#منوعات
رحاب الشيخ 18 فبراير 2023
إذا سألنا الكرة الأرضية: هل أنت راضية عن سلوكيات البشر نحو بيئتنا التي نعيش فيها؟.. فسنجد أنها أجابتنا بالفعل، من خلال ما وصلنا إليه من تناقضات جذرية مخيفة، أثرت - ولاتزال - في المناخ والاستدامة والبيئة من حولنا.. فمن الجفاف الذي يؤدي إلى الحرائق، إلى الفيضانات غير المسبوقة، وقبلها الأمطار المغرقة، هذه كلها تأثيرات ضارة بالبشرية بسبب التغيرات المناخية، تطلق صافرات الإنذار؛ كي يسارع الجميع إلى العمل معاً؛ لإنقاذ الكوكب، وحمايته.
فكل ما نحتاج إليه فقط هو المزيد من الترابط والاتفاق على تطبيق نظام المحافظة على البيئة؛ فالمجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالألم والإعياء، لاسيما أن المخاطر المناخية الكارثية لن تفرّق بين غني وفقير، ولا بين عربي وأعجمي، فالكل في قارب واحد ينشدون الخلاص، ويبحثون عن نسمة هواء نقية، وبيئة خضراء خالية من الملوثات.
إن التغير المناخي يمثل التهديد الأكثر خطورة على مستقبل البشرية، وكوكب الأرض ككل، حيث إن تأثيره سيطال الصحة العامة، وتوافر الغذاء والمياه، والهواء وأماكن العيش وحتى الحياة البرية والتنوع البيولوجي. وبالتأكيد، إن الحصول على بيئة نظيفة، وخالية من الملوثات، يحتاج منا أن نبدأ من المنزل.. «زهرة الخليج» استطلعت رأي شريحة من أولياء الأمور، والمختصين، حول أهمية وعي الأفراد بالبيئة، والخطط والحلول التي يجب أن نضعها؛ كي نحافظ على كوكب مستدام؛ فكان التحقيق التالي.
البداية من البيت
بداية.. تشير حصة محمد (معلمة في إمارة رأس الخيمة)، إلى أنها تحاول غرس فكرة الاستدامة في أبنائها منذ نعومة أظافرهم، وكثيراً ما تحثهم على عدم إلقاء المخلفات في الشوارع، أو على الشواطئ، وعلى وضعها في الأماكن المخصصة لذلك، موضحة أنها كانت تعلم أبناءها زراعة بعض الحبوب، مثل: الفول، والعدس، في المنزل على قطعة من القطن، وتراقب نموها يوماً تلو آخر؛ لتشرح لهم أهمية الزراعة وفوائدها في تنقية البيئة من حولنا، عدا كونها مصدراً لطعامنا.
أما نهى محمود (ربة منزل)، فتقول: منذ أن قدمت إلى الإمارات، لمست النظام والنظافة في كل ما يحيط بنا، ومن يومها وأنا أحاول الالتزام بالقوانين، ومنها: عدم إلقاء المخلفات في الشوارع، وعدم تلويث الجو، حتى لو عن طريق تجنب التلوث السمعي بإطلاق زامور السيارات دون داعٍ، لاسيما أن الدولة تقدم الكثير من الورش التوعوية حول هذا الموضوع، فضلاً عن إقامة المسابقات، وتقديم الجوائز، وقد شاركت في إحدى المرات، بمسابقة أجمل منزل مستدام، وحصلت على المركز الثاني.
بدورها، تؤكد منال السيد (صيدلانية) أن العبء الأكبر في إرشاد الأطفال إلى المحافظة على البيئة يقع على عاتق أولياء الأمور، خاصة الأم فهي عماد المنزل، خاصة في حالة وجود خادمة بالنسبة للمرأة العاملة؛ لأن الكثيرات قد يغفلن أهمية توعية وإرشاد الخادمة دائماً؛ رغم أنها قد تبقى في المنزل مع الأبناء بمفردها لفترات طويلة، لافتة إلى أنها قد وقعت في هذا الخطأ، وكانت تعتقد أن الخادمة تعرف الكثير من مهارات الحفاظ على البيئة، حتى شاهدتها وهي تلقي القمامة بجوار صندوق القمامة في الشارع وليس بداخله، ومن يومها وهي تتابع تصرفات الخادمة والأطفال، حتى في الإجازات الأسبوعية.
جامعة الحياة
تقول المستشارة التربوية، الدكتورة نعيمة قاسم: علينا أن ندرك أهمية موضوع استدامة البيئة من حولنا، لأن الحفاظ على هذا الكنز مسؤولية مشتركة تبدأ من نواة البشر وهي الأسرة، خاصة الأم فهي مدرسة - بل جامعة - الحياة، وهي الداعم للبيئة المرجوة، بما تغذي به عقول الأبناء بإرشادات ونصائح يؤجر الإنسان عليها، ودورها لا يستهان به؛ فالأم التي توصي أبناءها - قبل الذهاب في رحلة إلى البحر أو البر - بأن يحافظوا على الكائنات البحرية والبرية من النفايات السامة مثل البلاستيك، ستكون نصيحتها حماية ودرعاً للماء والهواء والتربة، والحفاظ على بيئة نقية من الأوبئة.
وتستطرد، قائلة: الآباء والأمهات أيقونة الأرض الخضراء المستدامة لكون أبدعه الخالق، وسماء زرقاء صافية، وبحر زاخر بالعطايا والكنوز، وينبغي أن يعي أولياء الأمور أن الاستخفاف بهذه الأشياء فيه دمار البشرية، بينما الوعي الكافي بذلك هو سترة النجاة، وعلينا أن نحذر جميعاً حتى لا نجلس عند باب غرف «العناية المركزة» نسمع أصوات أجهزة التنفس الاصطناعي، بل لنجلس عند شاطئ البحر نسمع أصوات العصافير السعيدة بنقاء البيئة الخضراء، وكلا الأمرين في أيدينا، ونحن من نختار مستقبلنا بما نقدم من أفعال، وما نغرس من أفكار ورؤى.
فرز المقتنيات أولاً
من أهم القيم، التي تعمل دولة الإمارات على ترسيخها في المجتمع بشكل مستمر: المحافظة على البيئة، وعدم إهدار الموارد والاستدامة.. وهنا، توضح الدكتورة أيتن بركات، مدربة تنمية الذات وخبيرة التنظيم المعتمدة، بعض النصائح التي تقدمها للناس، من خلال تقديم ورش عمل؛ للتخلص من «الكراكيب» (الأشياء الزائدة على الحاجة)، أو إعادة تدويرها؛ للاستمتاع بمنزل صحي، مريح، وخالٍ من التوتر، وكذلك صديق للبيئة، ومن هذه النصائح: كتابة قائمة باحتياجاتنا من السلع الاستهلاكية قبل الذهاب للتسوق، إذ يجب فرز مقتنياتنا أولاً؛ لمعرفة ما ينقصنا بالتحديد، حتى لا نشتري المزيد من المنتجات بشكل عشوائي، وتتكدس لدينا. وعند الفرز، يمكننا إعادة استخدام ما لا نحتاج إليه بطريقة أخرى مبتكرة، لعدم الإهدار، مثل:
- إعادة استخدام صناديق الأحذية، وعلب المطبخ القديمة، التي من دون غطاء لتنظيم الأشياء داخل الأدراج والأرفف.
- يمكن استخدام مفارش السرير القديمة؛ لحفظ الملابس الشتوية داخل حقائب السفر المخزنة؛ حتى لا تشغل حيزاً في الخزانات.
- يمكن إعادة تدوير الملابس القديمة بعمل تصميم جديد لها، أو إضافة أزرار حديثة ومختلفة، كما يمكننا صناعة دمى من الملابس القديمة للأطفال، واستخدام الأزرار في صنع عيون أو أنف للدمى.
- يمكننا إعادة تدوير الزجاجات البلاستيكية، من خلال قص الجزء العلوي، واستخدامها كوعاء لزراعة بعض الورود، أو تزيينها بطرق مبتكرة لصناعة حامل للأقلام والأدوات المدرسية.