#سياحة وسفر
لاما عزت 6 يناير 2024
أن تعيش الحلم، يعني أنك تمر بموناكو، ويعني أكثر أنك تتنفس هواء المتوسط.. موناكو جارة البحر اللازوردي، تقع جنوب شرقي فرنسا، ورغم أنها ثاني أصغر بلد في العالم (بعد الفاتيكان)، فإنها تأتي بمقدمة الأماكن الرائدة في مجال الحفاظ على البيئة. من يمر هنا، يقف أمام راديو مونت كارلو، يتذكر البرامج والأصوات، ويظن أن مونت كارلو بحجم الكون، لكنه حينما يقترب أكثر، يعرف أنها أحد أحياء المدينة التي أسسها الفينيقيون، لتكون ملاذاً للتجار، وعابري السبيل، في رحلتهم المتوسطية نحو أصقاع العالم.
يصل عدد سكان موناكو إلى 40 ألف نسمة، يتوزعون بكثافة الورد على مساحة تبلغ 2.02 كيلومتر مربع. وفي الواقع، موناكو هي الدولة الأكثر كثافةً في العالم، وجاء اسمها «جبل كارلو» (مونت كارلو) نسبة إلى الأمير كارلوس الثالث، الذي رسم أفقاً لها عام 1866.
سحر الطبيعة
يُشكّل البحر المتوسط نافذة مونت كارلو على أزرق شاسع، هنا الميناء، والمياه اللازوردية، وهنا يرسو أروع تصاميم اليخوت وأحدثها، كأن الإبحار لون من ألوان الترف الخاص، والمتعة، والاكتشاف؛ فتدفع من يزورها ليقول: «هنا السعادة»! فالمكان بحجم قلب! هنا اليخت الملكي، وهناك مئات اليخوت، وهنا تفتح السياحة ذراعيها؛ ليكون كلّ زائر في قلب الطبيعة، والفن، والجمال، والترف.
وحينما ننتقل من شارع إلى آخر، نشعر بأن كل شارع يمثل مدينة. على سبيل المثال، شارع «لا كوندامين»، الذي يعتبر أقدم الأحياء، فإنه مبهر بإطلالاته، والمقاهي المطلة على البحر، وما يتمتع به من سحر الطبيعة، ففي أي التفاتة هناك جبل، وبحر، وفنون، وطبيعة ساحرة؛ ما يجعل موناكو وجهة لأثرياء العالم.
هنا الأمان، والبذخ، والرفاهية، والجمال، ويكفي أن تقطع مساحة موناكو الصغيرة، التي تتمتع بأهم المعالم السياحية، لاسيما أن موقعها على سفح جبال الألب، فتحلو الجولات نحو حلبة سباق السيارات السريعة «الفورمولا 1».
فيما يشكل القصر الملكي تحفة معمارية تاريخية، كونه يعود إلى القرن الثاني عشر، لهذا ليس غريباً أن تتزين جدرانه بلوحات تعود إلى عصر النهضة، وتشكل الرسوم الجدارية والسقفية في القاعات الإيطالية مظهراً جمالياً مبهراً، كأننا داخل فيلم سينمائي، تريد أن تقرأ كلَّ صورة، وكلَّ لون، وكلَّ وجه فيه، وتتساءل: أي أنامل صنعت كلَّ هذا الجمال الحضاري؟! إلى جانب التحف والقطع النادرة، التي تعكس الفن والجمال والبذخ أيضاً، من الطاولات، والرخام، والخشب، والأقواس أيضاً.
متحف علوم المحيطات
ولأن موناكو «جارة البحر»، فقد تميزت في العلوم البحرية، وفي كل ما يرتبط بالبيئة، وهذا ما يعكسه متحف علوم المحيطات، الذي يتميز بالعمارة الحجرية، والتصاميم التي توحي بعمق التاريخ.
تأسس المتحف عام 1910، ويحتوي على أكثر من 4 آلاف كائن من الأجناس السمكية واللافقريّات، إلى جانب بحيرة لتربية القرش، كما يضم مركزاً عالمياً للعلوم البحرية، أشرف عليه العالم جاك كوستو، منذ 1957 وحتى 1997. وفي موناكو، أيضاً، عدد من المتاحف، يشكل البحر فيها المفردة الأولى بكل ما يرتبط به من سفن وكائنات، ترسم طريق الإبحار نحو آفاق العلم والحياة معاً.
ولا تستغرب حينما ترى ما يضمه متحف موناكو لعلوم المحيطات، من مجموعة نفيسة من مجسّمات السفن، وأدوات الصيد، ومعدات الملاحة، وبعضها من عهد الفينيقيين إلى اليوم. ويقف قريباً منه متحف السيارات، ومتحف النقود، ولا ننسى الحدائق الممتدة، والأخضر المزدهي بالعصافير، لنقول: «هنا تتجلى البيئة النظيفة، وهنا يصير للحلم معنى».
الحديقة اليابانية الهادئة، هي أيضاً، من المحطات المهمة في جولتنا، قبل العبور إلى الحي القديم، الذي يقوم على صخرة ضخمة «Le Rochere»، ويرجّح أن بعض آثاره يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد. ويضمّ هذا الحي مجموعة من المباني القديمة من العصور الوسطى، وشوارعه مقصورة على المشاة، إذ يحلو التنزّه فيها، وفي متاجرها التي تعرض مصنوعات حرفية راقية، وتذكارات رائعة.
موقع استثنائي
تمتد الحكاية من مكان إلى آخر، فمن موقع فندق «دو باريس مونتي كارلو» الاستثنائي في القلب النابض لإمارة موناكو، حيث خضعت المساحات المحيطة بـ«بلاس دو كازينو»، لعمليات تجديد مذهلة، رسمت خطوطها الملامح العصرية لهذه المنطقة. وقد كتبت بين جدران الفندق، وفي قاعاته، أجمل فصول تاريخ هذه الإمارة، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1864، في عهد الأمير كارلوس الثالث، وخضع للترميم والتحديث، ليكون أحد أشهر وأهم المعالم هنا.
وتشهد قاعات هذا الفندق أهم الحفلات الموسيقية، كأن التاريخ كتب بالموسيقى، والفن، والشعر، فمنذ أكثر من 150 عاماً، لاتزال القاعات تشهد أجمل الاحتفالات والسهرات للعائلة المالكة، وأهم نجوم الفن، والرياضة، والاقتصاد، في العالم.
جوهرة هذا الفندق، هي قاعة الإمبراطورية، وهي من المعالم التاريخية، فيدهش من يرى الأسقف والثريات، والإطلالة، والمنظر الساحر، الذي تطلّ عليه من واجهتها الزجاجية.
نعيش هنا حلماً، بين أعمدة المرمر الإيطالي، التي شهدت عشرات المسابقات لملكات جمال العالم، وعباقرة الفن والموسيقى والفكر، وأجمل نساء الأرض، وسيدات الموضة والتصميم والأناقة.
من هنا مرت «كوكو شانيل»، وتبرعت عام 1923 لفرقة الباليه الروسية في دار الأوبرا، ومع الأيام بات هذا الفندق مكان إقامتها المفضل.
أن يرتبط المكان بالموضة والتصميم، فتلك حكاية أخرى. ففي عام 1924، قامت «كوكو شانيل» بتصميم ملابس أحد عروض فرقة الباليه، التي تعتبر أول «مجموعة صيفية» في عالم الأزياء، والتي تشبه لباس البحر.
نعم.. كل ما نقرأه عن فندق باريس، يركز على الوجوه، والأعلام، وصداقة جان كوكتو مع سلفادور دالي. هنا، بنت بيت أحلامها المحاط بأشجار الزيتون والبرتقال، وهنا رسم بعض الفنانين أهم لوحاتهم. كما يضمّ الفندق جناحاً مذهلاً، يحمل اسم غريس كيلي.
حضور أسطوري
أعاد فندق «دو باريس مونتي كارلو» ابتكار نفسه، من خلال التألق بنمط جديد من غرف نوم ذات حجم أكبر، فتبلغ على الأقل 34 متراً مربعاً، مع أبعاد مذهلة تعزز المساحات المفتوحة، واللغة المعاصرة للمكان. ويحتضن الفندق 209 غرف، تتميز بتصميم كلاسيكي أو حديث، بالإضافة إلى 43 غرفة متجاورة. وتمت الاستعانة بأجود المواد المترفة، بما فيها: الحرير التوشاري للمراتب، والثريات، والمصابيح المصنّعة من زجاج مورانو، بينما ازدانت الأرضيات برخام كالاكاتا الأبيض، وتألقت التفاصيل الجلدية بإبداعات من علامة الفخامة الإيطالية «إيليت»، التي تتوافق منتجاتها مع المعايير البيئية الصارمة. أما أغطية الأسرة، فتحمل توقيع شركة كواليتي الإيطالية، وهي منسوجة من مواد صحية وعضوية، مثل: قطن بيما، وحرير الأنديز؛ بينما تتألق منتجات الحمام بإبداعات من علامة «جيرلان». وفي النهاية، تساهم النفحات التي تعبق برائحة الفاكهة والعبير الآسر، من عطور دكتور فرانجيس، في تعزيز مفردات الأناقة والرقي داخل الفندق. كما تتمتع غرف النوم الجديدة بإطلالات رائعة ومتنوعة على الفناء الداخلي المزروع بالأشجار، أو على المعالم الخلابة لإمارة موناكو.