#تحقيقات وحوارات
إشراقة النور 1 يناير 2024
تتمتع كيوتو، عاصمة الإمبراطورية اليابانية السابقة ومقرها الروحي، بماضٍ مرموق، وحاضر يمثل ملاذاً للآثار الأكثر قيمة لحضارة اليابان القديمة، فالقصور والمساكن الملكية المحفوظة بين الأزقة والطرق القديمة، والمقاهي، والمسارات التي تحيط بها أشجار الكرز، والمزارات الغارقة في التاريخ والأساطير، إضافة إلى آلاف المنازل الخشبية (الماكيا)، جعلت المدينة مليئة بالأناقة التقليدية، والمناظر الطبيعية الخلابة، والحدائق الغريبة والواسعة، التي تدعو إلى التأمل، ويمثل كل ذلك مزيجاً من الروعة ينعش الحواس، هذا وأكثر تقدمه كيوتو إلى المسافر، فهي المدينة الأكثر زيارة في اليابان بعد طوكيو؛ إذ لا تفشل أبداً في إبهار أولئك الذين يستكشفونها.
القصر الإمبراطوري
يمكن أن تكون زيارة القصر الإمبراطوري «كيوتو غوشو» خياراً جيداً؛ لبدء اكتشاف كيوتو، ويقع في «إمبريال بارك»، وتأسس عام 794، وأصبح مقر البلاط الإمبراطوري، وكان مقر إقامة العائلة المالكة لمدة ألف عام حتى 1869، عندما انتقلت العاصمة إلى طوكيو. في الواقع، إنه ليس قصراً، لكنه مجمع مثير للإعجاب، يتكون من مساكن ومعابد ومقدسات قديمة وفاخرة، كلها محاطة ببستان مذهل وخلاب.
من القصور الأخرى، التي يُنصح بزيارتها في المدينة قصر «نيجو - جو»، وهو أكبر بكثير من القصر السابق (8 آلاف متر مربع)، وبه ثروة فنية غير عادية. هذا المكان، الشاهد المخلص على قوة شوغون توكوغاوا إياسو (أعظم حكام اليابان)، مثير للإعجاب من الخارج (خندق ضخم، وجدران حجرية، وبوابات دخول، وحدائق رائعة)، ومن الداخل حيث تُعرض روائع قيمة من الفن الياباني.
أضرحة.. ومعابد
مع أكثر من 2000 معبد بوذي، وما لا يقل عن 17 موقعاً للتراث العالمي لـ«اليونسكو»، تعد زيارة كيوتو فرصة لاكتشاف مهد الروح اليابانية من جميع جوانبها، ونبض القلب الإمبراطوري، الذي كان عاصمة البلاد لأكثر من أحد عشر قرناً، إذ تضم جواهر حقيقية من ثقافة البلد، مثل معابد: كينكاكو - جي، وجينكاكو - جي، ومسار الفلسفة، وضريح فوشيمي إيناري تايشا، وبوابات توريه، وكيوميزو ديرا.
رقعة شطرنج
تحاط كيوتو بتلال من أشجار الصنوبر والخيزران، ويمر عبرها نهر كامو، وتم ترتيب مخططها الحضري على شكل رقعة شطرنج، مثل عاصمة تانغ الصينية، وتتعايش المدينة في وئام تام مع وجهها الحديث، كواحدة من المدن اليابانية الرائدة في مجالات: العلوم، والتعليم، والفن، والتصميم. فبعد السير بين العديد من المعابد، يعد الذهاب إلى غابة «أراشيياما»، المشهورة بمساراتها الطويلة المليئة بالخيزران، متعة لا توصف، خاصة إذا اكتشف الزائر أن الصوت الناعم لجذوع الخيزران، التي تتصادم معاً، تم تصنيفه ضمن (100) مشهد صوتي لليابان.
آثار الجيشا
الذهاب إلى منطقة جيون، المركز الثقافي للمدينة، محطة لا يفوتها بشكل خاص أولئك الذين يبحثون عن آثار الجيشا القديمة. (أحدُ الرموزِ التقليدية لليابان)، حيث يقع مسرح «ميناميزا»، بالقرب من الشارع الرئيسي «هانامي كوجي»، وتحيط به البساتين، وأشجار الكرز.
وفي حديقة «ماروياما»، بالقرب من جيون، تُعد أزهار الكرز مناسبة لمهرجان يتم الترحيب به في شهر أبريل، وسط ضجة كبيرة، حيث إن «الذهاب لرؤية الزهور» يشبه الاحتفال بإعادة إحياء الطبيعة. لكن أولئك، الذين يرغبون في الاقتراب أكثر من عالم الجيشا، يجب أن يتجولوا في شارع «بونتوتشو»، وهو شارع مشاة واحد، تصطف على جانبيه المقاهي (أوشايا)، ومنازل الجيشا (أوكييا)، كمكان لايزال يُحتفظ فيه بهذا التقليد، ومطاعم مطبخ كيوتنس، والمتاجر التقليدية، ويمكن أن يكون سوق «نيشيكي» هو المحطة التالية على الطريق، إذ إنه مكان جيد للاستمتاع بالمأكولات اليابانية الغريبة والمتنوعة، وشراء الكيمونو الأصيل المصبوغ يدوياً.
توديع المدينة
ما لا ينبغي أن يفوته عشاق «المانغا» اليابانية القصص المصورة، أو الرسوم الغريبة، التي أنتجت في اليابان حيث المتحف الدولي في «مانغا»، ومحتوياته المليئة بالفضول والدهشة. وبمجرد انتهاء الجولة، فإن الطريقة التي لا تُنسى لتوديع المدينة هي تسلق برج كيوتو، الذي يبلغ ارتفاعه 131 متراً، والاستمتاع بمنظر بانورامي مذهل، من خلال التليسكوبات، التي تمتد إلى أوساكا.
فن حفل الشاي
نظراً لأن كيوتو مكان تقليدي في العديد من الجوانب، قد نعتقد أن مطبخها، أيضاً، كذلك. لكن، لك أن تتفاجأ بالتنوع العالمي المذهل في هذا المجال، بما في ذلك فن حفل الشاي وتنسيق الزهور المعروف باسم «إيكيبانا». ويمكن لعشاق الطعام الياباني، أيضاً، زيارة سوق «نيشيكي»، وهو زقاق طويل مغطى يعرض فيه التجار المكونات النموذجية لمطبخ كيوتو. والأطباق الرئيسية هي: أوكونوميياكي (فطيرة لذيذة)، وتاكوياكي (كرات الأخطبوط)، التي تحظى بشعبية كبيرة، وستجد أيضاً مجموعة متنوعة من المطاعم المتخصصة في السوشي والساشيمي. كما تجدر بك تجربة الشواء الياباني أو الكوري، أثناء وجودك هناك، فهو مصنوع عن طريق طهي اللحم بعناية على شواية فردية صغيرة، قبل تغليفه بالخس، أو وضعه على الصلصة، فهو الخيار الأمثل لمن لا يحبون الأسماك.