#رياضة
ياسمين العطار السبت 20 ابريل 10:30
تخطت لاعبة منتخب الإمارات للشطرنج، وديمه الكلباني، الحدود والحواجز، وعبرت إلى فضاءات من المجد والشهرة، كنابغة على رقعة الشطرنج، أدارت الرؤوس، ولفتت الأنظار وهي تنقل البيادق ببراعة منقطعة النظير، لتحقق الانتصارات، وتعتلي منصات التتويج، متوشحة بالذهب خلال مشاركاتها المحلية والآسيوية والعالمية، لتهدي الفخر لدولة الإمارات.
أكدت وديمه، التي تمارس لعبة الملوك والنبلاء منذ نعومة أظافرها، أن رياضة الشطرنج تنمي العقل، وتساعد على التركيز، وتقوي مراكز التذكر، فتجعل اللاعبين يخوضون معارك نفسية غير مرئية مع الشخص الجالس أمامهم مباشرة، فتزيد الحس الاستراتيجي والتحليل المنطقي لديهم. حرصت مجلة «زهرة الخليج» على مقابلة البطلة للتعرف منها عن قرب على سبب اختيارها اللعبة، وكيف تمكنت من تطوير مهاراتها، وأبرز لحظات السعادة التي عاشتها، وكذلك عن طموحاتها وأحلامها المستقبلية. تالياً نص الحوار:
لماذا قمت باختيار رياضة الشطرنج على وجه الخصوص؟
الأمر جاء عن طريق الصدفة، وذلك في عام 2008، عندما تم اختيار شقيقتي من قبل إدارة نادي العين للثقافة والشطرنج، الذي كان يعمل حينها على استقطاب لاعبين ولاعبات لممارسة اللعبة، وحينها قررت والدتي أن أذهب بصحبة شقيقتي لحضور التدريبات، وقد جذب حضوري انتباه المدربة هدى النجار، التي دعتني للمشاركة في التدريبات، ورغم أنني لم أكن أعرف شيئا عن هذه اللعبة في السابق إلا أنني أحببتها منذ اليوم الأول، وقررت ممارستها بانتظام برفقة شقيقتي.
تطور سريع
متى بدأتِ مشوارك الاحترافي مع اللعبة؟
تطور أدائي بشكل سريع، ما أهلني للمشاركة عقب شهور في أول بطولة محلية، والتي كانت بطولة الإمارات للفئات الناشئة، والتي بدأ معها مشواري الاحترافي، حيث تمكنت من نيل المركز الثاني تحت سن الثامنة، وذلك على الرغم في حداثة عهدي باللعبة، ولهذا كنت سعيدة للغاية، ما دفعني للمشاركة بعدها في بطولة آسيا للشطرنج، والتي كانت أول بطولة خارجية أشارك فيها، وبعدها شاركت في بطولة العرب وحصدت المركز الثالث، ومنذ ذاك الوقت أدركت أهمية وقيمة المشاركة في تلك البطولات الدولية، واعتبرتها مهمة وطنية لرفع علم دولتي الغالية.
كيف تطورت مسيرتك الرياضية حتى بلوغ مراتب عالمية باللعبة؟
جاء تطور مسيرتي الرياضية نتيجة للمواظبة على التدريبات على أيدي أمهر المدربين الدوليين، الذين كان لهم دور كبير في تنمية قدراتي باللعبة، وبعد ذلك تأتي المشاركة الواسعة في البطولات المحلية والآسيوية والعالمية، والاحتكاك بأمهر اللاعبين من مختلف الجنسيات، الأمر الذي ساهم في صقل خبراتي بمرور الوقت.
ما المواصفات التي يجب أن تتحلى بها لاعبة الشطرنج المحترفة؟
حسن الأخلاق وحب الخير للغير والصبر.
كيف تمكنت من الموازنة بين العمل كطبيبة بيطرية وممارسة رياضة الشطرنج؟
كان الأمر في غاية الصعوبة، ولكني بالمثابرة أحاول أن أوازن بين عملي وشغفي الرياضي، وأفعل ما بوسعي لتنظيم وقتي، حتى أتمكن من المواظبة على التدريبات والمشاركة في البطولات.
ما أصعب اللحظات التي تمر عليكِ خلال المباريات؟
كثيرة هي اللحظات الصعبة التي أعيشها في أجواء البطولات، التي تأتي أحياناً نتيجة توقع جميع من حولي فوزي المحتوم، ما يضع على كاهلي مسؤولية عدم خذلان نفسي وخذلانهم، وكذلك عندما أكون في مشاركة خارجية وتكون عائلتي في انتظار سماع الخبر السعيد بفوزي، هذا إلى جانب عندما أتعرض لضغط الوقت وتبدأ أفكاري بالتشتت.
وكيف تتخطينها؟
في مثل هذه المواقف أبدأ بتهيئة نفسي قبل المشاركات بالبطولات المحلية والدولية، وذلك بذكر الخالق وتحفيز معنوياتي واستحضار قيمة التحلي بالصبر وأهمية عدم استباق الأحداث، وتذكير نفسي خلال البطولة بأن المنافسات لم تنتهي بعد، ويجب علي خوضها حتى النهاية. وكذلك أتذكر قول مدربتي ميشا بضرورة التركيز على قطع الشطرنج وليس على الخصم، وهذه إحدى الجمل التي تجعلني أتخطى اللحظات الصعبة.
هل بإمكانكِ أن تسردي لنا أبرز لحظات الفرح التي عشتيها خلال مشاركاتك بالبطولات المحلية والدولية؟
كان أول شعور فرح حقيقي عندما حصدت المركز الأول في بطولة العرب للفئات الناشئة عام 2013، حيث كانت ثالث مشاركة عربية لي وكنت أبلغ حينها من العمر 13 عاماً، حيث بكت أمي من شدة فخرها وسعادتها، كانت دموع الفرح هذه سر سعادتي بهذا الإنجاز. وعلى الرغم من مرور الأعوام إلا أنني ما زلت أتذكر جيداً صعوبة المنافسات بيني وبين مختلف اللاعبات من الوطن العربي. وقد تكرر الإنجاز مرة أخرى في بطولة العرب التي أقيمت في دولة الإمارات عام 2018، وتمكنت من الفوز بالمركز الأول. ولهذه البطولة ذكرى خاصة حيث أقيمت في السنة الأولى لدراستي الجامعية، حيث كنت أواجه الكثير من الأعباء الدراسية المستجدة، وعلى الرغم من ذلك كان لدي الإصرار والعزيمة لحصد اللقب وتشريف اسم دولتي، وبالفعل تمكنت من الفوز في جميع الجولات، وحصدت العلامة الكاملة، ولم أكن أصدق حينها عند انتهاء الجولة الأخيرة وإعلان الفوز، وقتها كنت أتشوق لمهاتفة والدتي وعيناي تملؤهما دموع الفخر والفرحة بذلك الإنجاز.
هل تمنح رياضة الشطرنج لاعبيها قدرات ذهنية مضاعفة بالمقارنة بأقرانهم؟
أرى أن القدرات الذهنية تختلف من شخص لآخر، ولكن يمكن للعبة تطوير القدرات الذهنية في الحياة بشكل عام، وأيضاً تعتمد على الشخص ذاته في تطوير هذه المهارة، والتي لا تقتصر على اللعبة فقط، بل هناك عدة أنشطة كذلك يمكنها أن تزيد من القدرات الذهنية.
كيف غيرت رياضة الشطرنج من طريقة تفكيرك وتعاملك مع المواقف الحياتية؟
رياضة الشطرنج علمتني قيمة لذة الفوز بعد الخسارة، وأن أسعى دائماً لتحقيق الهدف وعدم الاستسلام، وأيضاً إيجاد الطريقة المثلى للوصول للهدف، والحرص على التخطيط للمستقبل، وكذلك منحتني الشعور بالتميز، وذلك لأنها رياضة تختلف عن بقية الألعاب الرياضية.
ما مشاريعك الحالية؟
أعمل على مواصلة تطوير ذاتي في الشطرنج، وأيضاً في مسيرتي المهنية كطبيبة بيطرية، وأحضر حالياً لإطلاق مشروعي التجاري الخاص.
ماذا عن أحلامك المستقبلية؟
أحلامي لا تتوقف ودائماً تتجدد، إذ أتمنى أن أصل في رياضة الشطرنج لأعلى المستويات والحصول على أعلى الألقاب وهو لقب WIM وWGM، وكطبيبة بيطرية أطمح بأن أنفع مجتمعي ومهنتي.