#منوعات
أمل نصر الدين 24 مارس 2024
خلال «يوم الأم»، تصحبك إيمان العيسى، الحاصلة على درجة الماجستير في علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي، ومدربة الوعي، والمتخصصة في علوم الطاقة، والتنمية الذاتية، في رحلة وعي؛ للاطلاع على المعتقدات الإيجابية والسلبية المرتبطة بالأمومة، وكيف يمكن للأم أن تصنع علاقة صحية ناجحة مع أبنائها، من خلال العطاء المثمر البنّاء، لتبدأ رحلة التغيير الإيجابي لها، ولمن حولها.
كيف انتقلت من علوم الكمبيوتر إلى «التنمية الذاتية»؟
بدأت رحلتي في هذا المجال لدعم وتحفيز نفسي، وتطوير ذاتي. فبعد قرابة الـ20 عاماً من البحث في علوم الوعي وتطوير الذات، قررت نقل هذا العلم إلى أكبر عدد من الأشخاص؛ لأساعدهم على التطور ورفع الوعي، والاستفادة من تلك العلوم؛ لتحسين جودة حياتهم.
موضوعنا عن المعتقدات.. فما المقصود بـ«المعتقد»؟
«المعتقد» فكرة تأصلت في برمجة الإنسان، فالإنسان مكون من عقل وروح وجسد ونَفْس. والنفس نتاج التقاء الروح مع الجسد، وهي التي تكوّن حياة الإنسان بجميع علاقاته ومشاعره وأفكاره. ففيها برمجة معينة توجد داخل «العقل الباطن»، الذي يمثل المحرك الأساسي لجميع جوانب حياتنا، وهذه البرامج كافة موجودة على هيئة معتقدات، وسبب تسميتها بـ«المعتقد»، أنها دخلت إلى النفس؛ فشكلت عقدة يصعب حلها. فـ«المعتقد» فكرة تأصلت في النفس البشرية، وكانت مدعومة بمشاعر قوية حتى كونت عقدة؛ لهذا سميت بـ«المعتقد». وهناك معتقدات إيجابية، وأخرى سلبية، ولكي يتطور الإنسان لا بد له أن يغير المعتقدات السلبية، التي تعوقه عن الاستمتاع بحياته، وتحقيق أهدافه.
معتقدات.. وموروثات
ما المقصود بالوعي؟
الوعي هو رفع جودة اختياراتنا في الحياة؛ لنحصل على واقع أفضل، من خلال الإكثار من المعتقدات الإيجابية، وإزالة المعتقدات السلبية، التي تعوق الاستمتاع والنجاح في الحياة. والوعي الذاتي هو أن نركز على أنفسنا، بهدف التطور، والنمو، وتحسين الحياة. وتصنع المعتقدات واقع الإنسان؛ لهذا كان علينا مراجعة معتقداتنا حتى نحصل على واقع مغاير، من خلال تغيير الأفكار والحوار الذاتي، التي تعمل على صناعة «المعتقد».
ما مصادر المعتقدات؟
هناك مصادر عدة للمعتقدات، منها ما ورثناه عن أجدادنا، ويكون محفوظاً في شفرتنا الوراثية وحمضنا النووي (DNA). والمصدر الثاني للمعتقدات هو العقل الجمعي للمجتمع والبيئة، اللذين يولد فيهما الإنسان. أما المصدر الثالث للمعتقدات، فهو الخبرات والتجارب الفردية والمواقف الحياتية، التي تمر بالفرد في مراحل حياته كافة. ومن أهم مصادر المعتقدات والبرمجة الذاتية: الكلمات، والحوار الذاتي، وتكرار الجمل والعبارات نفسها.
التغيير يأتي تدريجياً
ونحن في شهر الاحتفال بـ«يوم الأم».. تعاني أمهات عديدات واقعاً مؤلماً مع أبنائهن، رغم بذلهن كل أسباب الحب، فما سبب حصولهن على أبناء جاحدين؟ بدايةً، لا بد أن نعرف كيف تتم صناعة الواقع. فالواقع عبارة عن أفكار تولد مشاعر، هذه المشاعر تولد ذبذبات تصنع الواقع والسلوك. والفكرة الإيجابية تصنع واقعاً إيجابياً، والفكرة السلبية تولد واقعاً سلبياً. وفي هذه الحالة يجب أن تتوقف الأم، وتسأل نفسها: هل ما بذلته لأبنائها كان تضحيةً أم عطاءً؟
ما الفرق بين التضحية، والعطاء؟
التضحية فكرة مقرونة بالخسارة والفقدان، ودوماً ينتظر صاحب التضحية التعويض، ويعقبها الندم حينما لا يجد الشخص ما يتوقعه. وبالتالي يتولد واقع سلبي. أما العطاء، فهو فكرة إيجابية؛ لأن العطاء مربوط بالوفرة، والعوض المنتظر من الله لا من البشر، وبالتالي تصنع فكرة العطاء واقعاً إيجابياً، فحينما تعطي الأم وهي تربط العطاء بالسعادة؛ سيتجلى ذلك في عالمها واقعاً سعيداً.
العطاء.. وفرة وحب
ما سبب انتشار معتقد التضحية، المرتبط بالأم في المجتمع الشرقي؟
غالباً، يكون هذا المعتقد موروثاً من الأمهات والجدات، فالأم يجب عليها أن تضحي بكل ما لديها، وتبذل كل ما تملك من وقت وجهد لأبنائها دون مقابل، حتى إن كانت هذه التضحية على حساب نفسها وراحتها وصحتها، وهذا معتقد خاطئ؛ لأنها تجني في النهاية واقعاً غير مُرضٍ بتدهور حالتها الصحية والنفسية، وأبناءً غير مقدرين لوالدتهم، يأخذون فقط.. ولا يعطون.
كيف نساعد الأمهات؛ ليتحولن من «التضحية السلبية» إلى «العطاء الإيجابي»؟
عطاء الأم لأبنائها قرار واختيار، ولا يوجد ما يلزمها بذلك، خاصة الإنفاق المادي، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن إنفاق الأم على أبنائها يحتسب لها صدقة، وهذه أول جائزة تجعلها تعطي، وهي تعلم عظم هذا الثواب؛ فهي تعطي عن سعة ووفرة وسعادة؛ فتترسخ فكرة هذا المعتقد لديها بأنها حينما تعطي أبناءها تكون مستفيدة من هذا العطاء، وستجني منه خيراً كثيراً.
كيف تكون صورة العطاء الإيجابي؟
العطاء يجب أن يكون بتوازن وعقلانية، بعيداً عن أي اندفاع يؤثر في صحة الأم أو حياتها، أو يولد لديها شعوراً بالضغط، وأن تكون حكيمة في عطائها، وأن تعطي دون توقعات، ودون انتظار المقابل؛ فلا يجب أن تتوقع من أبنائها في «يوم الأم»، مثلاً، تقديم هدية معينة أو إقامة حفلة كبيرة. وعلى الأم العمل على أن تكون مكتفية، وأن تهتم بنفسها جيداً، وتقدرها فتنعكس تلك المشاعر على عالمها وكل من حولها.
ما التوقيت الصحيح للأم؛ لتكون معطية، وليست مضحية؟
الأمر يجب أن يبدأ من التربية، فيجب أن تتعلم الأم كيف توازن في عطائها وحبها بجميع جوانب حياتها، وتربي أبناءها على الأخذ والعطاء والمسؤولية؛ حتى يستطيعوا، مستقبلاً، أن يدبروا أمور حياتهم، ويرعوا أبناءهم بتوازن أيضاً. ودوماً لا يوجد وقت متأخر؛ فحتى إن أدركت الأم، مؤخراً، أن طريقتها في تعاملها مع أبنائها خاطئة؛ فبإمكانها بالتدريج أن تحدث تغيرات في أسلوب تعاملها؛ حتى تصل إلى نتائج مرضية. التغيير ليس بالشيء الصعب، لكنه لا يحدث فجأة أو دفعة واحدة، بل يحدث بالتدريج، وهذا أنجح تغيير.
ما أهم مقوم يجب أن تحرص عليه الأم في تربية أبنائها؟
أن تعلم أبناءها مبكراً تحمل المسؤولية؛ فهذا مقياس الأمومة الناجحة؛ ليصبحوا مستقلين وناجحين، وليستطيعوا أن يواجهوا تقلبات الحياة بثبات؛ وأن يتحملوا مسؤولية أنفسهم ليبنوا أسرة ناجحة.
كيف تعرف الأم أنها وصلت إلى مرحلة التوازن؟
حينما تتمتع بالسلام داخلياً وخارجياً، هنا تكون قد وصلت إلى التوازن الحياتي، وهذه قمة السعادة، والوصول إلى الوعي.