملي تحفزني لأكون كريمًا بمواهبي ومواردي. سواء لدعم المصممين الناشئين، أو استخدام منصتي لزيادة الوعي بالقضايا المهمة، فأنا أؤمن بقوة الموضة في إحداث تغيير إيجابي، ومشاركة النجاحات والإبداع تجلب لي السعادة والاكتفاء.
ما المسؤولية، التي تعتبرها أساسية في عملك؟
في عملي كمصمم أزياء، أعتبر مسؤولية الأصالة والنزاهة أمراً ضرورياً. ومن المهم بالنسبة لي أن أظل صادقاً مع رؤيتي الفنية، وقيمي ومبادئي، بتقديم تصاميم تتوافق مع جماليتي الشخصية، واحتياجات جمهوري. تمتد هذه المسؤولية إلى ضمان المصادر الأخلاقية، وممارسات الإنتاج، وتعزيز التنوع والشمول في تصاميمي، واستخدام منصتي للدفاع عن القضايا الاجتماعية والبيئية. في النهاية، أعتقد أن الحفاظ على الأصالة والنزاهة في عملي لا يعزز علامتي التجارية فحسب، بل يعزز أيضاً الثقة والتواصل مع جمهوري، ما يساهم في صناعة أزياء أكثر استدامة، وذات معنى.
إنجازات بارزة
«أرض ديار».. مبادرة أطلقتها، فما أبرز الإنجازات التي حققتها حتى الآن؟
حققت هذه المبادرة إنجازات بارزة، منها: تمكين الحرفيين المحليين، ومنح فرص عمل مستدامة، وتعزيز التبادل الثقافي، وتوفير الدعم الإنساني. ولم تحافظ هذه المبادرة على الحِرَف اليدوية التقليدية فحسب، بل ساهمت أيضاً في تعزيز المرونة الاقتصادية، والتفاهم الثقافي في المنطقة.
ما نصيحة رامي العلي للموهوبين في عالم التصميم؟
إحدى النصائح الرئيسية، التي أشاركها مع الأشخاص الموهوبين في عالم التصميم، هي: كن صادقاً مع رؤيتك، وصوتك الفريد؛ ففي هذه الصناعة التنافسية، من المهم تطوير أسلوبك ومنظورك، بدلاً من مطاردة الاتجاهات، أو محاولة محاكاة الآخرين. احتضن إبداعك، واستكشف أفكاراً جديدة دون خوف، وثق بمواهبك. بالإضافة إلى ذلك، لا تقلل أبداً من قيمة العمل الجاد والتفاني والمثابرة؛ فغالباً يتطلب النجاح في عالم التصميم الصبر والمرونة، والرغبة في التعلم والتكيف. كن فضولياً، واستمر في تجاوز الحدود، وثق بقدرتك على إحداث تأثير مفيد من خلال عملك.
ارتدت تصاميمك شهيرات العالم والعرب.. من منهن تقترب أكثر من «امرأة رامي العلي»، التي تتوارى خلف تصاميمه؟
من بين النساء المشهورات العربيات والعالميات، اللواتي ارتدين تصاميمي، لا توجد امرأة بعينها تجسد «امرأة رامي العلي» المثالية؛ وبدلاً من ذلك أجد أن تصاميمي تلقى صدى قوياً لدى النساء اللاتي يشتركن في صفات معينة، مثل: الأناقة، والرقي، والثقة، والإحساس القوي بالفردية. وهؤلاء النساء يأتين من خلفيات وصناعات متنوعة، إلا أنهن جميعًا ينضحن نعمةً خالدةً، وإحساساً عصرياً، يتماشى مع جوهر تصاميمي، سواء من الملكات أو المشاهير أو الشخصيات المؤثرة، فما يوحدهن هو تقديرهن للحرفية والاهتمام بالتفاصيل، وحب الملابس الجميلة المصنوعة جيدًا، ما يجعلهن يشعرن بالتمكين والثقة.
عدتَ إلى جذورك في مجموعة الهوت كوتور لربيع وصيف 2024.. ما مصدر إلهامك للتشكيلة المقبلة؟
سيتم الكشف عن مجموعتي القادمة في يوليو، وأستمد فيها الإلهام مرة أخرى من مجموعة متنوعة من التأثيرات، وأمزج عناصر التقاليد مع الذوق المعاصر. توقعوا اندماجاً آسراً بين الثقافات والأنسجة والألوان، بينما أواصل استكشاف آفاق إبداعية جديدة، ودفع حدود الأزياء الراقية. أستعد، كذلك، للانغماس في عالم من الأناقة، والرقي، والجمال الخالد.
مصادر متنوعة
ما مصادر إلهامك، وهل تسعى إلى أماكن معينة؛ للحصول عليها؟
أستمد مصادر إلهامي من جوانب مختلفة من الفن والثقافة والطبيعة والحياة اليومية. أجد الإلهام في التفاصيل المعقدة للهندسة المعمارية التاريخية، والألوان النابضة بالحياة للمناظر الطبيعية الغريبة، وحركات الرقص الانسيابية، والأنسجة الفريدة للأقمشة المختلفة. وسواء تعلق الأمر باستكشاف المعارض الفنية، أو السفر إلى وجهات جديدة، أو بساطة مراقبة العالم من حولي، فإنني أبحث عن الإلهام من العديد من المصادر. ورغم أنني لا أبحث - بالضرورة - عن أماكن محددة للعثور على الإلهام، فإنني أجد أن الانغماس في بيئات وثقافات مختلفة غالباً يثير أفكاراً جديدة، ورؤى إبداعية. فمن خلال التجول بالأسواق المزدحمة، أو التنزه على الشواطئ الهادئة، أو زيارة المتاحف والمعارض، أنا دائماً منفتح على تجربة مشاهد وأصوات وأحاسيس جديدة، تشعل مخيلتي، وتوجه عملية التصميم الخاصة بي. في النهاية، يمكن العثور على الإلهام في كل مكان، فهو يتعلق بالانفتاح والفضول، وتقبل جمال وتنوع العالم من حولنا.
أعلنتَ مرة أن لديك رغبة في تصميم المفروشات والديكور المنزلي.. هل وضعت هذه الخطوة على نار حامية؟
في حين أن الرغبة في تصميم الأثاث والديكور المنزلي كانت شغفي، فقد اخترت إعطاء الأولوية والتركيز على عملي في مجموعات الأزياء الراقية والملابس الجاهزة في الوقت الحالي. ومع ذلك، لا أستبعد إمكانية استكشاف هذا المشروع في المستقبل. ويظل تصميم الأثاث والديكور المنزلي طموحي، وأواصل تعزيز هذا الاهتمام بالبحث والاستكشاف والتجربة الإبداعية. وعندما يحين الوقت المناسب، قد أتمكن بالفعل من متابعة هذا الشغف، وتحقيق رؤيتي للديكور الداخلي على أرض الواقع. وحتى ذلك الحين، سأظل ملتزماً بدفع حدود تصميم الأزياء، وابتكار قطع الأزياء الراقية الخالدة، التي تلهم وتأسر القلوب.
ما الذي تحمله من دبي.. المدينة التي انطلقت منها؟
أحمل تقديراً عميقاً للتنوع والابتكار والتبادل الثقافي في دبي، لقد ألهمني نسيج الثقافات - النابض بالحياة في هذه المدينة - احتضان وجهات نظر مختلفة، والاحتفاء بالثراء الثقافي في عملي؛ فروح ريادة الأعمال الديناميكية، التي تتمتع بها دبي، قد غرست في نفسي أخلاقيات العمل القوية، والتصميم على النجاح. يستمر تأثير دبي في رحلتي كمصمم أزياء، وفي تشكيلها، ما يذكرني بأهمية الإبداع والمرونة، والسعي إلى تحقيق التميز.
ما طموحاتك بالنسبة لدار رامي العلي؟
أتصور مستقبلاً مفعماً بالتفاني في الابتكار والإبداع، والتميز في الموضة؛ فهدفي هو توسيع النطاق العالمي للعلامة التجارية مع الحفاظ على قيمنا الأساسية، المتمثلة في الحرفية والأناقة والرقي، كما أخطط للتعاون مع شركاء ذوي تفكير مماثل، واستكشاف سبل جديدة للتعبير الإبداعي، بما في ذلك مشاريع الإكسسوارات أو الديكور. وكذلك، أنا متحمس لدعم المواهب الناشئة في صناعة الأزياء، من خلال المبادرات والبرامج المختلفة. وفي النهاية، أهدف إلى مواصلة إلهام الآخرين بتصاميم خالدة، تجسد الأناقة والرقة والجمال.