#منوعات
ياسمين العطار الأحد 24 مارس 12:30
تسعى سعادة خديجة محمد العاجل الطنيجي، مدير عام مركز أمان لإيواء النساء والأطفال، الذي قامت بتأسيسه، إلى تحقيق رؤية «المركز»، وإحداث تغيير إيجابي في حياة هؤلاء الأشخاص، بفضل خبرتها الواسعة بمجال تنمية المجتمع، التي امتدت إلى 13 عاماً، وعزيمتها وشغفها بالمساعدة، وجهودها في حث المحتاجين على رؤية النور المنبعث من وسط الظلام، رغم الصعاب والتحديات. مؤكدة سعادتها، في حوارها مع مجلة «زهرة الخليج»، أن قيم مساعدة الآخرين، وبث الأمل في النفوس، تمنح الشعور بالرضا، وتحقيق الذات، والسلام النفسي.
وأشارت سعادتها، خلال حديثها، إلى حرص «المركز» على الوصول إلى مجتمع خالٍ من العنف، من خلال العمل المتكامل لفريق عمل المركز، والأنشطة والفعاليات والبرامج والورش والمحاضرات المجتمعية، التي تقدم بأساليب تفاعلية، وبحسب الفئات المستهدفة.. تالياً نص الحوار:
على مدى 13 عاماً من العمل بمجال تنمية المجتمع.. ماذا تذكرين من تلك الرحلة؟
كانت رحلة مملوءة بالتحديات والنجاحات، وقد عملت - خلال تلك السنوات - على تعزيز القيم الاجتماعية والتربوية والأخلاقية في نفوس المنتسبات، كبيرات السن والفتيات، بمختلف مؤهلاتهن وفئاتهن في مركز التنمية الاجتماعية، وذلك خلال مسيرتي التي تدرجت عبرها في العديد من الوظائف، ابتداءً من مديرة مركز إيواء لضحايا الاتجار بالبشر في رأس الخيمة، ثم مستشارة في «الهلال الأحمر الإماراتي»، وحالياً مدير عام مركز «أمان» لإيواء النساء والأطفال، الذي تم تأسيسه لمنح الحب والرعاية لشريحة تستحق العطف والاهتمام.
نقلة كبيرة
تسلمت إدارة مركز «إيواء» لضحايا الاتجار بالبشر.. كيف كانت هذه التجربة؟
كانت نقلة كبيرة بالنسبة لي، وتجربة ثرية بعطاءات وإنجازات تحققت بفضل وجودنا في دولة الإمارات، التي أحدثت تقدماً رائداً في مجال مكافحة كل أشكال التمييز والعنف ضد المرأة والطفل، بعدما أولت اهتماماً خاصاً للتصدي لهذه الآفة الدولية، من خلال استراتيجية وطنية شاملة، تهدف إلى اتخاذ التدابير الوقائية، وسن القوانين والتشريعات اللازمة، وحماية ضحايا العنف، وبرامج الدعم والرعاية لهم، عن طريق مراكز متخصصة ومجهزة، توفر لهم بيئة آمنة ومستقرة، وتقدم الدعم المادي والصحي والنفسي والاجتماعي، انطلاقاً من رؤية قيادتها الرشيدة بأهمية ترسيخ قيم التسامح والمساواة، والمحافظة على كرامة الإنسان، وحقه في العيش بأمن وأمان دون تمييز عرقي أو ديني أو ثقافي، فأصبحت الدولة مساهماً أساسياً وفاعلاً في الجهود الدولية للتصدي لأشكال العنف والجريمة ضد المرأة والطفل.
منذ توليكم مسؤولية تأسيس مركز «أمان».. ما دور «المركز» في رعاية ضحايا العنف وجرائم الاتجار بالبشر؟
نعمل على تقديم خدمات الإغاثة، بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، واستقبال ضحايا العنف وجرائم الاتجار بالبشر، حيث يجدون المأوى المؤقت لهم؛ لتلقي الرعاية الضرورية قبل العودة إلى بلدانهم. ويتم ذلك في جو من الود والاهتمام، وباتباع كل التدابير الصحية والنفسية والقانونية اللازمة في مثل هذه الحالات. كما ننظم مبادرات مجتمعية داخلية وخارجية هدفها نشر الوعي، حيث تعد الوقاية والتثقيف جزأين رئيسيين من استراتيجية المركز، وذلك بخطط ومبادرات ونشاطات محلية ودولية، تدعم نشر الوعي ومكافحة هذه الجرائم والوقاية منها، عبر تنظيم ورش ودورات ومحاضرات خارج المركز، وإعداد برامج في المدارس تهدف إلى التوعية المجتمعية، كما يعمل «المركز» على تعزيز الوعي لدى الضحايا، بضرورة تجنب الوقوع في شباك المتاجرين بالبشر مرة أخرى، وتزويدهم بالمعرفة والوعي الكاملين بخصوص هذه الجريمة.
لماذا حرصتم على الجمع بين المرأة والطفل؟
لكون هاتين الفئتين الأكثر ضعفاً في المجتمع، سعينا إلى توفير سبل الحماية والرعاية لهما.
كيف ساهم «المركز» في دعم النساء والأطفال نفسياً، وتأهيلهم اجتماعياً؟
نهتم في «المركز» بالرعاية، حيث تكون الحالة النفسية للضحايا حساسة جداً، وتحتاج إلى رعاية نفسية متخصصة وعالية المستوى. ويتم في «أمان» توفير كل خدمات الرعاية الصحية والنفسية والقانونية للضحايا على يد فريق من المتخصصين؛ لمساعدتهم على تخطي محنتهم، إلى جانب خدمة إعادة التأهيل مع تواصل الدعم النفسي للضحايا بتنظيم دورات تعليمية وحرفية وترفيهية؛ لمساعدتهم على تخطي تجاربهم القاسية، والاستعداد للعودة إلى الحياة الطبيعية في بلدانهم. ويسعى خبراء «المركز» إلى تجنب أوقات الفراغ القاتلة، واستغلالها بما يعود بالنفع على الضحية مستقبلاً، حيث يحتوي «المركز» على كل وسائل الترفيه والتعليم والتدريب، وأهم مجالات التدريب تتمثل في تعلم اللغات والحرف اليدوية والمهارات المهنية البسيطة، إلى جانب الفنون، وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، يقوم «المركز» بعملية المتابعة، بعد التأكد من صحة وسلامة الضحية. وبعد قضاء فترة خاصة في إعادة التأهيل والتدريب، يتم التنسيق مع الجهات المعنية في بلد الضحية، واتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة، لإتمام إجراءات انتقالها مع مواصلة التنسيق؛ للتأكد من توجيهها إلى مؤسسة متخصصة في رعاية ضحايا الاتجار بالبشر في بلدها؛ لمتابعة إعادة التأهيل، وتجنب سقوطها مرة أخرى في شباك المتاجرين بالبشر.
صدى عالمي
ما أبرز الإنجازات، التي حققها «المركز»؟
حقق «أمان» الكثير من الإنجازات، من خلال الخدمات المقدمة إلى الحالات المستفيدة من المجالات التي نرعاها، كما تمكن من تنظيم المؤتمر الإقليمي الأول لمناهضة العنف ضد المرأة والطفل، الذي استعرض خلاله تجربة دولة الإمارات ودول العالم في هذا الشأن، وقد حقق صدى عالمياً واسعاً؛ ما حفزنا على إطلاق نسخة ثانية من هذا الحدث الدولي الرائد. وحصل «المركز» على العديد من الجوائز محلياً ودولياً، ومن ضمنها جائزة العمل الإنساني من الجمعية النرويجية.
تواكبين كل منصب بمبادرات نوعية.. ما الذي تذكرينه بفخر؟
لكل مرحلة رونقها، بالنسبة لمبادرات وزارة التنمية الاجتماعية، تركزت فكرتي على استحداث حافلة توعوية متنقلة، لاقت استحساناً كبيراً، وشاركت في الكثير من البرامج بوزارة التنمية، كما أقمنا قرية تراثية داخل مركز التنمية الاجتماعية، وشاركت في معايير التميز الخاصة بالوزارة، وكنت عضواً رئيسياً في جائزة الناموس الخاصة بالتميز الوظيفي، وحصلت على جائزة الناموس، وجائزة فتاة رأس الخيمة المثالية، وجائزة الموظف المتميز. لكن مركز «أمان»، هو إنجازي الأهم، إذ إنه مرتبط بي؛ لدرجة أنني عندما أقول مركز «أمان»؛ أعني «خديجة»، فقد أسسته من الصفر، بدءاً من الشعار واختيار المبنى، إلى وضع القوانين والمعايير والسياسات الداخلية، مروراً باختيار فريق العمل. فكل ما يحيط بهذا الإنجاز رائع وجميل، وطموحي أن أخدم دولتي حيثما وُجدت.
كيف تتعاملون مع حالات العنف الأسري؟
هذه الفئة شديدة الحساسية، والتعامل معها يجب أن يكون بتفهم وإحساس عاليين؛ لذلك أعمل بشكل شخصي على متابعة «المركز»، ومستجداته، على مدار الساعة؛ لمتابعة حالاته؛ لأن هذا العمل هو حياة بكل ما يحمله من متعة وحب وشغف. فيوماً بعد يوم، نتلمس فرحنا بالإنجاز الذي يخفف وطأة التعب، وبعد النجاح في دمج الحالات مجتمعياً، وكسر حاجز الخوف، وإعادة بناء الثقة عن طريق الدورات والتوظيف، وإيجاد الحلول الكفيلة بعودة الحياة إلى طبيعتها، حيث إن 90% من الحالات عادت لتدمج داخل أسرها، بعد معالجة الأسباب، وتقريب وجهات النظر.
تأقلم
ما أشهر أسباب الخلافات الزوجية، التي تقصد «المركز»؟
يكون سبب المشكلات مادياً في الأغلب، وينتهي عنفاً جسدياً. وهناك حالات عنف بين الأسر المقيمة، والدولة تحتضن النساء المعنفات في هذه الحالة، ويشكل «المركز» ملاذاً لهن، ويقدم خدمات الإيواء والدعم النفسي والاجتماعي والمتابعة القانونية، وحتى تغطية الفجوة المالية، وتوفير بعض الوظائف لبعض النساء، لأننا نحاول إعادة الحياة إلى طبيعتها. كما نعمل على إعداد برنامج تأهيلي للمقبلين على الزواج؛ لإعطائهم النصائح والمعلومات الواجبة معرفتها عن الحقوق والواجبات الزوجية لكلا الطرفين، وكذلك حول كيفية التأقلم في الحياة الزوجية للمقبلين على الزواج.
إذا تطرقنا في حديثنا إلى فئة المراهقين، فما أكثر شكاواهم وأزماتهم؟
المراهق، شاباً أو فتاة، يرى أنه معنف من كل أفراد المجتمع؛ بمجرد منعه من القيام بشيء مخالف للعادات والتقاليد، وعادة يكون العنف موجهاً من الأخ أو الأب أو الأم، وفترة المراهقة هي الأكثر صعوبة، وقد زادت صعوبتها في السنوات الأخيرة بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، وما سببه هذا الانفتاح الكبير على العالم من آثار سلبية، أدخلت آفات من الأفكار إلى مجتمعاتنا. ونسعى في «المركز» إلى إطلاق برامج تأهيلية لصقل مدارك المراهقين، ومعاونتهم على تجاوز هذه المرحلة الحرجة.
ما طموحك المستقبلي؟
طموحي لا حدود له، فهو يعانق السماء، وجميع منعطفات الحياة خبرات وتجارب؛ لذلك أنا راضية كل الرضا عما مضى، وأتطلع - بكل ثقة - إلى مستقبل مشرف، ومثمر.